الحرب التجارية الأمريكية الصينية.. تهدئة بعد تصعيد

  • 8/7/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

قالت الصحيفة الرسمية الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الحاكم في الصين، أمس الثلاثاء، إن الولايات المتحدة «تدمر النظام العالمي عن عمد»، بعد يوم من تصنيف واشنطن بكين «متلاعباً بالعملة» في حرب تجارية متصاعدة على نحو سريع، فيما أعلن البنك المركزي الصيني أن تصنيف الولايات المتحدة لبكين على أنها «متلاعبة بالعملة»، صورة أخرى من صور «السلوك الحمائي» الذي تمارسه واشنطن، محذراً في الوقت ذاته من أنه سيكون له «تأثير كبير في التمويل العالمي»، وأكد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قوة موقف بلاده في ظل تصاعد حدة التوترات التجارية مع الصين.وكتب ترامب، على حسابه على موقع تويتر، أمس الثلاثاء: «كميات هائلة من الأموال من الصين، وغيرها من مناطق العالم، تتدفق إلى الولايات المتحدة لأسباب من بينها السلامة، والاستثمار، وأسعار الفائدة»، وأضاف: «نحن في موقف قوي للغاية. والشركات تأتي إلى الولايات المتحدة بأعداد كبيرة».ووعد ترامب بدعم المزارعين الأمريكيين المتضررين من حرب التجارة، وكتب على حسابه على موقع تويتر: «يعلم المزارعون الأمريكيون العظماء أن الصين لن تتمكن من إلحاق الأذى بهم في ذلك لأن رئيسهم يقف بجانبهم وفعل ما لن يفعله أي رئيس آخر وسأفعل ذلك مجددا العام المقبل إذا تطلب الأمر!»، ويأتي هذا بالإضافة إلى تأكيد مستشار كبير للبيت الأبيض أن ترامب يرغب في مواصلة المحادثات التجارية مع الصين وإن إدارته ما زالت تخطط لاستضافة وفد صيني لإجراء محادثات في سبتمبر/ أيلول.جاء الاتهام الأمريكي بعد تراجع حاد، الاثنين، وأدى إلى شقاق أكبر بين أكبر اقتصادين في العالم، وسحق أي آمال بالتوصل لحل سريع لحربهما التجارية الممتدة منذ عام، واتسع نطاق النزاع ليتجاوز الرسوم الجمركية، ويصل إلى مجالات أخرى مثل التكنولوجيا، ويحذر محللون من أن الإجراءات الانتقامية المتبادلة قد تتسع في النطاق والشدة ما يؤثر سلباً بدرجة أكبر في نمو الاقتصاد العالمي.وكانت وزارة الخزانة الأمريكية أعلنت، الاثنين، أنها قررت لأول مرة منذ عام 1994 تصنيف الصين «متلاعباً بالعملة» لتنقل النزاع التجاري إلى منطقة غير مدروسة، وتضيف إلى عمليات البيع المحموم في الأسواق المالية العالمية.جاء هذا الإعلان بعد ساعات من سماح الصين لعملتها بكسر مستوى دعم مهم لتسجل أدنى مستوى في 11 عاماً، في مؤشر على أن بكين ربما تكون راغبة في السماح بالمزيد من الانخفاض في اليوان، مع تهديد واشنطن بفرض المزيد من الرسوم الجمركية.وهوى اليوان 2.3% خلال ثلاثة أيام منذ إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، المفاجئ في الأسبوع الماضي أنه سيفرض رسوماً جمركية بنسبة 10% على واردات صينية قيمتها 300 مليار دولار اعتباراً من الأول من سبتمبر/‏ أيلول.لكنه استقر على ما يبدو، أمس الثلاثاء، وسط مؤشرات على أن البنك المركزي الصيني يبحث وقف هذا التراجع الذي أشعل مخاوف من حرب عملة عالمية، حيث حدد البنك المركزي في الصين سعر صرف اليوان عند مستوى أعلى من مستوى 7 يوانات لكل دولار، مقلصاً مخاوف الأسواق العالمية من اتجاه هابط للعملة الصينية، وحدد البنك، أمس، السعر المرجعي لليوان عند 6.9683 يوان لكل دولار، وهو مستوى أقوى من المتوقع، والبالغ 6.9736 يوان، ويعتبر متوسط نطاق تداول العملة أضعف من مستوى 6.9225 يوان لكل دولار، والذي حدده البنك المركزي، بالأمس، والذي كان الأدنى منذ 20 مايو/‏ أيار عام 2008.