هل تكفي «مواجهة الـ 33 دقيقة» لتثبيت قواعد اشتباك ما بعد «حرب ال...

  • 9/3/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لم يكن أكثر تعبيراً عن «زنّار المخاطر» التي تلفّ لبنان وتضعه أمام منعطفٍ مصيريّ من التَشابُك بين ما يشبه «حال الطوارئ» الاقتصادية - المالية التي أُعلنتْ أمس وبين «حال اللا حرب واللا سلم» التي دَخَلَتْها الجبهةُ اللبنانية - الاسرائيلية في غمرة المواجهة الكبرى على خط واشنطن ومعها تل أبيب - طهران وأذرعها في المنطقة.ولم يكن ممكناً أمس إشاحة النظر عن «الأبعاد الانفصامية» التي تشكّلها وضعيةُ «رِجْل في البور ورِجْل في الفلاحة» السائدة في لبنان الساعي لتَلمُّس طريقٍ نحو الإنقاذ المالي اجتمعتْ «الدولة» كلها في القصر الجمهوري (برؤسائها الثلاثة وقادة أحزابها وكتلها البرلمانية) لتشكيل «بوليصة تأمين له»، وفي الوقت نفسه القابعِ في «فم النار» التي باغتتْه في «قلب الدار» مع المعادلات الجديدة التي يتبادل «حزب الله» واسرائيل رَسْمها من «فوق رأس» السلطات الرسمية والمؤسسات.ولم تنجح الصورةُ الجامعة في القصر الجمهوري وكلام الرئيس ميشال عون في مستهلّ «طاولة الحوار الاقتصادي» التي ثبّتت «استراتيجية الإفلات من الانهيار» عن الحاجة إلى «حلول فاعلة للظروف الاقتصادية والمالية التي نمرّ بها تمكنّنا من العبور إلى الاستقرار ومن ثم النمو تجنباً للأسوأ» وضرورة «التعالي عن خلافاتنا السياسية أو الشخصية» في طمْأنة الخائفين على مستقبل البلاد التي تُصارِع لتحقيق التعايُش المستحيل بين «هانوي وهونغ كونغ».ولم يحجب ما يتم التعاطي معه على أنه «ورقة الخلاص» التي كانت محور اجتماع القصر، وفي صلبها بنود لخفض العجز وزيادات الواردات، الأنظارَ عما بعد «نجاة» لبنان من «اختبار النار» الأخطر منذ العام 2006 الذي تمثّل بتنفيذ «حزب الله» وعده بالردّ (من لبنان) في المقلب الاسرائيلي من الحدود على الضربة المزدوجة التي كانت تل ابيب وجّهتها إليه ليل 24 - 25 اغسطس أولاً في عقربا السورية حيث سقط اثنان من عناصره ثم في قلب معقله بالضاحية الجنوبية لبيروت حيث أغارت طائرتان مُسيَّرتان. وغداة اهتزاز الجبهة اللبنانية - الاسرائيلية التي بدا واضحاً أنها صارت على«فالق» أمّ المعارك الأميركية - الاسرائيلية مع إيران، ارتسم سؤالٌ مركزي: هل كانت مواجهة الـ33 دقيقة على محور مستوطنة أفيفيم - مثلث مارون الراس ويارون وعيترون كافيةً لمعاودة العمل بقواعد الاشتباك التي وُلدت من رحم «حرب الـ33 يوماً» في 2006؟وبدا من الصعب الإجابة عن هذا السؤال في ظل أكثر من معطى توقفت عنده أوساط مطلعة: الأوّل أن استعادة الهدوء على الحدود اللبنانية - الاسرائيلية ومرور «القطوع» بأقل تكلفة لا ينفي أن هذه الجبهة دخلتْ مرحلة جديدة أطلقتْها تل أبيب بـ«إعلان الحرب» على ما تقول إنه مشروع تطوير الصواريخ الدقيقة لـ«حزب الله» في لبنان (أعلنت أنها ضربت أحد «بناه» في الضاحية). ورغم نفي الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله امتلاكه مصانع لهذه الصواريخ، فإن اسرائيل مضتْ في «الاستهداف» السياسي - الإعلامي على هذه الموجة إذ أعلن جيشها أمس أنه «لن يقبل بمشروع الصواريخ الدقيقة التابعة لحزب الله على الأراضي اللبنانية»، معتبراً «أن على لبنان واليونيفيل العمل على وقف هذا المشروع».والثاني أن ردّ «حزب الله» العابر للحدود، ورغم أنه جاءَ للمرة الأولى خارج نطاق مزارع شبعا المحتلة ومن «أرض القرار 1701»، وبمعزل عما إذا كانت حصيلته «اللا دموية» نتيجة خطأ بالتنفيذ أو قرار متعمّد أو «فخ» اسرائيلي، فإن سياقه عَكَس «الضوابط» التي تتحكّم بهوامش تحرّك الحزب عسكرياً بإزاء اسرائيل، سواء انطلاقاً من عدم رغبته الأكيدة باستجرار حربٍ كبيرة تَدْخل في تقديراتها أيضاً وضعية إيران وحساباتها ذات الصلة بالمواجهة في المنطقة، وإما من إدراكٍ لجدية التحذيرات الدولية ولا سيما الأميركية التي تلقّاها لبنان من أي سوء تقديرٍ لردّ فعل تل أبيب حيال أي ضربة من «حزب الله». وفي موازاة انتقال الجبهة اللبنانية - الاسرائيلية إلى حال «التأهب» المستمرّ، فإن «الغربال» السياسي لوقائع الأيام التسعة الماضية يشي بـ«أضرار» متدحْرجة يُخشى أن تطاول «لبنان الدولة» بعد «الالتصاق» الرسمي بـ«حزب الله»، وتالياً تفريغ عنوان الاستراتيجية الوطنية للدفاع من مضمونه وشعار «النأي بالنفس» من مرتكزاته، في لحظةِ الحاجة الماسة لتحصين المظلة الدولية للبنان بسعيه إلى النهوض المالي - الاقتصادي عبر مؤتمر «سيدر» وبملاقاة القرار الأميركي الحاسم بـ«خنْق» حزب الله مالياً بالعقوبات التي تنذر بمفاجآت جديدة.

مشاركة :