الهند تتبنّى «الركشة» الكهربائية لحـل مشكلة المواصلات وتلوث الهواء

  • 8/29/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تضم الهند مليون سيارة «ركشة» كهربائية، ما يجعلها ثاني أكبر مشغل لهذا النوع من السيارات في العالم، ولا يتفوق عليها في العدد سوى أسطول الصين الذي يضم مئات الملايين من الدرّاجات النارية والدرّاجات الكهربائية. ويقدر المحللون أن هناك نحو 60 مليون هندي يستغلون هذه الركشات الكهربائية كل يوم، حيث يدفع الواحد منهم نحو 10 روبيات، ما يعادل 14 سنتاً، للمشوار الواحد. وفي دولة ذات خيارات نقل مشتركة محدودة، وعدد كبير من الفقراء العاملين، توفر هذه المركبات خدمة حيوية بالإضافة إلى عيش كريم للسائقين، ومعظمهم أميون. وغالباً لا يلتزم السائقون بقواعد السير، ويتسابقون مع الحافلات والشاحنات ويسدون عليها الطرق. هذه السيارة ذات الجوانب المفتوحة تتيح للركاب الدخول إليها والخروج منها والتنقل بها بسهولة. مخاطرة تستحق العناء وفي المدن الشمالية بالبلاد، حيث يكثر استخدام هذه الركشات الكهربائية، فإنها تحل محل نظيرتها الآلية، التي تعمل كسيارات أجرة في الحي، وتتسع لما يصل إلى ثلاثة أشخاص، وتعمل على الديزل أو البنزين أو الغاز الطبيعي. وتتعرض البطاريات في بعض الأحيان للحرارة العالية، ما يعرض حياة الركاب للخطر، وعلى الرغم من ذلك فإنها بالنسبة لملايين الهنود مخاطرة تستحق كل هذا العناء. وبالمقارنة فإن الركشة الآلية أكثر أماناً وأعلى سرعة وأرخص كُلفة للرحلة من الركشة الكهربائية، التي تكلف الرحلة فيها ثلاثة إلى 10 أضعاف تكلفة الرحلة في الركشة الآلية، وهي أقل استهلاكاً للطاقة وتستطيع أن تحمل أربعة مسافرين أو أكثر. ولكن بالنسبة للكثير من السائقين، فإن الانتقال من الركشة الآلية إلى الكهربائية ذات الطراز القديم نقلة نوعية لأنها تجلب لهم مزيداً من الدخل. يقول فينود جها، 42 عاماً، الذي تحول إلى الطراز الكهربائي قبل عامين، إنه أصبح يمارس المزيد من العمل الآن، لأن أغلبية المسافرين يفضلون الركشة الكهربائية عن تلك التي تعمل بالوقود أو يجرها البشر. غير قانونية فنياً أكثر من نصف سيارات الأجرة ذات العجلات الثلاث غير قانونية من الناحية الفنية، وليس لدى معظم سائقيها رخصة قيادة أو ترخيص بتشغيلها، وهي أكثر عرضة للحوادث، ويتم تشغيلها بواسطة بطاريات الرصاص الحمضية، والتي توضع أسفل مقاعد الركاب، وغالباً ما يسرق سائقها الكهرباء لإعادة شحنها. وتقول الموظفة، سومان ديب كور، التي تستقل هذه المركبة مرتين يومياً بين المحطة ومنزلها: «إنها غير آمنة على الإطلاق، ولكنها وسيلة التنقل الوحيدة المتاحة التي ستعيدني إلى المنزل». تبني الهند للسيارات الكهربائية لم يكن منظماً مثله مثل الكثير من الأمور المستحدثة في البلاد. وظهرت أول ركشة كهربائية منذ نحو عقد من الزمن عندما بدأت الشركات المصنعة للركشات تستورد قطعها الجاهزة من الصين لتجميعها في الهند، وفي البداية كانت هذه المركبات الكهربائية تستخدم بشكل أساسي لنقل البضائع. وتجاهلت الحكومة ازدياد الركشات الكهربائية على الطرقات حتى عام 2014، عندما سقط طفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات في وعاء من الزيت الساخن بعد أن تعرضت والدته التي كانت تحمله للصدم من قبل ركشة كهربائية. وقضت محكمة دلهي