وراء كل اسم للأبناء قصة حب قديمة

  • 4/21/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

اختيار أسماء الأبناء غالباً يخضع لعدد من المعايير، منها ما هو ديني وآخر اجتماعي، ومنها ما هو مستقى من بيئة الطفل الثقافية، ومنها ما هو مرتبط بقصص وحكايات، تثير تفاصيل ذكريات مهجورة، وأسراراً ظل بعضها حبيساً في جدران الصمت. «سيِّدتي» تستعرض في السطور التالية عدداً من القصص لأسماء بعض الأشخاص، وتكشف جانباً من سر اختيارها، وهذا لا يعني أننا نهدف إلى إثارة الفضول وفتح السجلات القديمة، وإطلاق أسهم الغيرة للبحث والتنقيب عن أسرار الأسماء، التي قد تشكل بالنسبة لهم صدمة خصوصاً ممن لا يملكون مرونة نفسية، واكتشفوا أنها أسماء لعلاقات غرامية وصداقات قديمة. عهد الحبيبة عاد الفنان عبدالرزاق بخش بذاكرته إلى أكثر من 30 عاماً؛ ليستعيد قصة زيارته إلى الأردن وإعجابه بفتاة وقيامه بخطبتها، رغم اعتراض ابن عمها ومحاولته الاعتداء عليه بإطلاق الرصاص، ورغم العديد من المحاولات التي قام بها الفنان عبدالرزاق للحصول على موافقة وزارة الداخلية على الزواج، إلا أنه لم يتمكن من ذلك، فاضطر مجبراً على فسخ خطوبته منها؛ حتى لا يكون مخالفاً للقوانين، وتعهد لها بأن يوفي شرطها في حال زواجه من أخرى، ورزقه الله بطفل منها، أن يطلق عليه اسم خالد، وهو الاسم الذي كانا قد اتفقا على إطلاقه على ابنهما في حال إتمام الزواج، وأضاف: «بعد زواجي من أخرى من منطقة مكة أنجبت لي ابني الأول، وكانت تتوقع كغيرها أن أطلق عليه اسم والدي مصطفى، ولكنني رغبت بأن أوفي بعهدي لخطيبتي السابقة، فأطلقت عليه اسم خالد، وبعد أن اعترفت لزوجتي بقصة هذا الاسم، تفهمت الموقف، ومر الموضوع بسلام، والمثير في الموضوع أن خطيبتي السابقة تزوجت من آخر، وأقامت في منطقة القصيم، وأطلقت على ابنها اسم عبدالرزاق، كما أن التواصل والزيارات بين الأسرتين استمرت دون أي مشاكل أو غيرة تُذكر». الحب الأول حالت القوانين والأنظمة الرسمية دون زواج الفنان عبدالرزاق بخش من خطيبته الأردنية، ولكن العادات والتقاليد كان لها كلمة الفصل هذه المرة؛ إذ أصرت والدة محمد الرويلي على رفضها زواجه من حبيبته وابنة جيرانه التي تعلق بها وسلبته فؤاده، فأصبحت شغله الشاغل، ويكرِّس معظم وقته لمراقبتها وترقب أوقات دخولها وخروجها من منزل والدها، وما إن انتهى الرويلي من دراسته المرحلة الجامعية؛ حتى أخبر والدته بنيته الزواج منها، وحينها قابلته بالرفض؛ وبعدها بسنوات اختارت له والدته إحدى الفتيات؛ ليتزوج بها، وبما أنه لم ينسَ ابنة الجيران، وكان قلبه لايزال ينبض بحبه الأول، وتخليداً لهذا الحب، أطلق على أول مولودة له اسم محبوبته «سارة»، التي كانت قد تزوجت بآخر، ولم يعرف أحد سر ذلك الاسم سواه ووالدته، التي اعترفت له بخطئها نحوه، وإحساسها بالندم على موقفها السابق من الزواج من محبوبته سارة. الدول العربية الإعلامية نازك الإمام خطرت ببالها صديقتها فلسطين مسؤولة الحفلات في فندق كروان جدة، والتي أخبرتها أن والدها يختار أسماء أبنائه على أسماء دول ومدن عربية، ربما كنوع من التعبير عن الانتماء للهوية العربية والشعور بالحنين لها؛ إذ كان يعاني من ويلات الاغتراب إبان دراسته في الخارج، وعن ذلك تقول ابنته فلسطين: «اختار للابنة الكبرى اسم سيناء، ثم تلتها فلسطين، ثم رزق بولدين أطلق على أحدهما اسم ليبي وعلى الآخر اسم مراكش، وتعرض بسبب اسم ليبي للعديد من المضايقات والاعتراض من قبل سلطات البلد، التي اضطرت لحبسه لتمسك والدي بالاسم، وحينها تدخل جدي لإنقاذ الموقف، وقام بتغيير الاسم إلى أحمد، ومع ذلك استمر والدي في إطلاق أسماء الدول والمدن على بقية أخواتي، وهن: سعودية، وسورية، وصنعاء، واختار اسم عراق للابن الوحيد بعد وفاة أشقائي ليبي ومراكش». عطية وعوضة وتحكي نائلة ميرغني عضو مجلس إدارة جمعية المتقاعدين السعوديين قصة أم عطية، التي كتب الله عليها إجهاض عدد كبير من أبنائها؛ حتى منّ الله عليها بولد اختارت له اسم عطية، وحين أكمل عطية الثالثة والعشرين من عمره، أرادت أن تفرح