شدني في الأوامر الملكية الأخيرة تغيير مُسمى ديوان المراقبة العامة إلى الديوان العام للمحاسبة، وكذلك تصريح رئيس هيئة مكافحة الفساد الجديد، والذي ركز في أول حديثه على استئصال الفاسدين من الموظفين الحكوميين المتوسطين، والصغار منهم، وهذا بِحد ذاته يُعطي رسالة واضحة المعنى أن حملة القضاء على الفساد لازالت مُستمرة حتى بعد قطف الرؤوس الكبيرة، وأن التهاون في أداء الواجبات المهنية، أو التقصير بأي شكل من الأشكال أصبح مرفوضا تماماً. المواطن هو الحل الرئيسي والأهم في هذه المرحلة، لِذا من اللازم على هيئة مكافحة الفساد أن تُكثف حملاتها الإعلامية بِشكلٍ جديد ولافت، يُعطي انطباع العمل الاجتماعي الواحد في كيفية اجتثاث الفاسدين، وتثقيف المواطن على أسلوب التعامل مع الشُبهات وطريقة تبليغه عنها، كذلك يَلزم إعادة التحذير من التهاون أو التعاون بِأي صورة من صور قضايا الفساد الإداري أو المادي، ومدى خطورتها على الفرد والمُجتمع. الموظف الحكومي أيًا كانت مرتبته، عليه أن يَعي حجم المسؤولية التي على عاتقه، وأن يُفكر ألف مرة قبل أن يُصبح فاسداً، في زمن أصبح لا يحتمل الفاسدين، هُناك هدف علينا جميعاً أن نعمل عليه لِتحقيقه، وبتواجد هَؤلاء من المُستحيل أن نصل إلى المُبتغى المأمول، لِذلك مسألة تحسين البيئة الاجتماعية أصبحت هي الواجب الحاضر، وتجفيف منابع الفساد هي أهم وأصعب المراحل فيها، والتي يَستوجب علينا العمل عليها لإنجازها. رُبما لا توجد لدينا قضايا فساد شبه يومية، وعادة روتينية في الدوائر الحكومية مِثل باقي الدول حتى نُحارب الفساد بِهذا الشكل، لَكن لدينا رؤية علينا أن نُعمل على توفير البيئة المُناسبة لها، من أجل أن ينعم الجيل الواعد بِنزاهة رائدة يُحتذى بِها وبيئة اجتماعية سليمة. المُراقبة والمُحاسبة أمران مُهمان لِضمان جودة أي دائرة حكومية، لِذلك التركيز على الأداء والطريقة العملية سيُعزز من قيمة الجودة المُقدمة عبر الخدمات، والتي ستأتي كما يُريد المواطن دون عرقلة أو بُطء، وهذا من ضمن التغيير الحقيقي الذي تَسعى إليه الدّولة من أجل المواطن والوطن.
مشاركة :