القاهرة: «الخليج» كتب صمويل بيكيت مسرحيته الشهيرة «في انتظار جودو» سنة 1947 وتدور حول مجموعة من المهمشين، عاكسة أوضاع الإنسان البشعة بعد الحرب العالمية الثانية، ثم نشرها عام 1952 وفي السنة التالية عرضت على مسارح باريس، ونجحت نجاحاً كبيراً، ومنذ هذا التاريخ أصبح «بيكيت» كاتباً ذائع الصيت، ومعروفاً في أنحاء العالم.في عام 1951 كتب بيكيت مجموعته القصصية «قصص ونصوص من أجل لا شيء» وبين سنتي 1946 و1950 كتب ثلاثيته الروائية «مولوي - مالون يموت - اللامسمى» وتعد هذه المرحلة هي الأبرز بين مراحل كتابته، كما يقول «عبده الريس» في صدر ترجمته لرواية بيكيت «مولوي» الصادرة عن الهيئة المصرية العامة للكتاب في سلسلة الجوائز، ففي سنة 1969حصل على جائزة نوبل في الأدب، وعندما سمعت زوجته بالخبر قالت إنها كارثة، بعدها اختفى تماماً ولم يذهب لاستلامها.يمكن من خلال قراءة أعمال بيكيت، أن نلحظ وحدة مواضيع هذه الأعمال، التي يتناولها سواء في مسرحياته أو رواياته أو حتى قصصه، إنه يتحدث عن الفقر والبؤس والجنون والأوضاع المزرية التي يخضع لها الإنسان، كذلك نجد أن شخصيات معينة في عمل ما يمكن أن يرد ذكرها في عمل آخر، وكأنه يريد أن يبعث رسالة مفادها أن أعماله كل لا يتجزأ، وهي برمتها عبارة عن حكاية واحدة مستمرة ومتصلة، على حد تعبير «الريس».رغم أن بيكيت روائي وقاص وشاعر ومترجم إلاّ أنه يعرف كأحد رواد مسرح العبث أكثر منه أي شيء آخر، إن قراءة مسرح بيكيت تجعل المرء يدرك أن هذا العبث الذي اتسم به مسرحه بنحو خاص وأدبه بنحو عام، لم يكن سوى جزء من عبث الزمن الذي عاشه، إن أيقونته «في انتظار جودو» تعكس بشدة مدى عبثية الأوضاع التي عاشها الإنسان بعد الحرب العالمية الثانية.تتميز كتابة بيكيت بقطيعة بينها وبين الأعمال الأدبية بصفة عامة وخلوها من علامات الترقيم، الأمر نفسه ينطبق على روايته «مولوي» - حسبما يرى مترجم العمل - فالرواية هي العمل الأول من ثلاثيته الشهيرة، التي تعد أحد أهم الأعمال الأدبية في القرن العشرين، إذ يرى البعض أنها العمل الأهم في القرن العشرين بعد رواية «عوليس» لجيمس جويس، وهي في الوقت ذاته أهم أعماله غير المسرحية.قام بيكيت نفسه بترجمة روايته إلى الإنجليزية بالمشاركة مع باتريك باولس، وتتكون الرواية من فصلين، يدور كل فصل عن شخصية معينة، والشخصيتان لكل منهما مونولوجاته الداخلية، التي تتشابه مع مونولوجات الآخر، وتدور أحداث الرواية في مكان غير معلوم، إلا أنه في الغالب داخل أيرلندا، مسقط رأس بيكيت، الذي فارق الحياة في 22 ديسمبر سنة 1989 في باريس.كان بيكيت قد تعرف إلى جيمس جويس سنة 1928 عندما توجه إلى باريس وعمل أستاذاً للغة الإنجليزية بإحدى المدارس هناك، وكان لهذه العلاقة تأثير كبير عليه، حيث أصبح مساعداً لجويس في أعمال كثيرة ومهمة، لقد تأثر هذا الأيرلندي النحيل بجيمس جويس تأثيراً لا ينكر، منعكساً في لغته ورؤيته التشاؤمية، وتناوله لموضوعات معينة، وربما يمتد الأمر إلى اعتراف بيكيت نفسه بأن جيمس جويس هو صاحب الفضل في تجربته الأدبية.
مشاركة :