العليا بعدم قانونية هذا النوع من المركبات، وفرضت حظراً عليها. وتدخل البرلمان الوطني فيما بعد وصادق عليها في عام 2015، لكن معظم مالكيها يجدون صعوبة في الحصول على التراخيص اللازمة. ويقول مالك شركة «جي أند جي أوتوموتيف»، صني غارغ، وهي شركة لتصنيع العربات الكهربائية الراقية في نيودلهي، التي تكلف نحو 2000 دولار للواحدة، إن المسؤولين الحكوميين أدركوا أن السائقين هم من الناخبين المهمين، بمعنى أن لكل ركشة كهربائية ما لا يقل عن أربعة إلى ستة أصوات، في إشارة الى أفراد عائلة السائق. تقلل التلوث أمر آخر جعل الحكومة تقتنع بأهمية الركشة الكهربائية، وهو أن هذه المركبات تقلل من تلوث الهواء وانبعاثات الغازات في أماكن مثل نيودلهي، التي تسببها الركشات التي تعمل بالوقود، حيث تعتبر هذه المدينة واحدة من أكثر المدن تلوثاً في الهواء بالعالم. ويمنح المسؤولون الحكوميون هناك الآن دعماً مالياً يقدر بـ30 ألف روبية، أو نحو 425 دولاراً، للسائقين الذين يشترون سيارات كهربائية جديدة. ومع تزايد شعبية هذه السيارات، قامت الشركات الهندية بتعديل التصميمات الصينية الأصلية، وظهرت علامات تجارية جديدة مثل «سارشي»، وهي واحدة من أكبر الشركات المصنعة لهذه المركبات الكهربائية في منطقة دلهي، وأصبح لوسائل النقل هذه جهات تدعم استمراريتها مثل موردي قطع الغيار، ومواقف السيارات في الحي، حيث يمكن للسائقين تخزين بطاريات السيارات وإعادة شحنها خلال الليل. تحوّل «للكهربائية» وتحاول الحكومة المركزية الآن إجبار صانعي وسائل النقل هذه على استخدام الركشات الكهربائية، وفي سبيل ذلك خفضت الضرائب على المركبات الكهربائية، وقدمت إعانات مالية للبطاريات ومحطات الشحن، وبالإضافة إلى هذه الإغراءات قررت أن تكون جميع المركبات الجديدة ذات العجلات الثلاث كهربائية بحلول عام 2023، وأن تحقق المركبات ذات العجلتين هذا الهدف بحلول عام 2025. ويقول نائب رئيس مجلس إدارة شركة نيتي ايوغ، التي تضطلع بتنفيذ هذه الخطة: «هذا أمر جيد بالنسبة للبلاد للحيلولة دون التلوث البيئي». إلا أن السلامة لاتزال مصدر قلق في هذا الخصوص، حيث إن السيارات الإلكترونية، مع سرعتها البطيئة وتصميمها المتهالك، عرضة للحوادث، ومن المفترض أن يتجنب السائقون الطرق الرئيسة لكن الكثير منهم لا يلتزمون بذلك، وتشكو شركات المرافق العامة من سرقة الكثير من الطاقة الكهربائية باستخدام توصيلات كهربائية غير قانونية. ومناخ الهند الحار يؤثر أيضاً في البطاريات الكهربائية، حيث تفقد شحنتها بسرعة أكبر من تلك الموجودة في البلدان الأكثر برودة، ويمكن أن تزداد حرارتها وتتعطل عن العمل، وبدأت الشركات الكبرى في البحث عن وسائل لحل هذه المشكلات. شركة «أولاه»، المنافس لشركة «أوبر» في الهند، تقوم بتجربة العربات الإلكترونية التي يمكنها تبديل بطاريات الليثيوم أيون بسرعة حتى لا تتوقف السيارات في الطريق. وقامت الشركة ببناء محطة لتبديل البطاريات خارج دلهي، بعد أن حصلت على 250 مليون دولار من مصرف «سوفتبانك» الياباني لاستثمارها في تكنولوجيا السيارات الكهربائية. ويقول رئيس شركة «أولاه» للكهرباء، أناند شاه، «لا يمكن أن تعم الفوضى هذا القطاع إلى الأبد بل يجب أن يتحسن». وتتعاون شركة «ماهيندرا آند ماهيندرا»، وهي أكبر منتج للسيارات التجارية، مع «سمارت إيي»، وهي شركة