تحدث الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى صحافيين سألوه حين وصل أمس الأحد إلى بلدة Morristown بولاية نيوجيرسي، عما نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" يوم الجمعة الماضي، حول رغبته بشراء الجزيرة الأكبر في العالم، وهي Greenland التابعة في المحيط الأطلسي للدنمارك، والممتدة بجوار القطب الشمالي على مساحة هي تقريباً نصف مساحة دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة، لأنها تزيد عن مليونين و166ألف كيلومتر مربع، أي 50 مرة أكثر من مساحة الدنمارك البالغة 43 ألفا من الكيلومترات. شرح ترمب، ما سيفعله بالجزيرة البالغ سكانها 56 ألفا، إذا حدث المستحيل ووافقت الدنمارك على بيعها، فوصف الفكرة طبقا لما نسمع منه بعد الثانية 22 من الفيديو الذي تنشره "العربية.نت" نقلا أدناه عن موقع شبكة Fox News الأميركية، بأنها "صفقة عقارية كبيرة، وأشياء كثيرة يمكن القيام بها، لأن الدنمارك تعاني كثيرا (بسبب الجزيرة) فهي تتكبد 700 مليون دولار كل عام لإبقاء سيادتها عليها، في حين أنها جيدة من الناحية الاستراتيجية للولايات المتحدة"، وفق تعبيره في معرض تأكيد خبر الصحيفة. ذكر أيضا أن الولايات المتحدة "حليفة كبرى للدنمارك، وتحمي وتساعد الدنمارك"، وألمح إلى أنه قد يزور الجزيرة في المستقبل القريب، ربما خلال زيارته الدنمارك الشهر المقبل، لكنه زعم أن الجزيرة ليست أولوية لإدارته، ثم استخدم عبارات متقطعة ومن النوع الحمّال للأوجه، فقال: "أفكر بالذهاب إلى هناك، ليس بالضرورة إلى هناك تماما، لكني قد أذهب. سأزور بولندا، وبعدها يمكننا زيارة الدنمارك، ليس لهذا السبب (غرينلاند) على الإطلاق، لكنا ننظر بالأمر" وفق تعبيره. وقبل ترمب، كان Larry Kudlow المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، أكد صحة خبر "وول ستريت جورنال" عن فكرة الرئيس الأميركي شراء الجزيرة "والاستفادة من مواردها الوفيرة وأهميتها الاستراتيجية"، وقال في مقابلة أجرتها معه "فوكس نيوز" أمس الأحد أيضا، واطلعت عليها "العربية.نت" بموقعها، إن الفكرة التي وصفها بالمثيرة للاهتمام من الجانب الأميركي "هي قيد الدرس، وتتطور" وإنه لا يريد أن يتوقع النتيجة "بل كل ما أريد قوله، هو إن الرئيس الملم بأمر أو اثنين عن شراء العقارات، يريد إلقاء نظرة فقط"، ثم أعاد الذاكرة إلى أن الرئيس الأميركي الراحل، هاري ترومان، فكر أيضا بشراء غرينلاند. وسريعا ردت رئيسة وزراء الدنمارك Mette Frederiksen على المستشار، فقالت عبر موقع صحيفة Sermitsiaq أثناء زيارتها للجزيرة أمس الأحد إن الفكرة سخيفة: "لأن غرينلاند ليست للبيع. غرينلاند ليست دنماركية. غرينلاند ملك مواطنيها. ولدي أمل ألا يكون ذلك جديا"، في إشارة منها إلى نية ترمب بشراء الجزيرة المتمتعة بحكم ذاتي في ظل سيادة الدنمارك عليها، والتي أدان رئيس وزرائها Kim Kielsen تصريحات ترمب بشأنها أيضا. غرينلاند، الواقعة بين شمال الأطلسي والمحيط القطبي الشمالي، تعتمد على الاقتصاد الدنمركي إلى حد كبير، وفق الوارد عنها في تقارير إعلامية متوافرة في الإنترنت، فهي تساهم بثلثي موازنتها كل عام، وسلطات الجزيرة المغطى 80 % من أراضيها بالجليد، معنية بشؤونها المحلية فقط، أما الدفاع والسياسة الخارجية فمن مسؤولية الحكومة المركزية بالدنمارك التي سبق ووقعت في 1951 اتفاقية دفاعية مع الولايات المتحدة، تعطيها حقوقا في قاعدة Thule الجوية بشمال غرينلاند الشهيرة بعيشها طوال شهرين صيف كل عام في نهار دائم لا تغرب فيه الشمس على الإطلاق. وللولايات المتحدة خبرة عالمية بشراء الأراضي ولم يكن ترمب، وقبله ترومان، هما أول من فكر بشراء الجزيرة، فقد سبقهما إليها الرئيس الأميركي أندرو جونسون في ستينيات القرن التاسع عشر، وفق ما ورد بتقرير أصدرته الخارجية الأميركية في 1867 عن أهميتها الاستراتيجية، لأنها في نصف الطريق بين أميركا وأوروبا، وفيها موارد واعدة، إلا أن أول خطوة عملية لشرائها جديا، وفق ما قرأت "العربية.نت" بسيرة الجزيرة، كانت عندما عرض الرئيس ترومان في 1946 على الدنمارك 100 مليون دولار ثمنا، فرفضت. كما رفضت عرضا سابقا تقدم به، وهو مقايضتها بأراض في ولاية ألاسكا مقابل امتلاك مناطق استراتيجية في غرينلاند. وللولايات المتحدة خبرة عالمية بشراء الأراضي من دول أخرى، ففي 1803 اشترت ولاية لويزيانا البالغة مساحتها مليوني كيلومتر مربع من فرنسا بمبلغ 15 مليون دولار، واشترت في 1867 ألاسكا من روسيا مقابل 7 ملايين و200 ألف، وفي 1917 اشترت من الدنمارك أرخبيلا من 9 جزر بمبلغ 25 مليونا من الدولارات، فغيّرت اسمها من "الإنديز الغربية" إلى Virgin Islands "الجزر العذراء" القريبة من "بويرتوريكو" في بحر الكاريبي، وبقيت في الأرخبيل 6 جزر لبريطانيا سيادة عليها للآن، وللآن تشتهيها الولايات المتحدة، وقد تشتريها منها في المستقبل.
مشاركة :