خيارات أخرى للردويأتي القرار الأمريكي بتصنيف الصين «متلاعباً بالعملة» بعد أقل من ثلاثة أسابيع على إعلان صندوق النقد الدولي أن قيمة اليوان تتماشى مع العوامل الاقتصادية الأساسية للصين، بينما يزيد الدولار الأمريكي عن قيمته الفعلية بنسبة بين 6 و12%.ويضع القانون الأمريكي ثلاثة معايير لتعريف التلاعب بالعملة بين الشركاء التجاريين الرئيسيين: امتلاك فائض كبير في ميزان المعاملات الجارية العالمي، ووجود فائض تجاري كبير مع الولايات المتحدة، والتدخل المستمر من جانب واحد في أسواق الصرف الأجنبي.وقال تشانج آن يوان، كبير خبراء الاقتصاد لدى تشاينا سيكيورتيز «بشكل قاطع، لا معنى لأن يخلص الجانب الأمريكي إلى أن هناك تلاعباً بسعر الصرف استناداً لتغير سعر صرف الرينمنبي (اليوان) خلال يوم واحد»، وأضاف «الآن، وقد تم التصنيف، لا نستبعد أن تفرض الولايات المتحدة إجراءات عقابية تتجاوز الفهم الحالي للوضع».وحذر الإعلام الصيني من أن بكين قد تستغل مكانتها المهيمنة كمُصدر للمعادن الأرضية النادرة إلى الولايات المتحدة، كنقطة قوة في النزاع التجاري. وتستخدم هذه المعادن في كل شيء تقريباً، من المعدات العسكرية إلى الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية عالية التقنية.وفي مؤشر آخر على تدهور العلاقات، قالت وزارة التجارة الصينية إن بكين أوقفت مشترياتها من المنتجات الزراعية الأمريكية، ولن تستبعد فرض رسوم على الواردات الزراعية الأمريكية التي جري شراؤها بعد الثالث من أغسطس/‏ آب، ولم تكشف الوزارة عن قيمة الواردات الزراعية الأمريكية التي قد تخضع لرسوم الاستيراد الجديدة.ويصر بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) على أن قيمة اليوان تحددها السوق على الرغم من أنه يواصل إحكام السيطرة، ودعم العملة عندما اقتربت من مستويات حساسة في العام المنصرم.وتسبب الارتفاع الطفيف في اليوان في تحويل انتباه المستثمرين عن عملات الملاذات الآمنة، ما دفع الين الياباني والفرنك السويسري للانخفاض، وانخفض الين 0.6% إلى 106.56 متراجعاً عن أعلى مستوى له في 16 شهراً والذي وصل له خلال الليل باستبعاد هبوط مفاجئ في يناير/‏ كانون الثاني. ونزل الفرنك السويسري 0.2% متراجعاً عن أعلى مستوى له في 25 شهراً الذي وصل له الاثنين.واستقر اليورو عند 1.1208 دولار بعد أن قفز لأعلى مستوى له في 18 يوماً أمام الدولار خلال الليل. كما استقر مؤشر الدولار الذي يتتبع أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات رئيسية، عند 97.57، وارتفع الجنيه الاسترليني 0.3% إلى 1.2176 دولار، وبذلك لا يبتعد كثيراً عن أدنى مستوى له في 31 شهراً الذي سجله الأسبوع الماضي. ومقابل اليورو، سجل الاسترليني انخفاضاً جديداً إلى أدنى مستوى في 23 شهراً، أمس الثلاثاء، مسجلاً 92.49 لكنه ارتفع بعد ذلك بنسبة 0.2% إلى 92.04 بنس. قرار أمريكي من جهته، قال وزير الخزانة الأمريكي، ستيفن منوتشين، إن الحكومة الأمريكية ستتشاور مع صندوق النقد الدولي للقضاء على المنافسة غير العادلة من بكين التي تتلاعب بعملتها، وبعد تصنيف دولة على أنها «متلاعبة بالعملة»، يتعين على وزارة الخزانة المطالبة بإجراء محادثات خاصة تهدف لتصحيح أي عملة مقدرة بأقل من قيمتها الفعلية، مع فرض عقوبات مثل الاستبعاد من عقود مشتريات الحكومة الأمريكية.