ناشئة، لإنشاء سوق للسيارات الكهربائية، التي تعمل على بطاريات الليثيوم أيون. ووقّعت «سمارت إيي»، التي تمتلك أكبر أسطول من السيارات الكهربائية في البلاد، عقداً مع مترو دلهي لوضع سياراتها في مواقع رئيسة، كما أن لديها طموحات لتوحيد النظام التكافلي لسيارات الركشة الكهربائية. مظهر أكثر احترافية وتؤجر هذه الشركة الناشئة سيارات ركشة للسائقين تعمل ببطاريات الليثيوم، حيث تشحن البطاريات وتحتفظ بهذه السيارات في مستودعاتها الخاصة. وتلزم السائقين بالطرق التي يرسمها جهاز الكمبيوتر الذي يحدد طلبات التوصيل. وتشجع شركة «سمارت إيي» سائقيها على ارتداء قمصان الشركة من أجل مظهر أكثر احترافية. ويبدو أن الفكرة قد صادفت نجاحاً جيداً، إذ لم تمضِ إلا أيام قليلة على تنفيذ هذه الفكرة حتى كانت جميع مركبات «سمارت إيي» الخضراء محط اهتمام المسافرين المغادرين لمحطة القطار في ضاحية دواركا في دلهي، بدلاً من إجهاد أنفسهم في البحث عن عربات كهربائية أخرى كما كان في السابق. ويقول الرئيس التنفيذي لشركة «سمارت إيي»، جولدي سريفاستافا «من عين العقل أن تتصدر المركبات ذات العجلات الثلاث ثورة التقنية الكهربائية في الهند». ويضيف «التنقل على ثلاث عجلات هو عادة بالنسبة لعدد كبير من الهنود ذوي الدخل المنخفض والمتوسط، إنها تضيف خاصية جديدة للهند». رمز لاضطهاد الطبقة العاملة في الصين «الركشة»، حسب التعريف التقليدي، عبارة عن مركبة تتسع لراكب أو راكبين يجرها شخص يسير على قدميه. ويطول الشرح ويتشعب عن الشخص أو الجهة التي ابتكرت هذه المركبة. وما هو معروف أن «الركشة» ظهرت للمرة الأولى باليابان في أواخر القرن الـ17، وأن عبارة ركشة جاءت من الكلمة اليابانية «جينركيشا»، التي تعني المركبة التي يجرها الإنسان. ويقال إن أحد المبشرين الأوروبيين الأوائل في اليابان ابتكرها لحمل زوجته المريضة. وكان يوجد في اليابان، في فترة ما، نحو 21 ألف سائق مرخص له بقيادة هذه المركبة. بحلول نهاية القرن، وصلت هذه المركبة إلى الهند والصين، وتم إنتاج الآلاف منها، وأصبحت وسيلة النقل المفضلة للنخبة الاستعمارية، على حد سواء، للهروب من الحرارة الشديدة، ومن أجل التفاخر في هذه البلدان، وأصبحت صورة المستعمر السمين الذي يجلس داخل المركبة ليجره المواطن الضعيف المسكين من الصور القميئة التي تبعث على احتقار الآدمي. وحظر الزعيم الصيني الراحل، ماو تسي تونغ، عام 1949، استخدام الركشة كلياً في الصين لأنها، حسب اعتقاده، تمثل رمزاً لاضطهاد الطبقة العاملة، وسرعان ما حذت حذوه كل من الهند وبعض البلدان الآسيوية. المدينة الوحيدة التي قاومت هذا الحظر هي كالكوتا. هنا، خاضت نقابات سائقي الركشة اليدوية معركة شرسة ضد الحظر، وظل ما يقرب من 20 ألف عربة تعمل على نقل الركاب حول المدينة. وعلى النقيض من ذلك، لايزال يعمل في هونغ كونغ ثلاث عربات ركشة يدوية فقط، وتستهدف حصرياً السياح. وتشمل المدن الأخرى التي تستخدم الركشة اليدوية لأغراض السياحة كلاً من لندن ودبلن ولوس أنجلوس. وعادةً ما كان سائقو الركشة اليدوية يعملون أياماً طويلة مقابل مردود ضئيل للغاية، وكانت العربة بمثابة منزل متنقل لهم، يرتاحون فيه وينامون أيضاً. وكانت قيادة الركشة اليدوية في آسيا، قبيل نهاية القرن الماضي، هي في الغالب الوظيفة الوحيدة التي يستطيع النازحون من