به، وأن ترى أبناءه قبل أن تموت، فعرضت عليه أن تخطب له إحدى بنات صديقتها، ولكنه رفض ذلك، وأبدى رغبته في الزواج من صديقتها، والتي هي بعمر والدته، وأمام تعجبها وإصراره تزوج من صديقة أمه، ولكن القدر لم يمهله، فبعد أربعة أشهر من الزواج توفي في حادث على طريق مكة والرياض، وبعد مرور فترة على وفاته بدأت زوجته تشعر بالدوار والغثيان، فذهبت إلى الطبيبة التي فاجأتها بخبر حملها، الذي لم يكن ممكناً لامرأة في مثل عمرها ووضعها، ولكنها إرادة الله، ووضعت مولودة أسمتها الجدة عوضة؛ لتكون عوضاً عن الابن الذي اختاره الله، وما إن انتهت والدة عوضة من فترة الرضاعة؛ حتى قامت بتسليمها إلى جدتها؛ ليقينها بأن هذه الحفيدة هي عوض من الله لهذه الجدة بعد غياب ابنها وحرمانها منه، وظلت الحفيدة في كنف الجدة لسنوات؛ حتى بلغت الـ11 من عمرها، وعندها أصيبت بمرض عضال، وفي ذلك العام توفيت الجدة، وتبعتها الحفيدة بعد أربعين يوماً فقط. عادات وتقاليد المستشار الإعلامي محمد سمان يرى أن الأسماء يتم اختيارها في العادة تبعاً للبيئة التي يعيش فيها المرء، فالغالب في السعودية مثلاً إطلاق أسماء الآباء والأمهات كنوع من العادات والتقاليد، وقد يتكرر الاسم في أكثر من حفيد وحفيدة، كما يفضل البعض الآخر التسمية والاقتداء بالأسماء التاريخية وأسماء الملوك والأمراء السعوديين، فيما يميل البعض الآخر للبحث عن الأسماء الحديثة والجديدة والرائجة، كنوع من التميز والتفرد والبعد عن التكرار، ومن ذلك الاتجاه تحديد حرف واحد وتسمية جميع الأبناء به، أو أن يكون الأبناء بنفس الحرف الأول للأم أو الأب، وذكر سمان أنه أطلق على أحد أبنائه اسم عبدالإله، وفوجئ بتكرار الاسم على خمس من مواليد عائلته. أولاد وبنات مزاجية الآباء والأمهات وعدد الأبناء ونوع الجنس من العوامل التي تلعب دوراً رئيساً في كثير من الأحيان في اختيار أسماء الأبناء، ومن القصص في هذا الجانب ما أشارت إليه وداد العتيبي بقولها: «رزق والدي بأربع بنات، وكان في كل مرة يعبر عن شعوره بالاستياء، وعن أمنيته بإنجاب مولود ذكر يحمل اسمه واسم العائلة، وفي المحاولة الخامسة تحققت أمنيته، وكانت فرحته كبيرة بقدوم المولود الذكر، الذي اختار له اسم عبداللطيف كناية عن أن الله لطف به، ولم يرزقه بالمزيد من البنات». وفي هذا الصدد أشارت أم أديب إلى أحد أقاربها الذي رزقه الله بست بنات، وأراد التعبير عن تذمره من إنجاب البنات، وأن يضع حداً لذلك باختيار اسم ختام على آخر مولودة له؛ لتكون مسك الختام. الرأي الاجتماعي أشار المستشار الأسري ثامر الصالح إلى أهمية اختيار الأسماء بالنسبة للأبناء، وأن ذلك مطلب ديني، فضلاً عن انعكاسات الاسم على الشخص وتبعاته النفسية والاجتماعية، ويثبت الواقع قيام الكثير من الأشخاص بتغيير أسمائهم، التي سببت لهم الكثير من الإحراج والألم النفسي، أما إذا كانت خلف تلك الأسماء قصص، فمن الممكن أن تتسبب في أذى لأي طرف؛ خصوصاً إذا كان ذلك الطرف لا يملك المرونة النفسية الكافية، ومن الممكن أن تثير الشك، وتفتح باباً لتساؤلات ومشاكل لا نهاية لها، فمن الأفضل الاحتفاظ بذلك السر وعدم البوح به. كما اعتبر الصالح إطلاق اسم أحد الأبناء على اسم طرف في علاقة عاطفية سابقة، يعد مؤشراً لاستمرار ذلك الشخص وجدانياً وعقلياً بتلك العلاقة، ومن المفترض أن يبدأ مع شريكه الحالي صفحة جديدة، ويبتعد عن كل ما يمكن أن يعكر صفوها، أما فيما يتعلق بلجوء بعض الآباء إلى إطلاق بعض الأسماء، التي تعبر عن تذمرهم من جنس المولود؛ وتحديداً الإناث هو من باب الاعتراض على ما وهبهم الله من نعم، وهذا الأمر غالباً يوجد في المجتمعات ذات التعليم المتدني. ويضيف الصالح: «لا تخلو بعض المواقف والأسماء من الطرافة والغرابة»، ذاكراً قصة أب رزقه الله بخمسة أبناء ذكور، لم يكونوا من المتفوقين دراسياً؛ فكان في كل عام يرسب أحد الأبناء، وفي عام استثنائي نجح الأبناء الخمسة، وصادف ذلك قدوم مولودة جديدة للأسرة، أطلق عليها اسم نجاح؛ ابتهاجاً وتفاؤلاً بنجاح الأبناء الخمسة الاستثنائي في ذلك العام.

مشاركة :