حتى قبل عام، كان فرايدي إيجودارو يقضي ثلاث أو أربع ليال من كل شهر خارج شاحنته طراز ستاير التي تزن 30 طنا، حين يتم إخراجه منها عنوة بواسطة لصوص مسلحين يقطعون عليه واحدا من الطرق السريعة غير المضاءة في مناطق نيجيريا الريفية. إنهم يعلمون، كما قال، أن سائقي شاحنات المسافات الطويلة يحملون مقدما نقديا لتأمين متطلبات الطريق. "في هذه الأيام في نيجيريا حمل النقود يعد أمرا خطيرا للغاية". قطاع الطرق يجوبون الشوارع في جميع أنحاء البلاد، "لكن الآن عندما يوقفونك على الطريق ويرون علامة هونيويل Honeywell، يعلمون أنك لا تحمل مالا". إيجودارو هو مالك شركة تشغيل تنقل الحبوب إلى كل ركن من أركان نيجيريا لمطاحن "هونيويل فلور ميلز" وعملاء آخرين لشركة Kobo360، وهي شركة ناشئة موجودة منذ 20 شهرا أعلنت في وقت سابق من هذا الشهر أنها جمعت 30 مليون دولار من السندات والأسهم في جولة تمويل بقيادة "جولدمان ساكس". تستخدم الشركة أنموذج "أوبر للخدمات اللوجستية" لربط السائقين ومشغلي أساطيل النقل بالشركات التي تنقل البضائع إلى أكثر بلدان إفريقيا سكانا، إضافة إلى توجو وغانا وكينيا، وهي تحاول جلب نظام غير ورقي قائم على التطبيقات إلى صناعة غارقة في المعاملات الورقية والعلاقات المباشرة. بينما يحصل كثير من السائقين على 30 في المائة من رواتبهم مقدما نقدا من شركات النقل التقليدية – من أجل شراء الطعام والوقود في الطريق – تودع "كوبو" 70 في المائة في حسابهم المصرفي فور بدء الرحلة. يمكن للسائقين بعد ذلك استخدام تطبيقات الدفع على هواتفهم لدفع ثمن الطعام، أو استخدام خدمة "كوبو" لشراء الوقود بأسعار مخفضة في محطات البنزين. أصبحت عمليات الشركة أكثر أهمية في الشهر الماضي بعد توقيع اتفاقية تاريخية للتجارة الحرة على مستوى القارة تهدف إلى تعزيز التجارة بين البلدان الإفريقية، التي تخلفت كثيرا عن مثيلاتها من القارات في العالم. وقع إيجودارو عقده مع "كوبو" منذ عام، ولم يضطر للبحث عن العمل في مواقف الشاحنات المزدحمة في لاجوس منذ ذلك الحين. قال هو وزملاء من السائقين – تقول "كوبو" إن لديها عقودا مع أكثر من عشرة آلاف سائق – لا يضطرون للانتظار في طابور متعرج سيئ السمعة يؤدي إلى ميناء لاجوس الرئيسي. "كوبو" توفر لهم طريقا إلى عملائها داخل الميناء. قال جوني جومبي، الذي شهد أسطوله العائلي المكون من 60 شاحنة زيادة أعماله ثلاثة أضعاف منذ التسجيل مع شركة كوبو: "تين كان (في ميناء لاجوس) هي أصعب مكان لنقل البضائع في العالم – الاحتجاز يستمر عدة أيام. الجنود يبتزون النقود من السائقين على الخط. لكن الآن يمكننا الدخول والخروج". البنية التحتية الرديئة هي أحد التحديات العديدة – إلى جانب عدم الأمان وعدم الكفاءة والفساد والشاحنات ذات الجودة المتدنية والرسوم المرتفعة – التي تجعل الخدمات اللوجستية من أكبر العقبات أمام الشركات التي تحاول النجاح في أكبر اقتصاد في إفريقيا وعبر القارة. معظم البلدان الإفريقية تحتل مراتب دنيا في مؤشر الأداء اللوجستي السنوي للبنك الدولي لأن نظامها مليء بعدم الكفاءة. قال أوبيورا مادو، رئيس المركز الإفريقي لسلسلة التوريد، الذي يتخذ من نيجيريا مقرا له، إن شحن حاوية من الصين إلى لاجوس أرخص في بعض الأحيان من نقلها من ميناء لاجوس إلى الجانب الآخر من