كيف تتعاملون مع المراهقة؟ تلخص "عائشة الأحمري" ما هو مطلوب من المتعاملين مع المراهقة في نقاط أهمها: تقبلوا سخط الفتاة المراهقة وعدم استقرارها النفسي، لا تتصرفوا بفهم شديد ولا تجمعوا الأخطاء، ابتعدوا عن مضايقة الابنة المراهقة، احترموا خصوصية الابنة المراهقة، وساعدوا ابنتكم على اكتساب الاستقلال، ابتعدوا عن الوعظ المباشر، كونوا السند النفسي لابنتكم. "بنتي مراهقة".. ! اكثر الكلمات التي تخرج من ام مجهدة متعبة قليلة الحيلة وكثيرة الجهد.. انها تعني كثيراً من المشاكل والهموم والمتاعب.. على مقياس واحد تتحرك المراهقة من الطرف للطرف الآخر فتارة هي منطوية مكتئبة حزينة تفكر في الانتحار وتارة هي مفعمة بالحيوية والطاقة مليئة بالتمرد والرفض لا يعجبها شيء وتطالب بحق لها في كل شيء مهما بدا غريبا عن العادات والتقاليد وسمات المجتمع الذي تعيشه، وتظل مراهقة هادئة وسنوات سعيدة هو حلم كل أم وكل أب في بناتهما متى ما طرقن عتبة العمر الحرج. مراهقات تقول"ام سلطان": لا اعرف كيف اصف ميساء ابنتي -(ميس)-فهي لا تحب اسم ميساء انها عجولة جدا عمرها الآن 17 عاما و تعتبر نفسها علامة منزلنا تعرف كل شيء لا تقبل النصيحة تعتبر كل توجيه هو تقليل من شأنها لها آراؤها الخاصة في كل شيء وهي مقتنعة بما ترى ولا تقبل ان نناقشها فيها وهي تنتظر على مهل يوما ستخرج فيه الى عالم يقدر مواهبها ويفهم ما تفكر به لاننا لا نفهمها ولا حتى نحاول ذلك". اما "ام محمد" فهي تعيش مع ابنتها "ابتهال" -(توتو)- قصة مليئة بالحركة والمفاجآت كما تقول: "ابتهال ذات ال15 ربيعا ان ارتداء الالوان الفاقعة فوق بعضها قمة في الاناقة وتعتبر الاختباء فوق سطوح البيت لساعات طويلة تزهق فيها ارواحنا بحثا عنها امر عادي ومساحة تنفس يجب ان نمنحها لها" وتضيف "أم محمد" بقولها: "انتم مجتمع ذكوري عبارة التقطتها توتو من احد البرامج وصارت تستخدمها بكثرة في كل شأن من شؤون حياتنا وهي ترى انني افضل محمد ابني عليها واحيانا تبدو عاقلة جدا لا تريد شيئا ولا تريد ان ترهقنا بطلباتها وتارة اخرى تطلب اشياء تفوق ميزانية الاسرة في شهر فهي تريد احدث جوال واغلى حقيبة وحذاء ووجبة سريعة من احد المطاعم فقط". وتحكي"ام رمضان" عن ابنتها "جوليا" والتي هي اساسا جمانة لكنها غيرت اسمها الى جوليا قائلة: "صامتة طوال الوقت، مطيعة حد الارتياب، معظم الوقت تتحرك كأنها تعمل بالريموت كنترول افعلي تفعل اذهبي تذهب تعالي تأتي لكنها في ايام اخرى تتحول الى صنم لا يستجيب ننادي فلا تجيب نطلب فلا تفعل تنظر لنا كأنها ترى هواء امامها بلا اية انفعالات ثم تركض نحو غرفتها وتبقى فيها بالساعات لا تخرج منها لا تأكل ولا تشرب ولا حتى تذهب للحمام، رغم انها كانت طفلة مليئة بالحيوية وتحب الثرثرة، هل ابنتي مريضة؟". ليسوا مرضى نفسيين يقول"د. عبد الرحمن الصالح" -المستشار النفسي والاسري والمشرف العام على مركز التنمية الاسرية في شمال الرياض ( اصلاح )-: "مرحلة المراهقة مهمة فيها تتكون شخصية الفتاة فاذا تم الاهتمام بها في هذه المرحلة فسوف تتجاوزها بنجاح رغم اختلاف بعض الفتيات عن بعض فبعضهن تكون المراهقة هادئة وتكون البيئة جيدة تساعد على نضج الفتاة واستكمال قدراتها و بعض البنات تكون مهملة لا تقدم رعاية جيدة للفتاة او يكون فيها