موسم قطاف الورد الطائفي.. تاج عروس المصايف

  • 4/22/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تشتهر محافظة الطائف بزراعة وإنتاج الورد، الذي يعد أكثر أنواع الزيوت العطرية تداولًا في الخليج، والوطن العربي بصفة عامة، سيّما إذا ما خضع لعمليات تعتيق مكثفة، يجعل عبق رائحته نفاثة وقويّة، حتى أصبح جزءًا من هويّتها، واشتهرت عوائل معروفة من أبناء الطائف بزراعته وتقطيره وبيعه، وتوارثت مهنته أباً عن جد، وتوج ذلك أن سمو أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، وجه منذ سنوات بإقامة مهرجان سنوي بالطائف؛ للتعريف بالورد خلال موسم قطافه وبيعه. ويوجد بالطائف وضواحيها أكثر من 2000 مزرعة للورد الطائفيّ، تنتج أكثر من 200 مليون وردة في اليوم، حيث تنتج كل شجرة معدل 250 وردة يوميًا طوال موسم الحصاد الذي يستمر قرابة 45 يومًا، كما ينتظر أهالي هذه المحافظة مهرجانًا سنويًّا للورد الطائفي، يتزامن مع موسم قطافه وبيعه في كل عام. وقال المزارع سلطان الخالدي (أحد مزارعي الطائف): «إن قطف الورد يبدأ من منتصف مارس من كل عام، حتى نهاية إبريل (أي نحو يومًا)، منوهًا بغزارة الإنتاج هذا العام، نتيجة لغزارة الأمطار، وعدم تأثر المزارع بأي موجة برد خلال هذا الموسم، إضافة إلى توسع مزارعي الطائف في زراعة الورد، وقيام مزارع جديدة، ليبلغ عدد المزارع نحو 2000 مزرعة، ونحو 40 مصنعًا متخصصًا في تقطير الورد، وإنتاج عطره ومشتقاته الأخرى؛ الأمر الذي سيعمل على استقرار أسعار الورد الطائفي ومشتقاته، وتأمين السوق بالكميات الكافية من منتج هذا العام». وأضاف الخالدي: «يحرص المزارعون على قطف الورد (يدويًّا) قبل بزوغ الشمس، ويتم تقطيره –في الغالب- مع ساعات الصباح الأولى؛ حتى يظل محتفظًا بقطرات الندى وطراوته، وتكفي 10 آلاف وردة لعملية تقطير واحدة، حيث يتم وضعها في قدر نحاسي ويُغلق القدر بشكل محكم، ومن ثم يتم إشعال النار تحته بدرجة محددة لنحو 12 ساعة، ويتم إخراج أنبوب من القدر للتكثيف، حيث تبدأ مرحلة التقطير، ويخرج ماء العروس، ومعه الزيت (دهن الورد) الذي يطفو في أعلى زجاجة التقطير (القنينة)، ومن ثم يتم شفطه عن طريق الإبر أو القطارات لتنتج منه «تولة» الورد الطائفي، وهذا ما يميّز الورد الأصلي، المعروف بهدوء الرائحة، وميل لونه إلى الاخضرار غير القاتم، الذي لا يترك أثراً على الملابس البيضاء أو القماش، وسعر التولة (11 مليغراما) منه تتراوح ما بين 1000 – 1400 ريال، كما يبيع المزارعون كل ألف وردة بخمسين ريالًا سعوديًا لمعامل التقطير التي تنتشر بالمراكز الزراعية». وتحتضن الطائف أكثر من ألفيّ مزرعة للورد، تنتشر في الشفا، والهدا، ووادي محرم، وغيرها، حتى أضحت هذه الأماكن يرتبط ذكرها بزراعة الورد وصناعته، ويبدأ موسم زراعة شتلاته مع حلول برج (الطرف)، الذي يقابل الأسبوع الأخير من شهر يناير (كانون الثاني) من كل عام، ويمتد نحو 75 يومًا، ومع حلول الموسم الزراعي يبدأ المزارعون بحفر أخاديد في تربة الحقول الزراعية، لتطرح فيها أغصان صغيرة قطعت بعناية تامّة من شجر الورد، ثم يدفن بالسماد، وتسقى بالماء الذي يجلب من الآبار، فيما تلعب كميات هطول الأمطار – التي ينتظرها المزارعون- دورها في زراعته وإنتاجه، حتى حلول منتصف شهر مارس الذي يبدأ معه موسم القطاف ويستمر حتى نهاية مايو (آيار) من كل عام. ولزراعة الورد مهارات خاصة وطرق فنية يتقنها مزارعو الورد، حيث يتولى الفلاح تشذيبه بشكل متواصل، ويحرص المزارعون على بقاء شجرة الورد قريبة من الأرض، بحيث لا يزيد ارتفاعها أكثر من متر ونصف المتر، ويشذب بآلات خاصة؛ وذلك بهدف تحفيز الشجرة على إنتاج أقصى قدر ممكن من الورود. ولماء الورد الطائفي نوعان فمنه النوع العادي، الذي يباع في قنانٍ زجاجية صغيرة سعة 250 ملم، وتباع في الأسواق بسعر 10 ريالات للعبوة الواحدة، وهناك النوع المميز المعروف باسم (العروسة) وهو الماء المكرر من غلي الورد؛ لاستخراج الدهن في القطفة الأولى، وتباع العبوة الصغيرة منه بسعر 30 ريالًا. أما دهن الورد الأصلي فيعرف بجودة رائحته المميزة التي لا يمكن تقليدها، وأن النخب الأول منه يأتي بلون مصفر يميل إلى اللون الأخضر قليلا، وليس لزجًا لزوجة الزيت، بل هو خفيف لا يترك أثرًا زيتيًا على الملابس أو الجسم عند التطيب به، كما أن النوع الجيد لا يحتاج إلى تعريضه لمصدر حراري ساخن عند تجمده بالبرودة، بل يذوب بمجرد ملامسته لحرارة اليد العادية، ورائحته لا تبقى لمدة طويلة على الجسم، فهو سريع النفاذ، ويمتصه الجسم بسرعة، كما أن رائحته تزول بالاغتسال. ويعد عطر الورد وماؤه عنصرين أساسيين في عملية غسل الكعبة المشرفة ودهن جدرانها مرتين كل عام، جريا على السنة النبوية الشريفة، وإظهارا للاهتمام اللائق بالكعبة المشرفة، كما أن ماء الورد الطائفي تتم إضافته إلى الأقنعة التجميلية للوجه والجسم المصنوعة محليا لإعطائها رائحة مقبولة، وهناك من يستخدمه في صنع الحلويات، والشاهي، وبعض الأطعمة، وفي التجميل، ولا تكاد تخلو أفراح أهالي الطائف هذه الأيام من وجود الورد الطائفيّ، كما يحرص الكثيرون على شرائه وتداوله وإهدائه بشكل دائم وسنويّ. وتقوم مديرية الزراعة بمحافظة الطائف بتقديم الخدمات الإرشادية لمزارعي الورد من خلال الزيارات للمزارع وإيضاح طرق التقليم الحديثة والتسميد المناسب والري وعمليات التعشيب وكذلك الترشيد حول تقليل نسبة استنزاف المياه بإتباع الطرق الحديثة للري وتوزيع النشرات الإرشادية وغيرها من الخدمات، كما تقوم بعمليات تشخيص الإصابة بالأمراض والحشرات ومكافحتها برش المبيدات والعمليات الزراعية التي تقلل من الإصابة وإيصال المعلومات الحديثة حول تحسين وزيادة المحصول والتغلب على العوائق.

مشاركة :