تونس تتطلع لإنتاج قياسي من زيت الزيتون

  • 8/24/2019
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

تعوّل تونس كثيرا على الموسم الجديد لجني الزيتون، الذي ينطلق بعد أشهر قليلة لخفض العجز التجاري المتفاقم عبر تصدير معظم إنتاج الزيت، في ظل التوقعات بتحقيق إنتاج قياسي هو الأول منذ خمس سنوات. ويعد قطاع إنتاج زيت الزيتون من أكثر القطاعات الحيوية التي تضررت في السنوات الأخيرة وتراجعت مردوديته بسبب الجفاف، الذي زاد من أوجاع اقتصاد تونس، الذي يحاول الخروج من أزماته المزمنة. ويراهن المسؤولون والمختصون في الزراعة على أن تغادر بلادهم منطقة الخطر تدريجيا من خلال خفض العجز التجاري مع تعافي إنتاج الزيت الذي يذهب معظمه إلى الخارج. وقال شكري بيوض، المدير العام للديوان الوطني للزيت في وقت سابق هذا الشهر، إن “موسم جني الزيتون للموسم الحالي 2019-2020، الذي سينطلق في شهر نوفمبر المقبل سيكون واعدا وأن المحصول قد يتجاوز المعدلات المعهودة”. وتشير توقعات خبراء القطاع إلى أن حجم إنتاج زيت الزيتون سيتضاعف مقارنة بالموسم السابق، الذي يعد الأسوأ بالنظر إلى الموسم الذي قبله. ووفق البيانات الرسمية، أنتجت تونس الموسم الزراعي الماضي 140 ألف طن من الزيت صدّرت منها 117 ألف طن بقيمة 1.58 مليار دينار (551 مليون دولار) مما انعكس على الميزان التجاري الغذائي. 350 ألف طن من زيت الزيتون إنتاج تونس المتوقع هذا الموسم سيذهب معظمه إلى التصدير وتوقعت وزارة الفلاحة الشهر الماضي أن يصل الإنتاج إلى مستويات قياسية عند حوالي 350 ألف طن، ليتجاوز المستوى القياسي السابق المسجل في عام 2015 والبالغ نحو 340 ألف طن. ومن شأن هذه التوقعات أن تساعد تونس على تقليص العجز في الميزان التجاري الذي واصل منحى الارتفاع منذ بداية العام الحالي متحدّيا كل الإجراءات الحكومية التي تم اتخاذها في العامين الماضيين. ووفق بيانات المعهد الوطني للإحصاء فقد ارتفع العجز التجاري للبلاد خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام إلى 11.16 مليار دينار (نحو 3.89 مليار دولار)، مقابل 9.94 مليارات دينار (نحو 3.47 مليارات دولار) بمقارنة سنوية. وفي مذكرة حول التجارة الخارجية بالأسعار الجارية نشرها على موقعه الإلكتروني، فسّر المعهد هذا الارتفاع بالقفزة في الصادرات بنسبة بلغت 13.2 بالمئة والواردات بنسبة 12.9 بالمئة. وتعتقد الأوساط الزراعية المحلية أنه في حال بلوغ مستوى زيت الزيتون التونسي الإنتاج المتوقع، فإنه سيعيد البلاد إلى الصدارة مرة أخرى ويجعلها تحتل المركز الثاني بعد إسبانيا بعد أن ظلت ضمن المراكز الخمسة الأولى عالميا إلى جانب كل من إيطاليا واليونان والبرتغال. ويؤكد خبراء أن الارتفاع المتوقع في صادرات تونس من الزيت يعود للنقص الكبير في محصول الزيتون في إسبانيا أكبر منتج في العالم، علاوة على اقتحام مصدّرين تونسيين أسواقا جديدة لاسيما كندا والولايات المتحدة والصين واليابان والهند. ويقدر معدل الصادرات التونسية السنوية من زيت الزيتون خلال العقد الأخير بما لا يقل عن 145 