محللون سياسيون يتناولون الأبعاد الإستراتيجية والرؤية المستقبلية : (إعادة الأمل) تستدعي احتواء اليمن عربيًا ودعمه اقتصاديًا

  • 4/23/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

أوضح عدد من المحللين السياسيين أن عملية عاصفة الحزم التي جاءت لإنقاذ اليمن من براثن ميليشيات الحوثي وأعوانهم قد انتهت من الناحية العسكرية لتتيح المجال نحو بدء مرحلة ” إعادة الأمل” المعنية بتقديم المساعدات للمتضررين في اليمن، داعين إلى إعادة تأهيل اليمن اقتصاديًا واستراتيجيًا واجتماعيًا، واحتوائه ضمن السياق السياسي العربي، لكي لا تتاح فرصة أخرى لأي تدخل خارجي يثير الفوضى فيه، ويشكل تهديدًا لأمن المنطقة. وأكد المحللون خلال نقاش سياسي نظمته الجمعية السعودية للعلوم السياسية في مقر كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة الملك سعود امس بعنوان ( الأبعاد السياسية والإستراتيجية لعاصفة الحزم) ورعته اعلاميا (وكالة الأنباء السعودية) أن المرحلة القادمة لليمن هي مرحلة صعبة تتطلب فيها الأوضاع إغاثة المتضررين فيه من حرب الحوثيين، وإعادة إعماره من جديد، وتأمينه من أي تدخلات خارجية تضر به وبالأمة العربية، مع السعي إلى إيجاد أبعاد سياسية جديدة لدعم العلاقات بين اليمن ودول الخليج العربي، وتطويرها في مختلف المجالات، فضلاً عن تحفيز الشعب اليمني للقيام بدوره في النهوض بالبلاد، والتفكير بكيان الوطن بالكامل دون تجزئته. ففي ورقة بعنوان ( الأهمية الإستراتيجية لليمن) تناول الدكتور خالد العلي من معهد الدراسات الدبلوماسية، أهمية اليمن بالنسبة لدول الخليج العربي ودول المنطقة العربية من الناحية الجغرافية والاقتصادية والسياسية، مبينًا أن اليمن الذي يقع على مساحة تقدر بـ 528 ألف كيلو متر مربع، يغلب عليه الصفة القبلية متنوعة القدرات والإمكانيات والمرجعيات مشكلة ما نسبته 85 % من السكان الذين يبلغ عددهم أكثر من 24 مليون نسمة، الأمر الذي أسهم في انتشار السلاح بين هذه القبائل بما يقدر بنحو 60 مليون قطعة سلاح، وعدّت ثاني دولة في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية في امتلاك الأفراد فيها للسلاح. ودعا الدكتور خالد العلي دول الخليج العربي إلى احتواء اليمن في السياق السياسي أكثر من الجغرافي، إذ يوجد تداخل اجتماعي بين مختلف مكونات المجتمعين اليمني والخليجي، ويشكل مضيق باب المندب بعدا استراتيجيًا لأمن المنطقة العربية وتجارتها، لأنه يعد بوابة لعبور 25 ألف سفينة محملة بمختلف البضائع والسلع النفطية، الغذائية، والصناعية، كما أن اليمن همزة وصل بين القارة الأفريقية ودول الجزيرة العربية، وتقترب من منطقة القرن الأفريقي. وأفاد أن تساهل الحكومة اليمنية في صراعها مع الحوثيين على مر التاريخ أسهم في تطور انتشار ميليشيات الحوثي في مختلف محافظات ومراكز اليمن وتهديد أمن المنطقة بعد أن تخيلت إيران أنها بعد تدخلها السهل في العراق، وسوريا، ولبنان، سوف تستطيع التدخل في المملكة عن طريق اليمن من خلال دعم الحوثيين، لكن خيالاتهم خابت بمقابلة “عاصفة الحزم”. وحدد الدكتور مرزوق العشير من جامعة نجران، الأسباب الداخلية لحدوث الأزمة اليمنية في ست نقاط هي : تحايل علي عبدالله صالح على مخرجات الحوار الوطني في اليمن والمبادرة الخليجية من أجل الانتقام من منافسيه على السلطة، وتسليمه أجهزة الدولة وجيشها وعتادها للحوثيين حتى انقلبوا على شرعية عبدربه منصور هادي، ودخول إيران في اليمن بعد أن وجدت فراغا سياسيا فيه، ودعمت الحوثيين بناء على التقارب العقدي الذي يجمعهما لتلبية مآربها البغيضة في المنطقة العربية انطلاقًا من اليمن، إضافة إلى ضعف أجهزة الدولة اليمنية، وضعف دور العلماء في توضيح مشروع العنف الذي انتشر في اليمن ضد المؤسسات المدنية، والشعب اليمني. ودعا الدكتور العشير في ورقته بعنوان ( الأسباب الداخلية والخارجية للأزمة اليمنية) إلى عدم تجاهل الحوثيين في تركيبة نسيج المجتمع اليمني المقبلة، ودعوتهم للانخراط في المجتمع، ورمي السلاح والمشاركة في نهضة اليمن، حتى لا يكونوا عرضة للإنصات إلى التدخلات الخارجية. أما الدكتور محمد بن عوض الحارثي من جامعة الملك سعود، فقد طرح في ورقته الأسباب الخارجية للأزمة اليمنية، محددًا إياها في المد الإيراني في المنطقة من خلال الحوثيين، كما تدخلت في لبنان، والعراق، وسوريا، ومملكة البحرين، وأخيرًا في اليمن، عن طريق استقطاب الشباب في هذه الدول لتدريبهم عسكريًا في بعض الميادين، ودعم بعض الدعاة المتطرفين، واستكتاب بعض