مرت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين بالعديد من المحطات البارزة التي شكلت انعطافات مهمة في مسارها، من حيث فرض الضرائب على الفولاذ والألمنيوم إلى خفض سعر العملة الصينية اليوان. وقد طال أمد هذه الحرب حتى قارب 18 شهراً شهدت خلالها تقاذفاً متبادلاً للرسوم بين البلدين. وتعد الرسوم الأخيرة التي أعلنت بكين فرضها، ثم تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرد عليها بالمثل، الحلقة الأحدث في تلك الحرب المستعرة، وهو ما أقلق المراقبين والمحللين الذين رأوا أن أي تطور خطير جديد في حرب التعريفة الجمركية بين الولايات المتحدة والصين سوف يؤدي إلى تكديس الضغوط المشؤومة على الاقتصاد العالمي، في وقت يكافح فيه بالفعل في مواجهة القوة العظمى التجارية، وفق تقرير نشرته محطة «سي إن إن». تصاعد النزاع وذكر التقرير أن إعلان الصين عن فرض رسوم جديدة على السلع الأمريكية بقيمة 75 مليار دولار، ورد الفعل الغاضب من الرئيس دونالد ترامب والزيادة السريعة في التعريفات الحالية على المنتجات الصينية، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن النزاع يتصاعد دون أي وسيلة واضحة لتهدئة الأعمال العدائية. وقال التقرير إن الخلاف الطويل حول الممارسات التجارية والاقتصادية في الصين أصبح الآن مبارزة شخصية وجهاً لوجه بين ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغ، ونقطة محورية محفوفة بالمخاطر لنظام عالمي متقلب يتم إعادة تشكيله من خلال صعود الصين. وأضاف التقرير: أدى يوم من الحرب التجارية إلى زيادة كبيرة في المخاطر السياسية للمواجهة مع ترامب، وفِي الوقت نفسه تهدد التعريفات الجديدة بزيادة الضرر على الاقتصاد العالمي. لا هدف وقال كريج ألين، رئيس مجلس الأعمال الأمريكي في الصين: «لقد أصبحت هذه العملية من دون هدف واضح ومن دون استراتيجية واضحة ومن دون نقطة عناية واضحة، وهذا يضفي مزيداً من عدم اليقين الذي يتراكم على عدم اليقين القائم بالفعل». وتبدو ملاحظة الرئيس ترامب التي مفادها أن الحرب التجارية «جيدة وسهلة الفوز» في عام 2018 الآن أكثر سوءاً وتترك ترامب يبدو وكأنه مصمم على مواجهة قوة عظمى اقتصادية صاعدة سيكون من الصعب أن يسود فيها أو ينتصر. وإذا تم احتساب انتقام الصين يوم الجمعة على أنه سيزيد من حالة الذعر التي أصابت ترامب حول حالة الاقتصاد الأمريكي، وسط مخاوف من التباطؤ المتزايد الذي سيعقد آمال إعادة انتخابه العام المقبل، فقد نجحت الصين بذلك. جاءت التعريفات الجديدة في نهاية الأسبوع عندما كانت رسائل البيت الأبيض حول الاقتصاد الأمريكي غير متماسكة. تصريحات متضاربة ولقد قوضت تصريحات ترامب المتضاربة تأكيدات كبار مستشاري الرئيس بأن النمو قوي، وليس هناك قلق بشأن الاقتصاد في أوقات مختلفة قال إنه يفكر في التخفيضات الضريبية لتحفيز النمو، ثم أصر على أنه ليس كذلك لعدم الحاجة إليها. ولقد ضاعف الالتباس المخاوف من أن إدارة ترامب ليست مستعدة للتخفيف من الركود في حال وقوعه، وتفتقر إلى الاستقرار والهدوء اللازمين لمعالجة أي أزمة مالية. وتعد هجمات ترامب الغاضبة على رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في غير محلها، وكانت الأكثر إثارة من قبل رئيس عن الاقتصاد وصانع سياسة البنك الفيدرالي في التاريخ المعاصر. وقال التقرير: «إن إصراره على خفض الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس قد يعني أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يتبنى سياسات لا يتم تطبيقها عادة إلا خلال فترة الركود الاقتصادي الخطيرة، كما أنه يثير تساؤلات حول فهم ترامب للبنية التحتية للاقتصاد الأمريكي». أحدث الرسوم وقال التقرير: يبدو أن أحدث تعريفة جمركية توقع ترامب في دوامة تصعيد مع الصين سيكون من الصعب السيطرة عليها، وإذا مضى قدماً ورد بمزيد من التعريفات، فإن الرئيس يخاطر بمزيد من إقلاق المستثمرين وتهويل المستهلكين الأمريكيين. قلق شعر الخبراء بالقلق من احتمال نشوب حرب تجارية جديدة بين أكبر اقتصادين في العالم إذا لم يتمكنا من حل خلافاتهما، وذلك منذ العام الماضي قبل أن يلتقي ترامب والرئيس الصيني في حفل عشاء في بوينس آيرس. ومن المحتمل أن يكون خطر «فك الارتباط» المزعوم أكثر إزعاجاً من أجندة الرئيس «أمريكا أولاً»، وفقاً لمحللي السياسة الذين راقبوا بعناية الحرب التجارية التي بدأت مرة أخرى في الصيف الماضي مع الشريحة الأولى من التعريفات. ويبدي المحللون قلقاً متزايدا من استمرار وتيرة الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، محذرين من أن استمرار فرض الرسوم الجمركية بين كل طرف وآخر سوف يلقي بظلال قاتمة على مستقبل الاقتصاد العالمي. طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :