في إطار معركته الانتخابية وولائه لجمهور المستوطنين اليميني المتطرف، اختار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن يفتتح السنة الدراسية في مستعمرة يهودية بالضفة الغربية، أمس (الأحد)، ويتعهّد من هناك بـ«فرض السيادة اليهودية على جميع المستوطنات»، في الضفة الغربية المحتلة، وضمها إلى تخوم إسرائيل بشكل رسمي.وقد رحّب قادة المستوطنين بهذا الوعد، لكنهم طالبوا بأن يترجم إلى لغة الفعل، وألا يكون مجرد دعاية انتخابية. فيما هاجمه الفلسطينيون واعتبروه خطوة عدوانية. وطالب د. صائب عريقات، أمين سر منظمة التحرير، بمعاقبة إسرائيل بسببه.وكان نتنياهو قد وصل إلى مستوطنة «ألقنا»، القائمة منذ سنة 1981 شرق مدينة كفر قاسم في الضفة الغربية، ولا يزيد عدد سكانها على 3500 مستوطن، في محاولة صريحة لرفع الاستيطان إلى قمة معركته الانتخابية. وقال: «تذكروا وأنتم هنا في (ألقنا)، أنكم أولاً وقبل كل شيء، في أرض إسرائيل. فهذه هي أرضنا. هذه الأرض لنا، لكم. إنها بيتنا الجديد والقديم. البيت الأصلي لشعب إسرائيل. وسنبني في (ألقنا) وفي غير (ألقنا). لن نقتلع من هنا أي أحد، أي أحد. ما حصل مع مستوطنات (جوش قطيف)، (في قطاع غزة)، لن يتكرر. بل سنفرض السيادة اليهوديّة على جميع المستوطنات كجزء من دولة إسرائيل. إننا نعمل بجدٍّ لتحصين المشاريع الاستيطانية، التي تتطلب المال والتصميم والتغلب على الضغوط، وهو الأمر الذي فعَلَته جميع الحكومات تحت قيادتي، وبعون من الله، وبمساعدتكم، سنواصل القيام بذلك معاً».وأوضح نتنياهو أن حكومته تتعرض لضغوط دولية بسبب موقفه حول تعزيز المستوطنات، وقال: «مثل هذه الأشياء كانت موجودة منذ سنوات كثيرة، ومن الممكن أن تبقى دائماً ولكننا نواجهها بحزم، ومداولات، وصبر، وقبل كل شيء؛ بالمثابرة. وأقولها لجميع زعماء العالم: إننا لا نتجذر في أرض أجنبية، بل على العكس من ذلك، شعب إسرائيل في السامرة (الضفة المحتلّة) موجود في البيت». وأكد: «هذا التعهد ليس محدوداً ضمن إطار زمني، إنما هو مضمون بلا حدود لأنني أقدمه باسمي، فلن أسمح باقتلاع أي مستوطنة من أرض إسرائيل بأي خطة سياسية. لقد انتهينا من هذا الهراء، تعلمون جميعاً ما حصلنا عليه عندما انتقلنا من المستوطنات، السلام؟ لقد حصلنا على الإرهاب والقذائف».وقد رحب رئيس مجلس المستوطنات في الضفة الغربية، حنانئيل دورني، بهذا التصريح وقال: «إننا نتطلع إليه بعيون شغوفة؛ فإعلان السيادة على المستوطنات هو حلمنا الكبير وسنكون سعداء إذا وجدناه يتحقق على الأرض ولا يتبخر بانتهاء الانتخابات».من جهتهم، قال مسؤولون فلسطينيون إن أي تغيير على وضع المستوطنات في الضفة الغربية لن يغير حقيقة أن «الضفة محتلة»، ولن يعطي المستوطنات أي شرعية ولن يؤسس لخيار جديد، محذرين من تداعيات فرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو السيادة على المستوطنات في الضفة.وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، إن استمرار محاولات خلق أمر واقع مرفوض لن يؤدي إلى أي سلام أو أمن أو استقرار. وأضاف: «في هذه الأوقات الخطرة والحاسمة التي تحاول فيها الإدارة الأميركية خلق نهج سياسي فضفاض وغير فعال ومخالف للقانون الدولي وللشرعية الدولية، فإن الحكومة الإسرائيلية تستمر في اتباع هذا النهج الذي لا يُعتبر حلاً، وذلك عن طريق تكرار دعواتها لضم المستوطنات غير الشرعية في الأرض المحتلة».وأردف: «إن سياسة الاستيطان ومحاولات التطبيع المجاني المخالف لمبادرة السلام العربية، والعمل على تآكل حل الدولتين جميعه مرفوض ومدان، ولن يؤسس لخيار ثالث، فإما سلام يرضى عنه الشعب الفلسطيني، أو لا حصانة لأحد أو لأي قرار أو موقف يخالف قرارات المجالس الوطنية والشرعية العربية والدولية».وطالب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين ودول العالم كافة بتحرك دولي عاجل تتحمل خلاله مسؤولياتها بشكل فردي وجماعي في إنزال أشد العقوبات على سلطة الاحتلال ومحاسبتها، واتخاذ إجراءات فورية وملموسة لردعها وإدانتها، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، خاصة قرار مجلس الأمن «2334».وأكد عريقات أن إعلان السيادة على جميع المستوطنات لن يغير شيئاً على أرض الواقع، حيث إن الضفة الغربية أرض محتلة، وقال: «إن هيمنة القوة لا تخلق قانوناً ولا تنظم حقوق السيادة، فالمسؤول الوحيد عن ذلك هو الأمم المتحدة والشرعية الدولية التي تعتبر الضم غير قانوني والاستيطان جريمة حرب».كما قالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حنان عشراوي إن تصريحات نتنياهو تفضح سياساته وممارساته القائمة على الأرض و«تعكس، فكراً وآيديولوجيّاً، دولة إسرائيل العنصرية المتطرفة التي تقوم على سلب أراضي فلسطين التاريخية، ومحاربة حق شعبنا في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة».وفي إسرائيل هاجم أيمن عودة، عضو الكنيست العربي ورئيس القائمة العربية المشتركة نتنياهو وقال إنه «مجرم تسلسلي: يسرق من الجماهير لمنح الأموال لأصدقائه الأثرياء، وهو يسعى لارتكاب دولة إسرائيل جريمة حرب ضم. سوف يتسبب بمقتل عدد لا يُحصى من الفلسطينيين والإسرائيليين». وأضاف: «إرثه سلسلة لوائح اتهام وتعهدات للمستوطنين لم ينجح بتنفيذها».كما انتقد اليسار نتنياهو، وقالت عضو الكنيست اليسارية تمار زاندبرغ إنه «بدلاً من التعهد بالتعليم ضد العنصرية ومن أجل التسامح... رئيس الوزراء يختار اليوم الدراسي الأول للتعهد بضم المستوطنات».أما يئير لبيد، وهو الرجل الثاني في حزب «أزرق أبيض» الوسطي، فقال إن «نتنياهو فتح العام الدراسي بإعلانه أنه معني بضم 2.9 مليون فلسطيني، وبإعطائهم التأمين الوطني، وفي العام المقبل تمويل تعليم أطفالهم»، وأضاف ساخراً: «عامة، هذا منطقي».
مشاركة :