أعلنت إسرائيل الأحد أنها ردت بإطلاق النار على جنوب لبنان بعد إطلاق صواريخ مضادة للدبابات باتجاه أراضيها، ما أثار مخاوف من تصعيد خطير مع حزب الله بعد أسبوع من التوتر المتصاعد. من جهته، أعلن حزب الله الأحد تدمير آلية عسكرية إسرائيلية في منطقة أفيفيم قرب الحدود الجنوبية للبنان، مشيراً إلى سقوط قتلى وجرحى، وذلك بعد أسبوع من اتهامه إسرائيل بشن هجوم بطائرتين مسيرتين في معقله قرب بيروت وقتل اثنين من عناصره في غارة في سوريا. وعلى إثر هذه التطورات طلب رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري الأحد من واشنطن وباريس التدخل إزاء التصعيد الأخير. وأجرى الحريري، وفق بيان صادر عنه، "اتصالين هاتفيين بكل من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ومستشار الرئيس الفرنسي إيمانويل بون طالباً تدخل الولايات المتحدة وفرنسا والمجتمع الدولي في مواجهة تطور الاوضاع على الحدود الجنوبية". وأيقظت العملية مخاوف اللبنانيين من تصعيد جديد يشهده الجنوب مما يؤدي إلى جر البلاد إلى حرب لا يزال لبنان يستذكر آخرها سنة 2006 وكلفته الكثير. ويرى متابعون أن لبنان جر إلى حرب في إطار صراع إقليمي طرفاه إيران ممثلة في ذراعها حزب الله من جهة، وإسرائيل من جهة ثانية. وقال الجيش الاسرائيلي في بيان إن “عددا من الصواريخ المضادة للدبابات أطلقت من لبنان باتجاه قاعدة عسكرية إسرائيلية ومركبات عسكرية”. وأضاف “تم تأكيد الضربات” وردت القوات الإسرائيلية “بالنيران على مصدر الصواريخ وأهداف في الجنوب اللبناني”. ونشر الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي سلسلة تغريدات على حسابه بتويتر "لقد رد جيش الدفاع على العملية التي نفذها حزب الله باستهداف الخلية التي أطلقت الصواريخ المضادة للدروع بالإضافة إلى اطلاق نحو 100 قذيفة مدفعية باتجاه مصادر النيران في جنوب لبنان. كما نفذت مروحيات حربية غارات على أهداف أخرى". أضاف أن حزب الله تمكن من تنفيذ العملية التي خطط لها، لكنه فشل في تحقيق الغاية التي كان يخطط لها، نافيا سقوط قتلى أو جرحى من الجيش الإسرائيلي في العملية التي نفذتها الجماعة اللبنانية المسلحة. وبحسب المصدر الإسرائيلي ذاته فإن العملية التي نفذها حزب الله كانت بإطلاق صاروخين أو ثلاثة مضادة للدروع باتجاه جيب عسكري وموقع أفيفيم دون وقوع إصابات. وفي تغريدة أخرى قال أدرعي إن رئيس الأركان الجنرال كوخافي عقد جلسة لتقييم الوضع بمشاركة كبار قادة الجيش، مؤكدا أنه أمر بمواصلة الحفاظ على حالة الجاهزية وتحسينها نظرا لتطور الأحداث، مضيفا "نحن مستعدون لكل الاحتمالات". وبعد التقارير الأولية عن إطلاق النار، دعا متحدث عسكري الإسرائيليين الذين يعيشون على بعد أربعة كيلومترات من الحدود مع لبنان إلى البقاء في منازلهم وتجهيز ملاجئ الإيواء بدون مطالبتهم بالدخول إليها في الوقت الحالي. وأفادت الوكالة الوطنية للاعلام اللبنانية الرسمية أن القوات الإسرائيلية تستهدف أطراف بلدة مارون الراس، التي تقع على الجهة المقابلة من منطقة أفيفيم. وبدا الدخان يتصاعد من منطقة مارون الراس، وفق ما نقلت قناة المنار التابعة لحزب الله في