أكد الأديب العالمي نجيب محفوظ أن مشكلة رواية "أولاد حارتنا" تكمن في القراءة، فهي عندما أثارت الجدل عند صدورها لأول مرة سأله الراحل صبري الخولي عن مدى استعداده لمناقشة الرواية مع الأطراف المعترضة والتي تهاجمه، فأبدى الروائي الكبير استعداده وموافقته.وقال "محفوظ" في حوار تليفزيوني أجراه معه الإعلامي جمال الشاعر بمناسبة حصول الأديب على جائزة نوبل في الآداب لعام 1988، وأذاعته قناة ماسبيرو زمان: لقد ذهبت في الموعد الذي حدده لي المرحوم صبري الخولي لمناقشة الرواية لكن الأطراف الأخرى هي التي لم تأت، وقال لي الخولي "أنا هندهلك لما يجتمعوا وفات على كده 30 سنة ونسيت الأمر".وتابع "تجددت الحملة عليها ضدي بعدما حصلت على الجائزة وظهر رأي غريب يدعي أنني حصلت على الجائزة بسببها، وهذا غير صحيح، لأن تقرير الجائزة ذكر في نهايته تلك الرواية".وأضاف "محفوظ" أن الأدب الرمزي يحتاج لطريقة في القراءة، فهناك رمز وشيء يشير إليه، وأنت عندما تقرأ الرمز يجب ألا تخلطه بالمرموز وإلا ضاع الأمر، ومثال ذلك من تراثنا كتاب "كليلة ودمنة"، فهو عالم حيوان، إنما المؤلف قصد أن يعكس به الواقع في زمنه، فجعل من السلاطين والوزراء بدائل لهم في الأسد والثعلب وغيرهما، فالثعلب قد يمثل الوزير في حكمته ودهائه، لكنه يظل محتفظا بعالمه الحيواني وإلا فقدت الحكاية واقعيتها واقناعها للقارئ، فلا يصح أن يقرأ أحدهم قصة الثعلب ويسأل "ازاي تخلي معالي الوزير ينبش في الزبالة" فاعتبار الرمز هو المرموز يهدم العمل.وطالب "محفوظ" القراء بفصل الربط الواقع بين الرواية وبين قصص الأنبياء قائلا: افصل الحكاية وشوفها كحارة، وبعدين اسأل نفسك: الناس اللي أنت بتعتقد بيعادلوا سيرة الأنبياء باينين أيه؟ هتلاقيهم أبطال في سبيل الخير، ولنفرض أنها تتصدي لقصص الأنبياء ماذا فعلت هذه الشخصيات في الحارة، لقد قلبوها للخير، فلا يمكن أن يستهين الواحد بالشيء الذي يرمز إليه".
مشاركة :