محللون لـ"الاقتصادية" : النفط واليوان وراء تراجع الأسواق العالمية

  • 1/9/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يعتبر اليوان الصيني والنفط أكبر مسببين لسلسلة الانخفاضات المتوالية في سوق الأسهم العالمية بشكل عام، والسوق السعودية بشكل خاص، التي أغلقت أمس الأول على انخفاض عند مستوى 6225 نقطة مسجلة أدنى مستوى لها منذ نهاية 2011، ليخسر مؤشرها 4.5 في المائة. وأوضح لـ "الاقتصادية"، عدد من المحللين الماليين أن المعطيات الاقتصادية الآن غير مبشرة بمستقبل أفضل، فالعوامل المحيطة والمؤشرات غير محفزة للأسواق العالمية بشكل عام والسوق السعودية بشكل خاص باعتبار أن السوق السعودية جزء من الأسواق العالمية، متوقعين تتذبذب الأسواق ما لم تستجد أمور أبرزها تحريك عجلة النمو في الاقتصاد الصيني والاتفاق بين دول "أوبك" وخارجها تحسبا لرفع الحظر عن النفط الإيراني حتى لا تتهاوى أسعار النفط بشكل أكبر صوب أدنى المستويات. وأدى تراجع أسعار النفط منذ صيف عام 2014 بأكثر 60 في المائة من قيمته، إلى ضغوط كبيرة على اقتصادات كثير من الدول، إضافة إلى إطلاق شرارة حرب العملات حيث أدى تراجع سعر اليوان إلى إرباك حسابات كثير من الدول، إذ يتوقع البعض إغراق الأسواق بالسلع الصينية الرديئة، الأمر الذي يؤكد حتمية فقدان هذه السلع قيمتها بعد فترة قصيرة من استخدامها. وأوضح الدكتور علي التواتي المختص الاقتصادي، أن بداية العام الميلادي 2016 سيئة للغاية لسوق الأسهم في جميع العالم، حيث إن الانخفاض الكبير الذي لامس جميع الأسواق العالمية، والمملكة جزء من هذه الأسواق يعد قياسياً، مشيراً إلى عدة عوامل أثرت بشكل سلبي في سوق الأسهم وأسعار النفط، وإيجابي في الذهب، تتصدرها المؤشرات الصينية وانخفاض اليوان الصيني إلى مستويات قياسية، إضافة إلى إيقاف سوق شنغهاي مرتين خلال الأسبوع الأول من العام، ولحقتها الأسهم الأوروبية والأمريكية والشرق الأوسط وشرق آسيا. وأضاف التواتي أن "هذا أمر طبيعي لأن العلاقات الاقتصادية مرتبطة ببعضها البعض، فانخفاض أسعار النفط والقلق حيال الاقتصاد الصيني وتسييل المحافظ في أمريكا أدى إلى خفض مؤشر داو جونز إلى مستويات قياسية، إضافة إلى ما كشفت عنه كوريا الشمالية من التوصل إلى إنتاج القنابل الهيدروجينية أخيرا، وجميعها أثرت بشكل سلبي في الأسواق المالية في العالم على حد سواء، وفي المقابل انعكست بشكل إيجابي على الذهب برفع أسعاره، بغرض التحوط وحفظ الثروة وخفض القيمة نتيجة عدم التأكد من وضع الاقتصاد العالمي بعد البيانات السلبية والأداء السيئ القادم من ثاني أكبر اقتصاد عالمي". وحول استمرار الهبوط الحاد في سوق الأسهم السعودية، توقع التواتي أن تستمر موجة الهبوط في سوق الأسهم نظرا إلى تعدد المسببات سواء العالمية أو المحلية، حيث تعتمد السعودية على الأسواق الخارجية إذ تأتى 70 في المائة من إيرادات الدولة من النفط الخام، و20 في المائة من البتروكيماويات بمعنى آخر إن 90 في المائة من إيرادات المملكة تعتمد على النفط والبتروكيميكال، لذلك تتأثر بأسعار هذه المواد. وأشار التواتي إلى أن النفط الذي فقد أكثر من ثلثي قيمته انعكس على إيرادات الدولة وبالتالي على الإنفاق الحكومي والشركات المدرجة في سوق الأسهم والحركة البنكية والميزانية الجديدة برفع الدعم عن الطاقة والماء، وجميعها عوامل تفضل النقد على الاستثمار الآن، وهو ما أسهم في هبوط السوق. وحول توقعاته لأسعار النفط وسوق الأسهم والذهب، قال التواتي "إن المعطيات لا تبشر بمستقبل أفضل