جدة رنا حكيم أجمع عدد من المحللين الاقتصاديين على أنه لا جدوى اقتصادية فعلية من إعادة استعمال العملات المعدنية التي لم تكن مستخدمة من قبل، وتأتي تأكيدات الاقتصاديين في الوقت الذي تشهد فيه العملات المعدنية (أقل من ريال) أعلى معدلات تداول لها خلال الشهرين الماضيين، بعد أن دشنت وزارة التجارة والصناعة حملة «خذ الباقي» على جميع المحال التجارية في المملكة، منذ العاشر من شوال الماضي، وصدور قرار مجلس الوزراء للموافقة على صك 400 مليون عملة معدنية فئة خمسين هللة، خلال جلسته التي عُقدت أخيراً في جدة. وأكد المحللون أن الحملة التي ارتبطت بعودة تداول الهللات تأتي في المقام الأول لحفظ حقوق المستهلكين. وبيَّن أستاذ الاقتصاد في إحدى الكليات الأهلية بجدة الدكتور فهد الغامدي، أن إعادة استخدام العملات المعدنية بعد عشرات السنوات من الإهمال وعدم التداول، سلوك تلجأ إليه الحكومات المقبلة على التفليس أو الانهيار، بسبب ديون أو خلافه، مما يؤكد أنه لا جدوى اقتصادية فعلية أو قيمة مضافة للاقتصاد السعودي من إعادة تداول فئات نقدية، مثل النصف والربع ريال للاستخدام، مشيراً إلى أن صك النقود المعدنية يُرهق كاهل البنوك المركزية، إذ ترتفع تكاليف صك النقود المعدنية بأكثر من 40% مقارنة بالعملات الورقية. من جانبه، قال الخبير المصرفي طلعت حافظ: “قبل الحديث عن الجدوى الاقتصادية من إعادة استخدام العملات النقدية في المملكة عن طريق الحملة التي أطلقتها وزارة التجارة والصناعة (خذ الباقي)، والتي تأتي في المقام الأول لحفظ حقوق المستهلكين في الأسواق والمحال التجارية عند شرائهم السلع والخدمات، بألا يقوم التاجر بأخذ الباقي من ثمن السلعة وإعطائه سلعة قد لا يحبذها المستهلك، وبالتالي يكون ذلك نوع من الإلزام غير المحبب للمستهلك، ويتسبب في النهاية في ضياع حقوقه، ومن هذا المنطلق أطلقت الوزارة هذه الحملة، بالتزامن مع عدد من المبادرات التي تصب في النهاية في إيجاد بيئة تجارية تنعم بالاحترام المتبادل في السوق وصيانة الحقوق وتعزيز الثقة في آليات السوق”. وأضاف حافظ: “الجدوى الاقتصادية من عودة استخدام العملات المعدنية تتمثل في المحافظة على العملة الوطنية للمملكة بصيغها المختلفة، لاسيما وأن أجزاء الريال هي جزء لا يتجزأ من العملة الوطنية، وله قيمة اقتصادية تساوي تماماً القيمة التي تتمتع بها العملة الورقية، وبالتالي وجود النقد المعدني في النظام النقدي أمر مهم، كونه يدعم (الورقي) لدفع قيمة المشتريات من السلع والخدمات، إضافة إلى أنها تُستخدم لوضع القيمة الفعلية للسلع”، مشيراً إلى أن “المؤسسة وضعت الخطط الكفيلة لتوفير الكميات الكافية للبنوك وأفرعها على حسب حجم وكبر الفرع كما هو الحال مع العملات الورقية”. وأيَّد عضو اللجنة التجارية في غرفة جدة الدكتور واصف كابلي، عودة استخدام النقود المعدنية، وقال إن ذلك يحفظ حقوق المستهلكين، مشيراً إلى أن كثيراً من المراكز التجارية تحصِّل ملايين الريالات سنوياً من أخذ الهللات المتبقية من خلال صناديق المحاسبة دون وجه حق. وأضاف “وزارة التجارة ضبطت تعاوناً خفياً وغير مُعلن بين شركات تصنيع العلك (اللبان) وبين تلك المراكز لبيع قطع اللبان، التي غالباً ما تكون كلفتها أقل بكثير من الهللات التي يتركها المشترون عند صناديق المحاسبة، ثم يقوم أصحاب تلك المراكز بقسمة الأرباح مع شركات تصنيع اللبان، مستغلين سذاجة المواطن البسيط الذي لا يعلم الكلفة الحقيقية لقطعة اللبان، التي لا تكلف في العادة أكثر من عشر هللات”.
مشاركة :