عادات ونظم غذائية ضارة يحرص عليها غالبية المصريون يوميًا، فما بين التدخين وتناول الأطعمة الغير مفيدة بكميات هائلة يتناقص معها رصيد صحة الإنسان، ويبدأ الخطر يدق أجراسه تنبيهًا لصاحبه بتوخي الحذر قبل فوات الأوان. ومن الأمراض الشائعة الناجمة عما سبق هو سرطان الحنجرة، فهو نتيجة تراكمات كونتها عادات سيئة يمارسها الشخص، حتى يجد نفسه على نحو مفاجئ يعيش من دون ذلك العضو، قاضيًا بقية أيامه دون صوت يصدر منه، بجانب مشكلات في التنفس. لتوضيح الصورة من كافة جوانبها، يقول الدكتور أحمد إسماعيل، إخصائي الأنف والأذن والحنجرة، إن مسببات سرطان الحنجرة 6 مصادر، على رأسها التدخين (السجائر والشيشة)، تليها تناول المشروبات الكحولية، وحال إدمان الشخص للعاملين السابقين في آن واحد تزيد فرص إصابته بالورم الخبيث. بالنسبة لغير المدخنين، فهم معرضون للإصابة بالورم حسب «إسماعيل» نتيجة التدخين السلبي، إلى جانب ارتجاع المريء، وهو المسبب الأكبر للمرض في هذه الفئة، فتنتج من صعود الأحماض المساعدة على الهضم إلى البلعوم والمريء والحنجرة، دون البقاء داخل المعدة، ما يؤدي إلى تكون خلايا سرطانية بالحنجرة على المدى البعيد. ويتمثل العامل الخامس وفق «إسماعيل» في التعرض للمواد المشعة، وتنقسم لنوعين، الأول مرتبط بالشق العلاجي، أي في حال إصابة الشخص بسرطان الغدة الدرقية يتناول اليود المشع، وقد ينجم عنه إصابته بسرطان الحنجرة، والشق الآخر مرتبط كوارث التسرب الإشعاعي، والسبب الأخير يرتبط بالورم الحميد، ففي حال بقائه بالحنجرة دون استئصال فوري يتحول إلى خبيث. يشير «إسماعيل» إلى أن نسبة حدوث المرض يصل إلى 4 رجال لامرأة واحدة، وهي منخفضة عن السابق، فكانت 10 رجال لامرأة، ويرجع ذلك إلى ارتفاع عدد المدخنات في السنوات الأخيرة، فيما يُعد كبار السن في صدارة المعرضين للإصابة بالورم الخبيث، لأنهم كلما تقدمت أعمارهم زاد تعرضهم لمسببات السرطان، بالتحديد التدخين. تتعدد أعراض الورم الخبيث حسب «إسماعيل»، والتي تختلف من حالة لأخرى وفق مكان تواجد الخلايا السرطانية بالحنجرة، فقد يشعر المريض بتغير صوته، أو الشعور باختناق في التنفس، أو الإحساس بألم أثناء ابتلاع الطعام، أو ظهور تورمات بالرقبة من الخارج، وهي الناتجة عن وصول السرطان إلى الغدد الليمفاوية. وعن كيفية التشخيص، يكشف «إسماعيل» أن الطبيب في بادئ الأمر يتعرف على التاريخ المرضي للمصاب (كالسن ومحل الإقامة والتدخين على سبيل المثال)، ثم يفحص الرقبة، يتلوها إجراء ما يُسمى بـ«منظار غير مباشر على الحنجرة»، وهو ما يتعرض له المريض بتخدير موضعي. بعد الإجراء السابق، وحال الاشتباه في وجود ورم، يخضع المصاب لأشعة مقطعية على الرقبة أو رنين مغناطيسي على نفس المنطقة حسب «إسماعيل»، ثم يعرّضه الأطباء لـ«منظار مباشر للحنجرة» تحت تأثير التخدير الكلي، ما يسهّل على الطبيب النظر إلى تفاصيل الأورام السرطانية والأماكن التي امتدت إليها بالحنجرة، وهو ما يؤثر فيما بعد في اختيار العلاج المناسب. يلجأ الطبيب في هذه الحالة إلى أخذ عينة من الورم حسب «إسماعيل»، للتأكد ما إذا كان حميدًا أو خبيثًا، ولو كان سرطانيًا سيتعرف على نوعه، خاصةً وأن كل لون له علاج بعينه، فالبعض يستجيب للعلاج الإشعاعي، وآخرون يتطلبون تدخلًا جراحيًا فوريًا. يتوقف علاج سرطان الحنجرة على نوعه، إضافة إلى مدى انتشاره وفق «إسماعيل»، وعما إذا وصل إلى الغدد الليمفاوية بالرقبة أم لا، وهو ما يتطلب جراحة دقيقة بجانب الإشعاع، مع معرفة ماهية امتداد الورم إلى أعضاء أخرى كالكبد والرئتين والعظام والمخ. بعد تحديد النوع تتعدد وسائل العلاج، فمنها، حسب «إسماعيل»، التدخل الجراحي، وهي إما استئصال للحنجرة كليًا أو جزئيًا، أو عن طريق الليزر، أو علاج آخر إشعاعي، وربما يُضاف إلى الأخير علاج كيماوي. ولـ«منع البلاء قبل وقوعه» حسب العبارة الدارجة، ينصح «إسماعيل» بالامتناع عن التدخين بشكل عام، والابتعاد عن الشخص المدخن تجنبًا للآثار السلبية لتلك العادة، مع إزالة الورم الحميد فوريًا والمتابعة باستمرار مع الطبيب، لكن يظل الأهم هو التغلب على ارتجاع المريء، فله طريقتين للعلاج، أولهما تغيير النظام الغذائي بتقليل كمية الطعام في الوجبة الواحدة، حتى لو على حساب تكثيف عدد مرات الأكل: «يعني تاكل مثلًا 5 وجبات كل وجبة كمية الأكل فيها قليلة». ينصح «إسماعيل» كذلك بتغيير نوعية الأطعمة، بالتقليل من الأطعمة الحارة كالفلفل والشطة والبهارات، إضافةً إلى المياه الغازية، مع الامتناع عن الأكل قبل النوم، ويُفضل أن تكون آخر وجبة قبله بـ3 ساعات، وأن يسند الشخص رأسه على الفراش بوسادة عالية، أما الطريقة الثانية للعلاج هو اللجوء للأدوية، على رأسها Proton Pump Inhibitors، وHistamine 2 antagonist، الخاصين بارتجاع المريء.
مشاركة :