الريف إلى المدينة ممارستها، ولايزال معظم النازحين الى المدينة يمارسونها في كالكوتا. وينقل السائقون الناس والسلع وحتى رجال الشرطة، ويصعدون بهم حتى الجبال ويعملون خلال الأمطار الموسمية. استأجرهم العديد من السكان الأثرياء، مثل أولئك الذين كانوا يعيشون في مرتفعات هونغ كونغ، كشكل منتظم من وسائل النقل قبل وصول الترام أو القطارات إلى هناك. وعندما يركب معه راكب كبير الوزن يطلب سائق الركشة من سائق آخر مساعدته في سحبه ويطالب الراكب بأجرة إضافية. ويدور جدل مستفيض بين جماعات حقوق الإنسان في كالكوتا بشأن سائقي الركشات اليدوية، الذين تعتبرهم هذه الجماعات «عبيد العصر الحديث»، بينما يجادل آخرون أن حظر الركشة اليدوية سيؤدي إلى البطالة والجوع. ويزعم بعض الناس أن أغلبية الركاب هم أيضاً من الطبقة الدنيا، وأن الركشات اليدوية هي الطريقة الوحيدة للتنقل أثناء هطول الأمطار الموسمية الغزيرة. ترجمة: ع-خ عن «إنديا تايمز» «الركشة» في قلب السياسة الهندية أثار العديد من المشرعين في جمعية دلهي الوطنية، يوم الإثنين الماضي، المخاوف بشأن الركشة الكهربائية، متهمين إياها بإثارة الفوضى في طرق دلهي، وطالبوا حكومة دلهي بإيجاد وسائل أفضل لتنظيمها. وتفجرت هذه القضية بعد أن أخبرت حكومة دلهي الجمعية أن قاعدة بياناتها تظهر 71.092 ركشة كهربائية مسجلة لدى إدارة النقل حتى 31 يوليو 2019، ولكنها لا تضم جميع هذه المركبات التي تعمل بالبطاريات. من ناحية أخرى، رفعت حكومة دلهي أسعار أجرة الركشة الكهربائية بنسبة 18.75%، اعتباراً من يونيو الماضي. وتأتي هذه الأسعار الجديدة قبل انتخابات الجمعية العامة في دلهي العام المقبل، ويعتبر رفع قيمة الأجرة مكافأة لسائقي الركشة الكهربائية الذين دعموا الحزب الحاكم في دلهي، وهو حزب «آدمي» خلال الانتخابات ليحقق نصراً مؤزراً في الولاية خلال الانتخابات العامة التي جرت عام 2014، ويترأس الحكومة هناك. وكان رئيس الحزب ورئيس الوزراء في الولاية، آرفيند كيجريوال، قد قدم هذا الوعد لسائقي الركشة الكهربائية، بعد أن استطاع أن يضع نهاية للفترة الطويلة التي قضاها حزب المؤتمر في حكم العاصمة الوطنية، ووعدهم بمراجعة سنوية للرسوم. ويأتي رفع أسعار الأجرة أيضاً بعد أيام من إعلان حكومة «آدمي» عن خطة لإعفاء النساء من أجرة ركوب المواصلات العامة في دلهي. وهو المخطط الذي تعرض للانتقاد من قِبل رئيس مجلس إدارة مترو دلهي سابقاً، إي سريدهانان، الذي طلب من رئيس الوزراء، ناريندرا مودي عدم الموافقة على الاقتراح، لأن ذلك من شأنه أن يقلل من كفاءة نظام المترو ويعرضه للإفلاس. ترجمة: ع.خ عن «هندوستان تايمز» - «الركشة» الآلية أكثر أماناً وأعلى سرعة وأرخص كُلفة للرحلة من «الركشة» الكهربائية، التي تكلف الرحلة فيها ثلاثة إلى 10 أضعاف كُلفة الرحلة في الركشة الآلية، وهي أقل استهلاكاً للطاقة وتستطيع أن تحمل أربعة مسافرين أو أكثر. - أكثر من نصف سيارات الأجرة ذات العجلات الثلاث غير قانونية من الناحية الفنية، وليس لدى معظم سائقيها رخصة قيادة أو ترخيص بتشغيلها، وهي أكثر عرضة للحوادث، ويتم تشغيلها بوساطة بطاريات الرصاص الحمضية. - بحلول نهاية القرن الماضي، وصلت هذه المركبة إلى الهند والصين، وتم إنتاج الآلاف منها.ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App

مشاركة :