وقالت وزارة الخزانة الأمريكية إن بياناً لبنك الشعب الصيني (البنك المركزي) يوم الاثنين، أوضح أن السلطات الصينية تمارس سيطرة واسعة على سعر صرف اليوان.وقال بنك الشعب الصيني إنه «سيواصل اتخاذ إجراءات ضرورية ومستهدفة ضد (سلوك القطيع) الذي قد يحدث في سوق الصرف الأجنبي»، فيما قالت الخزانة الأمريكية «هذا اعتراف صريح من جانب بنك الشعب الصيني بأن لديه خبرة واسعة في التلاعب بعملته، وأنه لا يزال مستعداً لفعل ذلك بشكل مستمر».وذكرت أن الصين انتهكت التزاماً بالامتناع عن خفض قيمة العملة لغرض التأثير في المنافسة في إطار مجموعة الدول العشرين.وكانت الوزارة صنفت تايوان وكوريا الجنوبية على أنهما تتلاعبان بالعملة في عام 1988، وهو العام الذي أصدر فيه الكونجرس قانون مراجعة العملة، وكانت الصين آخر بلد يتم تصنيفه كذلك في عام 1994. المعادن وفي أسواق المعادن النفيسة، استقرت أسعار الذهب، أمس الثلاثاء، قرب أعلى مستوى لها في ست سنوات مع إقبال المستثمرين على الملاذ الآمن.وانخفض سعر الذهب في التعاملات الفورية 0.1% إلى 1461.51 دولار للأوقية (الأونصة)، بعدما بلغ أعلى مستوياته منذ مايو/‏ أيار 2013 عند 1474.81 دولار في وقت سابق من الجلسة، كما انخفض الذهب في العقود الأمريكية الآجلة 0.1% ليبلغ 1474.40 دولار للأوقية.كما ساهم هبوط مؤشر الدولار لأدنى مستوى في أسبوعين في دعم أسعار المعدن الأصفر، بينما سجلت عائدات سندات الخزانة الأمريكية الأطول أمداً أكبر انخفاض لها في 14 شهراً.وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، استقرت الفضة عند 16.39 دولار للأوقية، في حين زاد البلاتين 0.2% إلى 854.85 دولار.وارتفع البلاديوم 1.3% إلى 1432.75 دولار للأوقية. (وكالات) «جولدمان ساكس» يستبعد اتفاقاً تجارياً قبل 2020 قال بنك جولدمان ساكس إنه لم يعد يتوقع أن تتوصل الولايات المتحدة والصين إلى اتفاق لإنهاء نزاعهما التجاري، الذي طال أمده قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي ستُجرى في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 مع ميل صانعي السياسات في أكبر اقتصادين في العالم «لاتباع نهج متشدد».ويتوقع البنك حالياً أن يقوم مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) بخفضين متتابعين لأسعار الفائدة «في ضوء تنامي مخاطر السياسة التجارية وتوقعات السوق بخفض أكبر بكثير لأسعار الفائدة وتزايد المخاطر العالمية المتعلقة باحتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق». وكتب يان هاتسيوس، كبير الاقتصاديين لدى جولدمان ساكس، في مذكرة تعليقاً على الخطوات الأمريكية الأخيرة إن تحرك واشنطن «يشير إلى أن الجانبين في الصراع التجاري، يتخذان مواقف أكثر تشدداً بما يقلل احتمالات التوصل إلى حل على المدى القريب».وأضاف أن المركزي الأمريكي «استجاب بشكل متزايد هذا العام لمخاطر الحرب التجارية وتوقعات سوق السندات والمخاوف المتعلقة بالنمو العالمي»، في تفسيره لتوقعه إعلان المركزي لخفضين متتالين لسعر الفائدة في سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول.(رويترز)

مشاركة :