يوسف أبو لوز المعارف والفنون والآداب لا تتجزأ، بل تتجاور وتتكامل منذ ولادة الثقافات الحية ونموها وتجددها المستند دائماً إلى وعي المجتمعات وحركة التاريخ، وفي الإمارات، تلتقي ثلاثة مكونات للثقافة، وتحظى بدعم الدولة المادي والمعنوي، وتشير إلى هذه المكونات تحديداً وهي: المسرح، والشعر والفنون التشكيلية لكونها الأعمدة الثلاثة الأساسية التي تقوم عليها التنمية الثقافية في البلاد، وتالياً، الاستثمار في هذه التنمية التي عمادها الإنسان.. الأساس البشري الذي تنهض عليه الثقافات والحضارات.في الإمارات، كما يؤكد ذلك متخصصون ومتابعون للبيئات الثقافية العربية والعالمية.. قطاع مسرحي واسع شهد نمواً مطرداً منذ قيام الدولة وحتى اليوم، وأصبح هذا القطاع الذي يتألف من فرق محلية محترفة وعناصر فنية المقصود بها صناعة المسرح على أسس حرفية معاصرة.. أصبح قطاعاً له مردوده المادي، فهناك جمهور للمسرح يذهب إليه لأنه جزء من تكوينه الثقافي، ورغم توجه عناصر مسرحية إماراتية محترفة إلى التلفزيون الذي له فائدة مادية أكثر، إلا أن المسرح في الإمارات هو الجذر وهو المبتدأ، منذ أن كان فرجة شعبية في الخمسينات والستينات من القرن العشرين.من المهم القول هنا إن الحياة الثقافية النشطة في الإمارات، هي الحياة الثقافية المسرحية بالنظر إلى وجود أكثر من 300 مسرحي في الدولة من مؤلفين ومخرجين وممثلين وفنيين، فضلاً عن استقطاب رموز عربية مسرحية، وقيام ثقافة مسرحية عامة تتمثل في ورش العمل وفي الكتاب المسرحي، وفي النقد المسرحي الذي يحظى بجوائز محلية تكريمية محترمة.يتجاور ويتكامل مع المكون المسرحي في الثقافة الإماراتية.. المكون الثاني وهو الشعر: بيوت للشعر في العديد من العواصم العربية، والمشروع انطلق من الشارقة، إلى مهرجانات الشعر التي تقام في الإمارات.. سواء أكانت في شكل محدود أو على نطاق عربي، ثم شاعر المليون، وأمير الشعراء في أبوظبي، ثم الجائزة الأدبية المحترمة التي ينالها شعراء عرب في إطار جائزة الشيخ زايد للكتاب.. الجائزة الأهم والأكبر على المستوى العربي، ثم الترجمات الشعرية العالمية التي يستفيد منها الشاعر العربي والإماراتي، وهي ترجمات مشروع كلمة، ثم الحضور الشعري الإماراتي والعربي والعالمي في مهرجان طيران الإمارات، المهرجان ذو الطبيعة الدولية بامتياز.الشعر العربي الفصيح، والشعر النبطي الشعبي مكونان مهمان في الهوية الثقافية الإماراتية، وبالطبع، عندما نتكلم عن الشعر، ففي الوقت نفسه نتكلم عن احترام اللغة العربية، ونتكلم عن الاهتمام الرسمي والشعبي الذي توليه الإمارات للعربية.. لغة الدين والثقافة والهوية والتعليم، كما هي لغة التفكير والإبداع.في الإمارات أكثر من ثلاثين شاعر عمود وتفعيلة، وفي الإمارات أكثر من عشرين شاعر قصيدة نثر، وفي الإمارات عشرات وربما مئات شعراء النبطي الشعبي ومن أجيال متكاملة، ولم يخطئ من كتب ذات يوم أن الإمارات بيئة شعر أكثر منها بيئة سرد.ومرة أخرى، يتجاور ويتكامل مع المكون الشعري في الثقافة الإماراتية المكون الثالث وهو الفن التشكيلي:.. أول بينالي في المنطقة ظهر في الشارقة، وفي أبوظبي اللوفر العالمي الذي يجمع تاريخ الفنون، كما يجمع تاريخ الحضارات عبر الفنون، وفي الإمارات أكثرمن 200 صالة عرض خاصة، وللفن في الإمارات بورصة عالمية، وظهرت في البلاد ثقافة اقتناء اللوحات، ووصلت أعمال فنية إماراتية إلى العالمية.. حقيقة فنية وثقافية محلية قائمة في أكبر متاحف الفنون الدولية.هذه مكونات ابداعية ثلاثة ملحوظة تماماً في الثقافة الإماراتية.. تتجاور وتتكامل ولا تتجزأ وجوهرها:.. ثقافة السلام والجمال والتسامح في بلد له تاريخه الثقافي التاريخي والعريق. yabolouz@gmail.com
مشاركة :