ناقش المتحدثون المشاركون في أولى جلسات اليوم الرابع من أيام البرنامج الثقافي لسوق عكاظ في نسخته الثالثة عشرة، ضمن موسم الطائف، مسيرة الشاعر “طاهر زمخشري.. الشاعر والإنسان”، الذي أطلق عليه لقب “الماسة السوداء”. وأشار المشاركون في الندوة التي أدارتها الدكتورة زهور القرشي، إلى أن الشاعر الراحل هو صاحب أول ديوان شعري في تاريخ المملكة “ديوان أحلام الربيع”، والذي أسهم في تأسيس الإذاعة السعودية في مكان نشأته بمكة المكرمة، وهو رائد أدب الطفل المعاصر. وأكد المتحدث محمد الشنطي، أن “زمخشري” صاحب ثنائيات متآلفة، وسر هذه الثنائيات هي أنه أديب وشاعر في جانب، وإعلامي في الجانب الآخر، وجعلت قصائده تحفل بهذه الثنائيات، بل ظروف حياته أيضًا كان لها مؤشر على وجود مثل هذا الإزدواج في شعر الشاعر. وقال “الشنطي”: “لو كان الشاعر أبو العلاء المعري رهين المحبسين، فإن شاعرنا طاهر زمخشري شادي الغربتين لاغترابه المكاني والنفسي، وأن معاناة الشاعر طاهر زمخشري وظروفه الشخصية دفعته إلى أن يحتفل على نحو أو آخر بالغنى لما لحق به من معاناة في طفولته”. وأفصح عن وجهة نظره في أن إنتاج زمخشري الكمي هو أثر من آثار النزعة الإعلامية الكامنة في نفسه، فله أكثر من 23 ديوان وهذا كم كبير لشاعر قضى حياته متنقلًا بين الإعلام، والإبداع، والأدب، وبين والوطن المملكة العربية السعودية، وتونس. وعدّ “الشنطي”، ما حصل عليه الأديب والشاعر الراحل من جوائز وتكريم في وطنه المملكة العربية السعودية وتونس، نتاج كبير أحدثت أثرًا كرس فيه الثنائية الإعلامية والشاعرية. وأكد أن الشاعر طاهر زمخشري، كانت قصائده تُغنى ليس فقط من الجانب الموسيقي فقط، بل لما فيها من رؤى، وأن قصائده موضوعة للغناء لأنها عبرت عن هموم الإنسان والمرحلة التاريخية التي عاش فيها. من جانب آخر، أكد الناقد حسين بافقيه، في ورقته التي عنونها بـ “زمخشري صانع البهجة”، أن الشاعر الراحل كان يستطيع أن يحول كل مظاهر الحياة التي تتصل به إلى شعر، ويتحكم في تجربته الشعرية، بالغربة والحزن والألم بقوله إن تحدثنا في جانب الرومانسية فإنه لم يحد في دواوينه كافة عن ذلك، على رغم كل التغيرات التي طرأت على الشعر العربي في المدة التي عاشها. ولفت “بافقيه” إلى أن شعر طاهر زمخشري يغلب عليه الحزن والغربة، وكان يكثر الشكوى منها خصوصًا لما اغترب عن وطنه المملكة العربية السعودية، ومع إحساس الغربة عن وطنه والألم، يعوض زمخشري بصناعة البهجة، إذ يعد من أكثر الشعراء العرب تناولا لمباهج الحياة، مرجعاً أسباب ذلك لنشأته في مكة المكرمة. وأضاف: “حينما ننظر إلى أعمال زمخشري الشعرية الضخمة يلفت انتباهنا، أنه كتب جُملًا من القصائد في العديد من الفنانات على المستوى المحلي والعربي، ورثى وبكى البعض الآخر، وحينما كان في القاهرة ورأى دار السينما وشاهد