لاقتصاديات العالم"، مرجعاً ذلك إلى عدة أمور يتصدرها، رفع الحظر عن الصادرات النفطية الإيرانية، وهو ما سيزيد الوضع سوءا خاصة أن طهران تطالب بحصتها السوقية القديمة، والدول غير مستعدة للتنازل، إضافة إلى أن الولايات المتحدة أصبحت دولة مصدرة للنفط وهو ما يزيد الأمر سوءاً. وتوقع التواتي أن استمرار ضعف أسعار النفط ما لم يعقد اتفاق بين دول "أوبك" والمنتجين من خارجها مثل روسيا والمكسيك وكندا والولايات المتحدة، فإذا تم التفاهم على مستوى الإنتاج والتصدير والحصص فستتحسن الأسعار، أما غير ذلك فلا توجد أي بشائر لعودة الأسعار إلى مستوى معقول ومقبول من جميع المنتجين. وذكر التواتي أن الطلب الصيني على النفط مهم ومؤثر، لأن بكين تعد ثاني أكبر مستهلك للخام والوجهة الرئيسية لتصدير النفط السعودي، ولا شك أن انخفاض اليوان إلى مستوى قياسي ينظر له كمؤشر على أن مشكلة الاقتصاد الصيني أكبر من المتوقع، وهو ما يؤكد ركود الاقتصاد الصيني ويصعب الخروج منه، فإذا لم يؤثر خفض العملة وسعر الفائدة في رفع الصادرات الصينية، فإن الأمر سيزداد سوءاً على الاقتصاد العالمي، لأن تأثير الاقتصاد الصيني ينعكس على اقتصاديات العالم الأخرى وبينها الأسواق العالمية وبالطبع السوق السعودية في القلب منها. وأضاف التواتي أن "المرحلة المقبلة هى فترة الذهب، نظرا للتوجه العام للتحوط وحفظ القيمة حتى لا تخسر المدخرات خلال الفترة المقبلة، ولكن بمجرد تحرك الاقتصاد المحلي والعالمي تسيل محافظ الذهب وتؤخذ الأموال للاستثمار من جديد". من جهة أخرى، أوضح أنس الراجحي المحلل المالي، أن غالبية أسواق العالم حالياً تحقق انخفاضات بما فيها الأسواق النفطية ودون شك هناك تأثير متبادل وارتباط بينها، فعلى سبيل المثال جزء كبير من إيرادات الشركات المدرجة في البورصة الأمريكية تتلقاها من الصين التى تشهد حالياً هبوطاً كبيراً ما أدى إلى تعليق التداول حسب النظام لديهم بعد وصول الهبوط 7 في المائة. وأشار الراجحي إلى أن البيانات الأخيرة في الصين أظهرت انكماش نشاط المصانع للشهر العاشر على التوالي في كانون الأول (ديسمبر) بوتيرة أسرع من تشرين الثاني (نوفمبر) وسط مخاوف من استمرار التباطؤ في النمو الصيني ومن ثم نقل العدوى إلى باقي اقتصادات الدول الكبرى، وعلى أثرها أعلن البنك المركزي الصيني تخفيض سعر صرف اليوان مقابل الدولار لأدنى مستوى منذ آذار (مارس) 2011. وقال الراجحي "إن الهبوط المستمر في الأسواق النفطية بوتيرة كبيرة وسريعة وبضغط من تخمة المعروض والتوقعات بمزيد من الفوائض النفطية بعد رفع الحظر عن الصادرات النفطية الإيرانية والأمريكية وعدم اتفاق منتجي "أوبك" على تخفيض الإنتاج وتجربة كوريا الشمالية للقنبلة الهيدروجينية، كلها عوامل فاقمت من خسائر الأسواق الخميس الماضي". وذكر الراجحي أن سوق الأسهم السعودية تأثرت بالعوامل سالفة الذكر، فضلاً عن أن أوضاع المنطقة الجيوسياسية تضغط على السوق إضافة إلى أن رفع أسعار الطاقة سيؤثر في أرباح الشركات في السوق عامة وقطاع البتروكيمكل والأسمنت خاصة، وقد تواجه شركات البتروكيميكال صعوبات في منافستها الخارجية وتفقد جزء من ميزتها التنافسية خاصة مع استمرار هبوط أسعار النفط. ويعتقد الراجحي أن غالبية الظروف المحيطة والمؤثرات الجوهرية سلبية لذلك فإن غالبية الأسهم يتم تسعيرها على أوضاع مستقبلية ويتم خصم الفرق من قيمتها، وفي مثل هذه الظروف من القيعان التاريخية واستمرار الهبوط يستمر تسييل المحافظ ويحدث هلعا وتدافعا في البيوع ما يفاقم الخسائر.

مشاركة :