ألف طن، معظمها يذهب إلى الأسواق الأوروبية حيث تمثل الصادرات قرابة 80 بالمئة من الإنتاج المحلي. وفي مسعى لزيادة الإنتاج في السنوات القادمة، تواصل تونس مخططها لزراعة نحو 10 ملايين غرسة زيتون جديدة بحلول 2020 لتعزيز حضورها كواحدة من أكبر الدول المنتجة لزيت الزيتون في العالم. ورغم أن البلاد تواجه أزمة نقص حاد في المياه الصالحة للري أو الاستهلاك البشري، ما يجعلها أمام تحدّي إعادة النظر في الخارطة الزراعية لها خلال الفترة المقبلة، لكن هناك إصرار كبير على ما يبدو على الاستثمار في القطاع. وأكد وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري سمير الطيب في 2017 أن بلاده بالتعاون مع البنك الدولي ستستثمر في قطاع الزراعة بغرس هذه الكمية الضخمة من شتلات أشجار الزيتون. وقال حينها إن “زيت الزيتون التونسي يباع بسهولة خارجيا.. إنها سلعة تونسية مطلوبة عالميا، ونصدّر إلى الولايات المتحدة وكندا وأوروبا والخليج واليابان”. وأبدى الوزير تفاؤله بشأن محصول الزيتون للموسم الحالي، وقال “سيكون محصولنا قياسيا هذا العام، ونتوقع أن نحتل الصدارة أو المركز الثاني في إنتاج وتصدير زيت الزيتون”. وتأثر إنتاج الزيتون بالبلاد كثيرا بفعل عامل شحّ الأمطار والتغيرات المناخية التي شهدتها البلاد في العقد الأخير. ووفق أرقام رسمية، يبلغ مجموع الموارد المائية التونسية 4.8 مليار متر مكعب، بينما عدد السدود يبلغ 35 سدا بطاقة تعبئة تقدر بنحو 2.7 مليار متر مكعب. ويعتقد البعض أن تونس قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي حين تغيّر الحكومة رؤيتها للزراعة، التي لا تزال مهمّشة حيث لا تزال تعتبرها مكمّلة للتجارة. وتقول وزارة الفلاحة إن مجموع الأراضي القابلة للزراعة في تونس يبلغ 5 ملايين هكتار، أي أن المُستغل حاليا لا يتجاوز 24 بالمئة. وتصاعدت تحذيرات الخبراء من مخاطر التغييرات المناخية المتسارعة على أمن التونسيين الغذائي في السنوات المقبلة، إذا لم يتم اعتماد سياسات عاجلة للتأقلم معها باعتماد حلول مبتكرة وعملية لمواجهة هذا التهديد الوجودي. ويرجّح أن تواجه تونس ارتفاعا في معدلات الحرارة وانخفاضا شديدا في تساقط الأمطار وارتفاع مستوى البحر وزيادة حدة الظواهر المناخية القاسية، والتي تتمثل في الجفاف الحاد والعواصف الشديدة. وكشف شحّ المياه في السنوات الثلاث الأخيرة عن واقع صعب يمر به المزارعون على وجه التحديد، وهو ما فاقم من أزمة تونس الاقتصادية، التي تعاني منها جراء تراجع العديد من القطاعات الإنتاجية الاستراتيجية. وإزاء ارتفاع التهديدات بتراجع مخزونات المياه، أبدى الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري مرارا قلقه من انعكاسات تراجع مياه الري على الزراعة، التي تستأثر بنحو 80 بالمئة من احتياجات البلاد من المياه. وتلقت تونس في مايو الماضي دعما جديدا من منظمة الأغذية والزراعة (فاو) في طريق تعزيز خطواتها نحو تطوير الزراعة، التي تعتبر واحدة من محركات النمو الاستراتيجية، بهدف التحول إلى إنتاج المحاصيل بالطرق النظيفة.

مشاركة :