نظمت وزارة الأوقاف ندوة دينية من مسجد " السيدة زينب رضي الله عنها، بعنوان : " الصحبة وأثرها في بناء الشخصية " ، حاضر فيها كلا من الشيخ مصطفى عبد السلام محمد إمام مسجد السيدة زينب (رضي الله عنها) ، والدكتور عمرو محمد الكمار بديوان عام وزارة الأوقاف، بحضور جمع غفير من رواد المسجد .وفي كلمته أكد إمام السيدة زينب، أن الإنسان اجتماعي بفطرته، يحيا في مجتمعه، يتأثر به ويتفاعل معه، من خلال سماته الشخصية التي تختلف عن غيره، فإن للمجالسة والمقارنة أثرها الواضح الفعال في فكر الإنسان وسلوكه، وهي سبب في تحديد مصيره وسعادته في الدنيا والآخرة ، ولا خلاف أننا نحتاج إلى شخصية سوية تتسم بأسمى معاني الإنسانية، وأعلى درجات الوطنية، حتى يخرج لنا جيل يبني ولا يهدم، يعمر ولا يخرب، يقدم مصلحة الوطن العامة على أية مصلحة أخرى.وأوضح إمام مسجد السيدة زينب أن للصحبة الصالحة أهميتها البالغة في بناء شخصية سوية، نافعة لدينها، ووطنها، ومجتمعها، وهذا ما ربَّى عليه النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) صحابته الكرام ، وفي مقدمتهم سيدنا أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) الذي ضرب أروع المثل في حسن الصحبة والوفاء بحقها ، وذلك حين قال له أهل مكة : إن صاحبك يزعم أنه أُسري به الليلة إلى بيت المقدس ، ثم عاد ، فقال بثقة ويقين في صاحبه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : إن كان قال فقد صدق ؛ إني أصدِّقه فيما هو أبعد من ذلك ، أصدِّقه في خبر السماء . وفي ختام كلمته أشار إمام مسجد السيدة زينب إلى أن الشرع الحنيف حذر من مصاحبة أهل السوء فقال (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : " إِنَّمَا مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السّوءِ ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ : إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً ، وَنَافِخُ الْكِيرِ : إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً"، فصاحب السوء لا يعرف حقًا لأب ، ولا لجار , ولا لمعلم ، ولا لوطن ، ولا يريد أن يجعلك على خير أبدًا ، قال تعالى " وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا" .وأكد الدكتور عمرو محمد الكمار أن الشريعة الغراء أمرت بحسن بناء الشخصية، لتكون شخصية واعية، تدرك المخاطر، وتحسن مواجهة أعباء الحياة، وتتقي الفتن والشبهات، قال تعالى : وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً، كما وجهت الشريعة أيضا أن يكون الإنسان صاحب شخصية واثقة، غير مترددة، تعي الصواب النافع، وتتبع الحق، ولا تخوض مع الخائضين.وأضاف الدكتور عمرو محمد الكمار: يقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تَكُونُوا إِمَّعَةً ؛ تَقُولُونَ : إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا ، وَإِنْ ظَلَمُوا ظَلَمْنَا ، وَلَكِنْ وَطِّنُوا أَنْفُسَكُمْ ، إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنُوا ، وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَا تَظْلِمُوا، ولا شك أن من أهم الأمور التي لها أثرها البالغ في بناء شخصية الإنسان: الصحبة ، فإنّ المرء يتأثر بجليسه ويصطبغ بصبغته فكرًا ومعتقدًا وسلوكًا وعملا، مبينا أن الصاحب يعلو بصاحبه، فما علا صحابة النبي إلا بسبب صحبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، فالإنسان إذا صاحب الأخيار علا معهم، وإذا صاحب الأشرار نزل معهم، قال النبي صلى الله عليه وسلم:" لا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا، وَلا يَأْكُلْ طعَامَكَ إِلَّا تَقِيٌّ" ، والصحبة الصالحة لها أثرها في الدنيا والآخرة .
مشاركة :