المدينة. أضاف: "إذا ردت شحن القهوة من كينيا، عليك إرسال الشاحنة إلى أوروبا أولا قبل نيجيريا (بسبب عدم وجود طرق تربط بين البلدين). وبموجب هذا الفعل تخسر أي ميزة تكلفة كان من المفترض أن تكون قد حصلت عليها". الشركات مثل "كوبو360" ومنافستها الرئيسية، "كينياز لوري" Kenya’s Lori، تحاول إحداث ثورة في الأنظمة اللوجستية بحيث تكون عاملا رئيسيا في نجاح اتفاقية منطقة التجارة الحرة الإفريقية التي تم توقيعها أخيرا. يهدف الاتفاق إلى تعزيز النمو الاقتصادي في قارة يبلغ إجمالي الناتج المحلي فيها أكثر من ثلاثة تريليونات دولار، وسكانها سريعو النمو أغلبيتهم من الشباب. قال أوبي أوزور، مؤسس "كوبو 360": "الخدمات اللوجستية هي جوهر (الاتفاقية) - هي الشيء الوحيد الذي سيجعلها تنجح، لأنه ليس كما لو كان عندنا سكك حديدية مثلا". نظام السكك الحديدية المحدود في إفريقيا ظل على حاله إلى حد كبير منذ أن شيدته القوى الاستعمارية. وأضاف: "هل أعتقد أن أي من الدول ستكون لديها سكك حديدية كاملة في الأعوام الـ25 المقبلة؟ هذا غير ممكن. نحن ننقل شحنات من نيجيريا إلى غانا، ويستغرقنا الأمر 16 يوما (لقطع مسافة 460 كيلو مترا)". في الغرب، طبيعة العمل غير المستقر في اقتصاد الوظائف المرنة ولدت رد فعل سلبي كبير من العمال والمعلقين في آن معا. لكن في نيجيريا، حيث ربع السكان تقريبا عاطلين عن العمل، يمكن أن تكون المنصات التي تربط العمال المستقلين بالمهام طوقا للنجاة. تقدم "كوبو" خدمات تمويل الشاحنات، وخصومات على الديزل، والرعاية الصحية، والمساعدة على دفع الرسوم المدرسية، والتأمين أثناء الرحلة، ومدفوعات مقدمة إلى سائقي الشاحنات الذين اعتادوا الانتظار أسبوعين أو ثلاثة أسابيع للحصول على أجورهم. وتقدم للعملاء – مثل "شوقر دانجوت" Dangote Sugar ومصنعة الصلب "آفريكان إندستريز" African Industries – القدرة على تتبع عمليات التسليم مباشرة. في حال تعطل الشاحنة – حدث شائع على الطرق السريعة ذات الحفر الكبيرة الكافية لابتلاع السيارات – قالت "كوبو" إنها تستطيع إرسال فريق لإصلاحها وحماية الحمولة من قطاع الطرق ونقلها إلى شاحنة أخرى لتوصيلها. وتخطط "كوبو" لاستخدام 20 مليون دولار من الأسهم من "جولدمان" و "واي كومبيناتور" Y Combinator ومؤسسة التمويل الدولية وآخرين، للتوسع بشكل أكبر في نيجيريا وفي عشرة بلدان أخرى، وإطلاق منصة لوجستية مدعومة بتكنولوجيا الـ"بلوكتشين" blockchain تجمع فيها جميع خدماتها. وسيتم استخدام عشرة ملايين دولار إضافية من الديون التي جمعتها من مصارف نيجيرية لتمويل السائقين ومشغلي أساطيل النقل. أزور البالغ من العمر 30 عاما، قضى فترة قصيرة في عمله في منصب مصرفي استثماري في "جيه بي مورجان" ومديرا للعمليات في "أوبر" في نيجيريا قبل أن يطلق "كوبو" في عام 2017. قال إنه ينوي زيارة الصين في وقت لاحق هذا الشهر لبدء عملية تصميم "شاحنة تناسب إفريقيا" من أجل خفض التكاليف على سائقي الشاحنات النيجيريين إلى النصف. "لا يوجد سائق شاحنة في إفريقيا يستخدم التكييف، فلماذا ندفع 11 ألف دولار تكاليف إضافية لذلك؟ لدينا لوحة القيادة الرقمية هذه – لسنا بحاجة إليها، ألغي تكلفتها البالغة سبعة آلاف دولار وأنفق أربعة آلاف دولار على نظام تعليق جديد – هذا ما نحتاج إليه في إفريقيا".
مشاركة :