صراعات واضطرابات و من ثم يكون لها آثار سلبية على سلوك ومستقبل الفتاة". ويضيف"انا لا اتفق مع ما ذكر من مشاكل انها مظاهر مراهقة لأن مرحلة المراهقة لا تؤدي الى مشاكل نفسية عميقة مثل الاكتئاب وغيره ولكن ما ثبت من خلال الدراسات وتعاملنا مع المراهقين والمراهقات ان لديهم سرعة انفعالات ونمو متسارع يؤدي ربما الى حاجة زيادة للنوم واحيانا اضطراب في المزاج ومن ثم فإن التعامل السليم يكون بالاحتواء وعدم الاصطدام مع المراهق او المراهقة، واعطاء فرصة لاخذ قسط كاف من النوم، والاهتمام بتغذيته فقد يحتاج الى وجبات اضافية، اذن الاحتواء والحديث معها وسماع وجهة نظرها وتوجيه الافكار الخاطئة اوالرغبات المتعجلة هنا نستطيع ان نحتوي المراهقة ونوجهها التوجيه السليم بحيث تتجاوز هذه المرحلة بسلام، وهي تحتاج الى تكوين علاقات اجتماعية جيدة سواء من الاسرة والاقارب اوالصديقات المتميزات حتى تكتسب مهارات اجتماعية جيدة وتبتعد عن رفيقات السوء اللاتي قد يقدنها الى سلوكيات غير جيدة تتعارض مع مبادئ المجتمع والاخلاق". الاهم فالمهم ويرتب د. الصالح من يعيش في محيط المراهقة حسب اهميتهم والاكثر تأثيرا عليها قائلا: "الاهم في نظري درجة اولى الام اذا استطاعت ان تكون رفيقة للمراهقة تحتويها وتتحمل انفعالاتها ويأتي في الدرجة الثانية الرفيقات فلهن دور كبير في استهواء الفتاة والتأثير عليها اما في الدرجة الثالثة فالمعلمات لان المعلمات لهن تأثير قوي على الفتاة حينما تؤدي المعلمة دورها التربوي في كسب المراهقة و فتح قنوات الحوار معها، واضع في الدرجة الرابعة دور الاب و ذلك حينما يستطيع ان يكسب ابنته و يتحاور معها و يحقق لها المطالب المعقولة التي تطمح لها و الا ستهمشه تماما". وحول مبدئي الثواب والعقاب في التعامل مع المراهقة يوضح "د. الصالح " قائلا: "بلا شك ان الثواب والعقاب اسلوب تربوي فعال في تربية الابناء لكن الملاحظ ان كثيرا من الآباء والامهات يخطئ في اساليب الثواب والعقاب فالبعض يقسو على ابنائه ويمارس العقاب بشكل قاس فيكون له تأثير سلبي في نفور الابناء و تمردهم على السلطة الابوية اوسلطة الام والبعض الآخر يبالغ في الثواب ويوفر لبناته فوق متطلباتهن، وهذا يؤدي الى اضرار سلبية على البنات والابناء بشكل اكبر، فلا يصبح هناك حافز يقودهم الى التميز والابداع وبذل مزيد من الجهد ولذا فاستخدام مبدئي الثواب والعقاب بشكل فعال يكون له تأثير ايجابي، اذا استخدم بتوازن بعبارات الثناء الرقيقة وبوصف السلوك لا المراهقة حين تخطئ، فنحن لا نقول لها انت فتاة سيئة وانما نقول هذا السلوك سيىء واستخدامنا للالفاظ يجب ان يخلو من كل ما يمس كرامة الانسان، ويجب ان نعلم أن الضرب خطير جدا للفتاة في هذه المرحلة لانه يتعارض مع مرحلة النمو التي وصلت اليها وانها تحتاج ان نعاملها معاملة الكبار وهذا مهم لمساعدتها على الانطلاق في الحياة بشكل فعال". انعكاسات متوقعة من جانبها تقول التربوية ومشرفة التوجيه والإرشاد بمكتب التعليم بمحافظة القطيف"عائشة الأحمري" : "مرحلة المراهقة من أخطر المراحل التي يمر بها الإنسان ضمن أطواره المختلفة التي تتسم بالتجديد المستمر، ومكمن الخطر في هذه المرحلة الطبيعية التي تنتقل فيها الفتاة من الطفولة إلى الرشد، فالتغيرات التدريجية نحو النضج وليس