تونس تتجه لإنتاج قياسي من زيت الزيتون

  • 11/25/2019
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

تجمع التقديرات على أن تونس تتجه لتحقيق إنتاج قياسي من زيت الزيتون بعد موسم زراعي واعد هذا العام رغم موجة الجفاف، التي أثّرت بشكل ملحوظ على القطاع في السنوات الماضية. ويعدّ القطاع من أكثر القطاعات الحيوية المتضررة في السنوات الأخيرة وتراجعت مردوديته بسبب الظروف المناخية المتقلّبة، الأمر الذي زاد من أوجاع اقتصاد تونس، الذي يحاول الخروج من أزماته المزمنة. ولكن اليوم يراهن المسؤولون والمختصون في قطاع الزراعة على أن تغادر بلادهم منطقة الخطر تدريجيا من خلال خفض العجز التجاري، مع تعافي إنتاج الزيت الذي يذهب معظمه إلى الخارج. وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال يوسف الشاهد خلال زيارته مؤخرا لأحد المشاريع النموذجية المتخصصة في إنتاج الزيت البيولوجي بمحافظة باجة “نتوقع إنتاجا يصل إلى 350 ألف طن من زيت الزيتون مع عوائد بنحو ملياري دينار (700 مليون دولار) من العملة الصعبة”. ووفق البيانات الرسمية، أنتجت تونس في الموسم الزراعي الماضي 140 ألف طن من الزيت صدّرت منها 117 ألف طن بقيمة 551 مليون دولار، مما انعكس على الميزان التجاري الغذائي بشكل طفيف. وتتوقع وزارة الفلاحة والصيد البحري أن يصل محصول الزيتون بشكل عام لهذا الموسم إلى نحو 1.75 مليون طن، وهو الأكبر منذ موسم 2014-2015. ومن شأن هذه التوقعات أن تساعد تونس على تقليص العجز في الميزان التجاري الذي واصل منحى الارتفاع منذ بداية العام الحالي متحدّيا كل الإجراءات الحكومية التي تم اتخاذها في العامين الماضيين. ويقول الخبير الاقتصادي رضا قويعة في تصريح لـ”العرب”، إن “محصول الزيتون لهذا الموسم ساهم فيه عامل ارتفاع الأمطار، والفائض المقدّر بنحو 80 ألف طن من محصول الموسم الماضي، إضافة إلى دخول عديد المناطق في نسق الإنتاج بعد أن كان محتكرا من طرف محافظة (ولاية) صفاقس ومنطقة الساحل”. 350 ألف طن من زيت الزيتون يتوقع إنتاجها هذا الموسم، قياسا بنحو 140 ألف طن بمقارنة سنوية ويعمل في صفاقس قرابة 60 ألف مزارع ونحو 80 بالمئة منهم يملكون أراضي مساحتها لا تتجاوز الخمس هكتارات. وتساهم المحافظة بحوالي عشرة بالمئة من المساحة الإجمالية من أشجار الزيتون بالبلاد، وبخمس الإنتاج المحلي من الزيتون كما توجد بالمنطقة 400 معصرة، ويتوقع أن يتم تدشين 300 معصرة أخرى خلال هذا الموسم. وأضاف قويعة أن ”محافظات (ولايات) الكاف وجندوبة وباجة أصبحت تساهم بقسط كبير من إنتاج زيت الزيتون مما مهد لأن تصبح تونس ثاني أكبر مصدر عالميا”. وتحتل إسبانيا المركز الأول في تصدير زيت بنحو 1.35 مليون طن وتليها تونس بنحو 350 ألف طن ثم إيطاليا التي يقدّر إنتاجها بنحو 270 ألف طن. ووفق التقديرات، يساهم إنتاج الزيت بنحو 15 بالمئة في الناتج المحلي الإجمالي لتونس، إضافة إلى منتجات زراعية أخرى كالتمور. وسلكت تونس مقاربات شاملة لحسن استغلال مواردها بالترفيع في منحة نقل زيت الزيتون على حساب صندوق النهوض بالصادرات بالنسبة إلى الأسواق الجديدة والواعدة، وذلك بصفة استثنائية، خلال الموسمين الحالي والمقبل. كما سيتم دعم ما بين 50 بالمئة إلى 70 بالمئة من كلفة النقل الجوي إلى كلّ الوجهات بالنسبة إلى زيت الزيتون المعلّب. وأقرّت الحكومة منحة سنوية للمساهمة في تغطية تكاليف المراقبة والتصديق للزيت البيولوجي بنحو سبعين بالمئة من الكلفة مع سقف بنحو 3.51 مليون دولار. ولتحفيز القطاع أكثر وضعت السلطات ترسانة من القوانين منها منحة تشجيع تصدير زيت الزيتون المعلب لمدة خمس سنوات في عبوات لا تتجاوز سعتها ثلاث لترات. وتسند المنحة سنويا للشركات، التي تمت المصادقة على برامجها من قبل المجلس التونسي لزيت الزيتون المعلّب، مع رصد منحة بنحو 1.4 مليون دولار. ودعمت السلطات برنامج تصدير من بلد المنشأ، أي كل مصدّر لزيت الزيتون المعلّب لم يتجاوز معدل مجموع صادراته خلال الثلاث سنوات الأخيرة بنحو 25 طنا. وتتطلع تونس إلى اقتحام أسواق جديدة وذلك من خلال إحداث خط بحري إضافي نحو الأسواق البعيدة الواعدة بالتنسيق بين مختلف الأطراف المعنية. لكن القطاع يواجه مشكلات عديدة أهمها ارتفاع حجم الديون ومشكلات لوجيستية تعرقل عمليات تسويق المنتجات على مستوى الأسواق الداخلية والخارجية. ويشير قويعة إلى أن القطاع يواجه مشاكل تتعلق بنقص العمالة وارتفاع الأجور وغياب تحديث الآلات، فضلا عن ارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل عام. ويحد الطابع التقليدي في عمليات الجني وتجميع الزيتون من طموح تونس في الارتقاء بقطاعها نظرا إلى عدم وجود الأدوات اللازمة لتعليب الزيت ولعدم وجود قواعد الجودة اللازمة. وسبق ورفضت البعض من الدول منتجات تونسية لغياب الجودة، وهو ما دفع السلطات إلى تصدير كميات من الإنتاج إلى إيطاليا لتتولى عمليات تعليبه قبل تصديره. ولطالما دعت النقابات التونسية الحكومة إلى تطوير القطاع بما يتماشى مع التوجه العالمي، ولحسن الاستفادة من الزاد الكبير الذي تتمتع به تونس في مجال إنتاج زيت الزيتون. ويرى قويعة أنه رغم جهود وزارة الفلاحة لتحسين قطاع الزيتون والترويج له في الأسواق العالمية، فإن الدبلوماسية الاقتصادية لا تزال ضعيفة، ولم تخرج بعد العلاقات بين السفراء من طابعها الضيق لتشمل قطاعات مهمة مثل الزراعة. ويحذر الخبير من ارتفاع سعر الزيتون في الأسواق المحلية بما يقلص من الطلب قائلا ”كلما انخفض العرض سيزيد الطلب وذلك ضروري لضمان ربح المزارع وهو ما يفترض وجود وسطاء للتسويق للتتم العملية على أحسن ما يرام”. ويقول تجار ومواطنون إن أسعار لتر من زيت الزيتون تصل في الوقت الحاضر إلى حوالي 8 دنانير (2.8 دولار) وهو سعر مناسب قياسا بتلك التي كانت سائدة في العامين الماضيين، حينما بلغت 14 دينارا (4.9 دولار) للتر.

مشاركة :