بث مباشر. وأفادت مقيمة في احدى القرى القريبة من مارون الراس عن سماع دوي انفجارات ناجمة عن القصف المدفعي الإسرائيلي. ودعت قوة المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (يونيفيل) جميع الاطراف الى “ضبط النفس” اثر التصعيد. يأتي ذلك وسط توتر بين لبنان وإسرائيل بدأ قبل نحو أسبوع مع اتهام حزب الله والسلطات اللبنانية إسرائيل بشن هجوم بواسطة طائرتين مسيرتين في ضاحية بيروت الجنوبية. وقال الحزب إنهما كانتا محملتين مواد متفجرة. إحداهما سقطت بسبب عطل فني والثانية انفجرت، من دون أن يحدد هدف الهجوم. ووقع الهجوم بعد وقت قصير من غارات إسرائيلية استهدفت ليل السبت الأحد الماضي منزلاً لمقاتلين من حزب الله قرب دمشق، ما أسفر عن مقتل إثنين منهما، هما زبيب وضاهر. وتوعد حزب الله بالرد على الهجومين الإسرائيليين، وقال أمينه العام حسن نصرالله مساء السبت إن “الموضوع بالنسبة لنا ليس رد اعتبار انما يرتبط بتثبيت معادلات وتثبيت قواعد الاشتباك وتثبيت منطق الحماية للبلد”. وأضاف “يجب أن يدفع الإسرائيلي ثمن اعتدائه”. وتوعد نصرالله أيضاً باستهداف المسيّرات الإسرائيلية، التي غالباً ما تحلق في الأجواء اللبنانية. ومنذ وقوع الهجومين، يترقّب اللبنانيون الردّ، ويتساءل البعض ما إذا كان سيؤدي إلى تصعيد أكبر. إلا أن نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم قال في مقابلة مساء الثلاثاء مع قناة روسيا اليوم “استبعد ان تكون الأجواء أجواء حرب، الأجواء هي أجواء رد على اعتداء وكل الأمور تقرر في حينه”. وكان حزب الله استهدف في العامين 2015 و2016 آليات عسكرية إسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة رداً على غارات إسرائيلية استهدفت مقاتليه في محافظة القنيطرة السورية. وإثر هجوم الضاحية، اعتبر حزب الله أن ذلك يُعد “أول خرق كبير وواضح لقواعد الاشتباك التي تأسست بعد حرب تموز 2006″، التي اندلعت إثر إقدام الحزب على أسر جنديين إسرائيليين في 12 يوليو. فردت إسرائيل بهجوم مدمر استمر 33 يوماً. ولم تنجح في تحقيق هدفها المعلن في القضاء على حزب الله، ما أظهر الأخير في نهاية الحرب داخلياً بموقع المنتصر. وانتهت الحرب بصدور القرار الدولي 1701 الذي أرسى وقفاً للأعمال الحربية بين لبنان وإسرائيل، وعزز من انتشار قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان (يونيفيل). واتهمت إسرائيل إيران الخميس بالتعاون مع حزب الله لبناء صواريخ موجهة بدقة في لبنان. ووفقا لصحيفة تايمز البريطانية، سقطت الطائرات المسيرة يوم 25 أغسطس بالقرب من منشآت للوقود المستخدم في الصواريخ الدقيقة. ويأتي التصعيد الأحد قبل الانتخابات الإسرائيلية المقررة في 17 سبتمبر الجاري. ويرى مراقبون ان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يريد تجنب نزاع كبير قبل ذلك بسبب المخاطر السياسية التي ينطوي عليها رغم انه نبه لبنان وحزب الله إلى ضرورة “توخي الحذر”. وقال نتانياهو بداية هذا الاسبوع ردا على نصرالله إن “دولة إسرائيل تعرف كيف تدافع عن نفسها وترد على أعدائها”. واقترح نتانياهو على الامين العام لحزب الله أن “يهدأ”.
مشاركة :