اكتمال النضج في مظاهر النمو المختلفة يتعرض الإنسان فيها إلى صراعات متعددة داخلية وخارجية، وهي من أهم مراحل النمو وأدقها، وهذه التغيرات المتلاحقة تترك بصماتها على تكوين الفتاة وشخصيتها مدى الحياة، والمراهقة تختلف من فرد إلى آخر، ومن أسرة إلى أسرة أخرى، ومن بيئة جغرافية إلى أخرى، كذلك تختلف باختلاف الأنماط الحضارية التي تتربى في وسطها المراهقة، فهي في المجتمع البدائي تختلف عنها في المجتمع المتحضر، وكذلك تختلف في مجتمع المدينة عنها في المجتمع الريفي، إذاً فمرحلة المراهقة ليست مستقلة بذاتها استقلالاً تاماً، وإنما هي تتأثر بما مر به من خبرات في مرحلة الطفولة السابقة، فالنمو عملية مستمرة ومتصلة". مظاهر وسلوكيات وتشير الى ان من مظاهر وسلوكيات الفتاة المراهقة الاندفاع، ومحاولة إثبات الذات، والخجل من التغيرات التي حدثت في شكلها، و جنوحها لتقليد أمها في سلوكياتها، وتذبذب وتردد في عواطفها، فهي تغضب بسرعة وتصفو بسرعة، وتميل للكذب والتبرير في حديثها، وتشعر كثيراً بحالة الاكتئاب والغضب بدون سبب، وعدم الثقة بمظهرها وتصرفاتها، وسرعة اتخاذ قراراتها بدون توخي الحذر بنجاح النتائج، بينما تميل لتكوين صداقات مؤقتة مع الجنس الآخر، وشعورها بالقلق والرهبة من بعض المواقف البسيطة، فهي لا تستطيع أن تناقش ما تحس به من مشكلات مع أفراد الأسرة أو أعضاء المدرسة، وتعاني من عدم التوافق مع بيئتها، وكذلك لوحظ انحرافات بعض الأحداث سلوكياً من اعتداء، وسرقة، وهروب، لأن هذه الانحرافات تحدث نتيجة حرمان المراهقة في المنزل والمدرسة من العطف والحنان والرعاية وعدم الحماية والإشراف عليها، وعدم إشباع رغباتها، وأيضاً هذه السلوكيات الخاطئة تسند إلى ضعف التوجيه الديني في تربية الأبناء منذ الصغر". وتضيف بقولها: "لقد اتفق علماء النفس والتربية على أهمية إشراك المراهقة في المناقشات العائلية والعلمية المنظمة التي تتناول علاج مشكلاتها، وتعويدها على طرح مشكلاتها، ومناقشتها مع الكبار في ثقة وصراحة، ومتى أحسن الأبوان في البيت والمعلمة في المدرسة توجيه المراهقة توجيها صائباً، مع الحفاظ على شخصيتها، تنشأ معتزة بذاتها مع تكوين نظرة ثاقبة متبصرة في الحياة، فالنصح والإرشاد والعطف تمثل جميعها صمام الأمان لضمان المحافظة على العلاقة البناءة بين المراهقة وأسرتها ومجتمعها، لذا فإن الأسلوب الصحيح للتعامل مع أهم قضاياهم هو الخروج من هذه المواجهة الُمُتعبة، والعودة إلى الأصل المعتمد في حُسن التعامل مع المراهقين وهو الحوار والتفاهم في إطار بناء جسر من الصداقة معهم لنقل الخبرات بلغة الصديقة والأخت لا بلغة ولي الأمر بحيث نتحدث إليهم كصديق يتحاور مع صديقة". واكدت انه "لا بد لكل أب وأم، أو مربية و معلمة، أو كل من له صلة في التعامل مع المراهقين والمراهقات، أن يتسموا بالفهم والأناة والصبر والسرية، ويعالجوا مشاكلهم بالاستعانة بالله والدعاء لأبنائهم باستمرار، ومساعدتهم في إيجاد الحلول المناسبة لكل مشكلة على حدة، وأن يجاروهم في تفكيرهم وتصرفاتهم على أنها تصرفات مؤقتة وليست أبدية، بدون تسرع وانفعال وعصبية وبدون رفض مباشر لطلباتهم، وذلك من أجل كسب ثقتهم ومساعدتهم على تخطي هذه الفترة الحرجة من حياتهم بأمان بعيد عن الاضطرابات النفسية والسلوكية".
مشاركة :