الإعلاميين للترويج لسياستها المضللة. وأشار الدكتور الحارثي إلى أن إيران تتعامل في سياستها مع الدول بفوقية وتعالٍ بطريقة غير مباشرة عن طريق التواصل مع الأقليات الموجودة في تلك الدول، واستثمارها لجانبها، وإنشاء أحزاب لها بزعم دعمها في بلدانها، مؤكداً أن الحل في مواجهة إيران وخططها التوسعية هو في تطبيق قول الله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ) . أما الدكتور عبدالله بن فهد اللحيدان من وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، فقد تحدث في ورقته بعنوان ( عاصفة الحزم ودورها في مواجهة التهديدات) عن علاقة المملكة مع دول مجلس التعاون واليمن بشكل خاص، مبينًا أن المملكة ترتبط مع اليمن بعلاقات قوية على مر التاريخ, والمملكة لم تغير من مواقفها الداعمة لليمن. وأكد ضرورة الاهتمام باليمن ودعم مؤسساته المدنية بعد توقف عملية “عاصفة الحزم ” والدخول لمرحلة “إعادة الأمل”, مؤيدًا فكرة دخول اليمن إلى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بعد تأهيله, لتكون قوة إضافية لدول المجلس. وقال الدكتور اللحيدان : على الحكومة اليمنية إيجاد أناس صادقين ومخلصين يريدون الخير لها, فمهما أنفقت من أموال ولم يكونوا صادقين ستذهب هذه الأموال هباءً منثوراً, وإذا كان هناك أناس مُخلصين فستنجح الخطط حتى لو كانت الإمكانات المالية محدودة. وقدم الدكتور عبدالله بن جمعان الغامدي من جامعة الملك سعود، رؤية مستقبلية عن عاصفة الحزم، موضحًا أن العاصفة منحت اليمن الأمل في المستقبل القادم بعد أن صدّت مليشيات الحوثي وأعوانهم من التوسع في الأراضي اليمنية، مبينًا أن المرحلة القادمة بعد العاصفة تتطلب العديد من المهام السياسية، والأمنية، والاقتصادية، والإعلامية لإعادة إعمار اليمن من جديد. وأشار إلى أن الرؤية المستقبلية لمرحلة “إعادة الأمل تتمثل في الإسراع بإغاثة المحتاجين في اليمن، وفتح مجال الاستثمار ، وتأهيل اليمن من جميع النواحي الاقتصادية، والإستراتيجية، والاجتماعية، والعلمية. وفي ورقة بعنوان ( تهديدات الأزمة اليمنية للمنطقة) استعرض الدكتور إبراهيم النحاس من جامعة الملك سعود التهديد الأبرز الذي استشفه المراقبون من الأزمة اليمنية الحالية، وهو ظاهرة الإرهاب التي كانت تنتشر داخل اليمن في الماضي, وارتبطت بتنظيم القاعدة الذي بدأ يتوسع في بعض المناطق اليمنية . وقال الدكتور النحاس: إن الإشكالية في الأزمة اليمنية هي أن العالم العربي أصبح يقبل التدخلات الخارجية وهذه أزمة كبيرة جداً, وعاصفة الحزم أتت لتقول لا يمكن لهؤلاء أن يسيروا باتجاهات تدعوا لتعزيز موقف إيران على حساب الدول الأخرى, والفائدة الرئيسة للعاصفة أعطت مؤشرا بأن العالم العربي يستطيع إيقاف مثل هذه التدخلات الخارجية، وبأنهم لن يكونوا في مأمن من الرد العربي المشترك. وأضاف الدكتور إبراهيم النحاس أن عاصفة الحزم لم تتوقف عسكرياً فهي مستمرة حتى اليوم حيث كان هناك حملات عسكرية على ميليشيات الحوثيين، وأضيف للجانب العسكري جانب تنموي وسياسي طبقاً للقرار الدولي، لكن المشكلة تبقى في تمدد الأزمة اليمنية خارج اليمن في حال لو حدث هناك حرب أهلية لأن ذلك سيعزّز من انتشار ظاهرة الإرهاب، وستنذر بخطر كبير على المنطقة. وكانت الورشة قد استهلت أعمالها بكلمة لأستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك سعود رئيس الجمعية السعودية للعلوم السياسية الدكتور سرحان بن دبيل العتيبي، أوضح فيها أن الورشة جاءت متوافقة مع الإعلان عن انتهاء عملية “عاصفة الحزم ” والبدء في عملية “إعادة الأمل”, مبيناً أن الورشة عملت على بناء قاعدة معلوماتية سياسية للمتخصصين في جميع الحقوق المعرفية والمعارف السياسية على وجه الخصوص. وأكد أن الورشة تسهم في الدعم المعرفي والفكري والتحليل السياسي للأزمات والمواقف السياسية التي تمر بها الدول, كما تحاول من خلال دراستها السياسية والإقليمية لسلوكيات الدول والمنظمات الدولية أن تؤصل لفكر سياسي ووطني يسهم في اتخاذ القرار السياسي الرشيد نحو السياسات الإقليمية والدولية . حضر فعاليات الورشة التي أقيمت تحت رعاية معالي مدير جامعة الملك سعود الدكتور بدران بن عبدالرحمن العمر، وكيل الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي الدكتور أحمد بن سالم العامري، وعميد كلية الحقوق والعلوم السياسية بالجامعة الدكتور مفلح بن ربيعان القحطاني، وعدد من أعضاء هيئة التدريس بجامعة الملك سعود، وطلبة قسم العلوم السياسية، وحشد من رجال الصحافة والإعلام.

مشاركة :