فيلماً كتب قصيدة في ذلك أيضا، ولم يترك مسألة في إدخال البهجة على نفسة أو القارئ إلا وطرقها”. وأفاد “بافقيه”، أن طاهر زمخشري، كان يعنيه كثيرًا تصدير فن الغناء السعودي إلى العالم العربي، وأنه نجح في ذلك، ملمحًا في الوقت ذاته إلى مؤازرته للعديد من الفنانين السعوديين في بدايات ظهورهم الأولى، والتي استطاع من خلالها أن يشق طريقه الفني. بدوره أبان المتحدث محمد توفيق بلو، أن أهم المحطات الإنسانية في حياة الشاعر “زمخشري” هي التي صنعت مواقف إبداعات شعره وأدبة وفنه، مشيرًا إلى أنه عاش مع زمخشري تحت سقف بيت واحد 20 عامًا، حيث نشأ زمخشري من أسرة بسيطة في مكة المكرمة. واستذكر بلو في ثنايا حديثه موقفًا حدث لطاهر زمخشري، في طفولته حينما ارتقى على كرسي الشاعر السعودي المخضرم أحمد إبراهيم الغزاوي في مكتبه بمكة المكرمة ، وارتدى نظارته الشخصية “تساءل غزاوي: لماذا فعلت ذلك؟ فأجاب طاهر: أريد أن أكبر وأكون شاعرًا مثلك، وبعد مرور سنوات التقى الشاعر المخضرم أحمد غزاوي بالصدفة طاهر زمخشري بعد أن أصبح مراقبًا عامًا للإذاعة والبرامج، حينها استذكرا في ذلك طفولة زمخشري حينما ارتدى النظارة وتحقق حلمه في أن يكون شاعرًا. وأشار بلو إلى أن طاهر زمخشري درس في مدارس الفلاح بمكة المكرمة ، وهي بيئة خرّجت العديد من المفكرين والأدباء، معتمدًا في دراسته على أمهات الكتب، مفيدًا بأنه خلال مرحلة طاهر زمخشري الدراسية، لاحظ مدير مدارس الفلاح في ذاك الوقت عبدالله ناري، بزوغًا شعريًا لطاهر، وتفوقه في منافسات ومسابقات بين الطلبة في التشطير والتخميس، فتبّناه في هذا المجال بشكل مباشر، مما أتاح له الفرصة في تقديم ما لدية من موهبة. وأوضح بلو أن زمخشري اكتسب المعرفة من شخصيات داعمة ثقافيًا وفكريًا، ومنهم الشيخ صالح نصيب الذي امتلك مكتبة في مكة، يزود من خلالها طاهر بجميع المجلدات وأمهات الكتب عن الشعر والأدب وغيره. إلى ذلك تناول المتحدث معيض بن عطية القرني، أنماط حضور المرأة في شعر طاهر زمخشري، مشيرًا إلى أنها احتلت مرتبة كبيرة لجهة الإشادة بها، وتعددت أنماط ظهورها في شعره، فكان له نصين للأم وقال: “من تقديرات الشاعر للمرأة هو النمط الزوجي، ويقول للتدليل على ذلك: “نعم هي زوجتي وشريكة حياتي وأليفة روحي، لقد كانت تسير معي في أول الطريق وقطعت هي الشوط فنامت في مقرها الأخير راضية مرضية، وأما أنا فما زلت أسيرُ، وإنها لدموع أذرفها وسيذرفها معي كل من فقد عزيزًا”، وهذه المقدمة لطاهر زمخشري لأم أولاده، حيث إن المرأة أحتلت في روح شاعرنا منزلة مهمة فأصبحت الأم والرفيقة والحبيبة”. وخلُص “القرني”، في ختام الندوة إلى أن الشاعر طاهر زمخشري استجاب في حياته لدوافع الحزن للمرأة، الأمر الذي جعله يرثي بعض الشخصيات العامة، والفنانات العربيات، وأيضًا المناضلات في البلاد العربية.
مشاركة :