الدكتور جاسر الحربش كاتب في جريدة الجزيرة. لم ألتقه من قبل ولكن من الصعوية أن أرى مقالا له دون أن أطلع عليه. ولكن وقبل عدة أيام قرأت له مقالا بتاريخ 20 أبريل كنت أعتقد أنني كتبته أو افكر في كتابته بسبب قرب توارد الخواطر بعنوان (التجنيد الإجباري كعلاج). وكان المقال عبارة عن كلمات بسيطة عن ضابط متقاعد من القوات البحرية الملكية السعودية اسمه عمرو العامري والذي هو أحد رفاق الدرب في حياتي العملية. ورغم كل ما قاله الدكتور جاسر في المقال، إلا أن ما شد انتباهي هو صراحة الدكتور حول عدم معرفته عن ما يتمتع به من ينتمي للسلك العسكري من عمق ثقافي. ولكن للأمانة كنت أظن من في مقام الدكتور جاسر كان من المفروض أن يعرف. في البداية أود أن أقول إنني ترددت كثيرا لكتابة مقال عن هذا الموضوع لعدم معرفتي عن أفضل الطرق للحديث عن شيء يحتاج إلى سطور كثيرة. ولكن ستكون لي في الجزء الثاني أسطر أخرى عما يخفيه من ينتمي للسلك العسكري ليس فقط من عمق ثقافي وحسب، ولكن حقيقة أن أكثر الدول استفادة من منسوبي القطاع العسكري في شتى المجالات هي الدول الغربية، والتي هي في الواقع الأكثر تقدما في العالم. ونظرا لمحدودية السطور الآن فسأعطي القارئ أمثلة بسيطة عن حياة العسكرية في مملكتنا الحبيبة. فقبل عدة سنوات قررت القوات الجوية الأمريكية تعديل وتطوير رادار طائرات الـ (ف-15) من نوع (أى بي جي 63) الموجود في طائراتها وطائرات الدول التي تمتلك نفس النوع. وهذا الرادار يعتبر أقوى رادار جوي للتتبع والرصد في العالم. واثناء ذلك تم عمل إحصائية لمعرفة الطيارين الأكثر في عدد ساعات الطيران الذين قاموا بقيادة هذا النوع من الطائرات ليتضح لهم أن الأكثر في عدد ساعات الطيران هم من منسوبي قواتنا الجوية الملكية السعودية. بل يقال إن الأكثر في عدد ساعات الطيران لهذه الطائرة على مستوى العالم هو طيار سعودي من قواتنا الجوية رغم أن هذه الطائرة موجودة فقط في ترسانة عدد محدود في أكثر الدول المتطورة في سلاحها الجوي. وزيادة على ذلك فالكل يعرف أن جنسية قائد طائرة (ف-15) الذي استطاع وفي مدة أقل من دقيقة أن يسقط طائرتين معاديتين أثناء عاصفة الصحراء هو طيار سعودي. وبعد عاصفة الصحراء قامت القوات البحرية الأمريكية بتعديل أحد أنظمة صواريخها المضادة للسفن من نوع (هاربون) ليتضح أن احدى سفن القوات البحرية الملكية السعودية وهي سفينة جلالة الملك (فيصل) هي من القلائل التي أطلقت هذا النوع من الصواريخ أثناء عاصفة الصحراء بطريقة مختلفة. حيث إنها أصابت الهدف بدقة ومن مسافة بعيدة لما يسمى ما فوق الأفق وسط تواجد أهداف حربية أخرى صديقة متقاربة وكذلك وجود الكثير من منصات البترول ذات الحساسية السياسية والاقتصادية في الخليج العربي. وبالطبع هناك أمثلة أخرى ولكن أردت أن أقول إن من في السلك العسكري السعودي سواء أكان ضابطا أو صف ضابط أو جنديا يعتبر من الأكثر تدريبا في العالم والأكثر انخراطا في عدد الدورات المتقدمة والأكثر تدريبا ليس فقط في العلوم العسكرية، بل في شتى المجالات الأخرى. وسنكمل الحديث في الجزء الثاني. كاتب ومحلل سياسي
مشاركة :