لم تختف الفنانة القديرة رزيقة طارش عن الدراما، ولن تغيب عن الشاشة، مبررةً غيابها في الفترة الأخيرة بأنه نتيجة طبيعية لاقتصار الإنتاج الدرامي على المواسم، إلى جانب عدم وجود نص متميز وأدوار مناسبة تليق بمكانتها الفنية، وأكدت في حوارها، لـ«الاتحاد»، أنها تلقت الكثير من العروض التمثيلية، وآخرها قبل أسابيع لكنها لم تكن أدواراً مقنعة ومشجعة لقبولها. وأضافت: أنا بطبعي لا أستعجل في الموافقة على أي دور قبل قراءته، وتقييم أهميته في السياق الدرامي ومدى تأثيره في وجدان الجمهور، بصرف النظر عن مساحة الدور أو المردود المادي، لكن الأهم بالنسبة لي هو قيمته الفنية، فالدور الذي لا يترك بصمة مهمة لدى المشاهد، لا أعول عليه بالمطلق، كما أركز على الأدوار الكوميدية باعتبارها الأقرب إلى مزاجي ولوني الأدائي، وأرفض بشكل قاطع أداء أدوار مكررة سبق تأديتها أو قدمها فنانون آخرون، ولا أقبل أيضاً السطحية والإسفاف والابتذال في المحتوى الدرامي، فأنا أبحث عن التميز والقيمة والتأثير الذي يخدم العمل ويصب بالنهاية في إيصال رسالة نبيلة إلى المجتمع. ذكريات درامية وسينمائية رزيقة التي بدأت مشوارها الفني من خشبة المسرح المدرسي في عام 1969، وكان أول دور مسرحي لها مع فرقة تمثيلية تابعة لوزارة الداخلية عام 1970، ثم لمع نجمها وتوالت الأدوار المسرحية، واعتلت خشبة المسرح الرسمي في العام 1975، وقدمت 10 مسرحيات طوال مشوارها الفني، ثم اتجهت بعدها إلى التلفزيون، وأطلّت في عملين دراميين متلاحقين هما «حريم بو هلال»، و«مناقصة زواج»، شاركها البطولة الفنان محمد الجناحي، وعلي التميمي، وأحمد الجسمي، وفي رصيدها أكثر من 50 عملاً يتنوع بين الدراما والسباعيات ومسلسلات الـ15 حلقة، وقدمت رزيقة عملين سينمائيين، أحدهما من تأليفها «لك يوم يا ظالم»، ومن إخراج مراد كامل، وعمل آخر هو «الأم»، إخراج أحمد منقوش، وتم إنتاج العملين في الثمانينيات. جريدة صوتية لهموم المجتمع وأعربت رزيقة عن رفضها القاطع الحديث عن فكرة اعتزال الفن، موضحةً: لا أعتقد أنني سأفكر يوماً في الاعتزال أو الاختفاء عن الساحة الفنية تحت أي ظرف، فالفن يجري في دمي، ولا أستطيع أن أعيش من دون تمثيل، فهو بيتي الثاني، وهو وسيلتي الوحيدة للتعبير عن رسالتي إلى الناس، فهي على قناعة أن الفنان جريدة صوتية ناطقة عن هموم مجتمعه، ويتعين عليه دور مهم في نشر رسالة الحب وقيم الجمال والسلام والتعايش. الكوميديا مفتاح القلوب وقالت رزيقة، إنها لم تجد نفسها في السينما، ولم تكن لتطمح بالاستمرار فيها، فقد وجدت أن الدراما التلفزيونية خاصة الأعمال الكوميدية الهادفة هي الأقرب إلى وجدانها الفني، بكونها المفتاح إلى قلوب الناس، وتترك أثراً محبباً يبقى عالقاً في الذهن لسنوات طويلة، ووصفت رزيقة الأدوار والشخصيات التي لعبتها طوال مسيرتها الفنية بأنها بـ«جزء من روحي»، ذلك أنها تعتني باختيارها وتوافق على أدائها عن قناعة تامة. رسالة ردع وحائط صدّ التحديات أمام صناعة دراما محلية تواكب التطلعات والطموحات، تتطلب وفق رزيقة جهود جبارة لإنعاشها وترقية مضمونها وتكثيف إنتاجها طوال فصول السنة، لإعطاء فرص للكوادر التمثيلية والعاملين في حقولها من توظيف خبراتهم واستثمار طاقاتهم وقدراتهم الإبداعية في خدمة قضايا المجتمع والوطن والناس، فالدراما هي سلاح ناعم لإبراز الوجه الحضاري والثقافي، وهي رسالة ردع وحائط صد لتحصين أبناء المجتمع ضد كل سلوك يشكل تهديداً أو تشويها لصورته وسمعته. وتابعت: «نحتاج إلى شركات إنتاج متعددة وقوية تنافس في تقديم الأفضل لتشكل بيئة حاضنة لمواهب الشباب الصاعدين والخبرات الكبار والكوادر المتخصصة لتحقيق معادلة الانتشار والانتعاش الدرامي في جودة النص وجاذبية الشكل وفخامة المحتوى». شخصية أول شهيدة وقالت رزيقة، إنها تلقت عروضاً خليجية من الدراما الكويتية، ولعبت أدواراً مهمة في بطولة 8 أعمال، بمشاركة النجوم الكبار أمثال الفنانة حياة الفهد، والفنان الراحل أحمد الصالح، وطارق العلي، ومحمد جابر، وآخرون، وتتطلع رزيقة للمشاركة في دراما عربية، شريطة أن يكون الدور متناغماً مع عناصر الأداء والذوق الفني الذي تميل إليه، وأضافت: «أتمنى تقديم شخصية سمية أم عمار بن ياسر، أول شهيدة في الإسلام، كونها شخصية فارقة صنعت أعظم تضحية تاريخية من أجل الدفاع عن الدين الإسلامي، وهي مثال للصبر والإخلاص ونموذج لأرقى مراتب الفداء والعطاء». وثيقة وطنية للأجيال رسالة رزيقة التي تثابر دائماً في تجسيدها من خلال أدوارها الفنية هي الدعوة للتعاضد والتكاتف كمخرجين وممثلين ومخرجين لتقديم عمل درامي أو سينمائي ضخم يتحدث عنه العالم، يقدم صورة مشرقة عن المجتمع الإماراتي وثقافته وقيمه وتراثه لتكون وثيقة وطنية في الذاكرة المحلية تنقل إلى الأجيال القادمة. نصيحة للفنانين الشباب لم يفت ببال رزيقة في خضم حديثها الشائق عن ذكرياتها الفنية، توجيه رسالة إلهام إلى الفنانين الشباب، تنصحهم بضرورة دراسة المسرح والتلفزيون في معاهد أكاديمية متخصصة، إلى جانب صقل مواهبهم في حقل التجارب، واستقاء الخبرات من الرعيل الأول لإنضاج وعيهم الفني وتجويد أدائهم.
مشاركة :