كتب: راشد النعيمي لا شك في أن خيانة يوم الرابع من سبتمبر في منطقة صافر، في مأرب، قد كشفت شبكة التآمر الواسعة في اليمن ضد قوات التحالف العربي لدعم الشرعية، أبرزها استهداف التحرك الإماراتي السعودي المشترك في اليمن، لكن تلك الجريمة لم تحقق هدفها، وكانت النتيجة عكسية، إذ استطاع تحالف دعم الشرعية أن يستكمل خطته لإعادة الأمن والاستقرار في اليمن، عبر مواجهة الانقلابيين الحوثيين، وكل الجماعات الإرهابية، وقد تطلب ذلك تضحيات خالدة، أبرزها استشهاد 45 ضابطاً وجندياً إماراتياً، و10 سعوديين، و5 من البحرين، في الهجوم الغادر بصافر.إن الأرواح الزكية التي قدمها أبناء الإمارات في اليمن الشقيق، دفاعاً عن الشرعية والواجب وفداء للوطن، تعد تاجاً على رؤوس الأشهاد، وستظل ذكرى خالدة خلود اسم الإمارات عبر الأجيال والأزمان، وقد استحق هؤلاء تحية إجلال وإكبار واعتزاز من قِبل جميع أبناء الشعب، لأنهم رفعوا اسم دولة الإمارات عالياً بما حققوه في أرض اليمن، انطلاقاً من قيم العطاء والولاء والانتماء. كما تعتبر تجسيداً حياً لوحدة البيت الداخلي الذي أرسى دعائمه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وسارت القيادة الرشيدة الحالية على نهجه. صفحات الغدر في الرابع من سبتمبر/أيلول 2015 قدّمت القوات المسلحة الإماراتية كوكبة من الشهداء، عقب تسريب الجيش القطري الذي كان مشاركاً في التحالف آنذاك، إحداثيات قوات التحالف للحوثيين؛ فالخيانة القطرية لم تقتصر على ابتزاز تلك القوات واستهداف مواقعها في اليمن فقط، بل امتدت لتشمل مدّ الأعداء بمعلومات العمليات الجوية لتقوم قوات الانقلابيين بإخلاء المواقع قبل استهدافها من قوات التحالف. وعزا خبراء عسكريون طول أمد عمليات التحالف في اليمن، إلى قطر التي تلعب دور المعرقل الرئيسي، عبر تسريب المعلومات العسكرية للحوثيين، حتى قبل انطلاق طائرات التحالف من قواعدها، لقصف الجبهات الحوثية. ما يؤكد هذه الفرضية، إلى جانب الوثائق التي تمتلكها كل من الإمارات والسعودية، أن المواقع التي شهدت عمليات قصف غير متوقعة للحوثيين كانت فيها قوات «تنظيم الحمدين»، كما أن المواقع التي لم يكن لقطر علم بتحركاتها لم تشهد أي نوع من تلك المفاجآت. كما زود القطريون تنظيم «القاعدة» الإرهابي بمعلومات دقيقة عن أماكن وجود القوات الإماراتية، وخططها في اليمن، وهو ما أكده أكثر من مصدر مطلع. ولم تتوقف أيادي الغدر القطرية عند «الوشاية» المباشرة؛ فعبر عملاء الدوحة في حزب «الإصلاح» الإخواني اليمني، عملت الأخيرة على شق صف التحالف أكثر من مرة، كذلك كانت الأموال القطرية حاضرة في شراء قيادات موالية للحكومة الشرعية، ليكونوا عملاء سريين لها؛ ما مكنها من اللعب على كل الاتجاهات بهدف إفشال المهمات القتالية لقوات التحالف، وخلط الأوراق في اليمن، وإطالة أمد الحرب. تضحيات خالدة وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أكد «إن تضحيات الشهداء ستظل خالدة في وجداننا، وتلهم أجيالنا للتمسك بقيم الخير والسلام ونصرة الحق، وسيظلون على الدوام مصدر فخر واعتزاز لأهلهم وشعوبهم، وأن تضحيات شهداء الإمارات الأبطال أوسمة فخر واعتزاز للوطن، وذكراهم الخالدة ستبقى محفورة على صفحاته».وقال سموه أيضاً «إن مسيرة التاريخ أثبتت أن منَعة الأمم وتطورها ونهضتها ظلت على الدوام رهناً بتحلّي أبنائها بقيم التضحية والعزيمة والفداء، المقرونة بانتمائهم وحبهم لأوطانهم ومجتمعاتهم، فالشعوب التي تقدم التضحيات في سبيل عزها وكرامتها، والتزاماً بمسؤولياتها الإنسانية والأخلاقية، هي الشعوب الحية والقوية والقادرة على صيانة مكتسباتها، والدفاع عن سيادتها، والمضي بقوة وثقة على طريق التقدم والتنمية، في ظل عالم مملوء بالتحديات والمخاطر، وهذا ما جسده شهداؤنا الأبرار بدمائهم، وأبناء قواتنا المسلحة بتضحياتهم وبطولاتهم في كل الميادين التي عملوا فيها، والمهام التي قاموا بها، وعبَّروا من خلالها عن قيم الشعب الإماراتي الأصيلة والنبيلة». أزمة إنسانية حينما بدأت دول التحالف العربي في اليمن عملية «عاصفة الحزم» في مارس/ آذار 2015، فإنها كانت تستجيب لنداء الشعب اليمني الشقيق، والوقوف معه في مواجهة الانقلابيين الحوثيين، وحلفائهم من قوى التخريب والدمار في الداخل والخارج، الذين أعادوا اليمن إلى أسوأ الظروف الإنسانية، بسبب سياسة التجويع، ونهب الثروات، وتشريد السكان، واتباع سياسة القمع والاعتقالات والتصفية الجسدية وتعطيل المؤسسات الخدمية، ونشر الفتنة الطائفية وتعزيز النعرات الضيقة، والاستحواذ على مقدرات الشعب واستغلالها لخدمة أهداف ضيقة، ما أدى إلى تشريد آلاف اليمنيين داخلياً، وخارجياً، مع تفاقم الأزمات الإنسانية بسبب تردي الأحوال المعيشية، وانهيار الاقتصاد اليمني. ولذلك فقد كان الهدف الإنساني أحد أهم دوافع تدخل دول التحالف العربي، في اليمن، وهو ما جسدته عملية «إعادة الأمل» التي أطلقتها دول التحالف في إبريل/ نيسان 2015، التي أكدت على أولوية المساهمة في إعادة بناء مستقبل الشعب اليمني، وتخليصه من الدمار الذي تسبب به الانقلابيون، وتمت ترجمة ذلك في مبادرات إنسانية وإغاثية استهدفت تخفيف معاناة الشعب اليمني، خاصة في المدن التي واجهت الحصار من الانقلابيين، وكذلك في الدعم المالي الكبير الذي قدمته دول التحالف العربي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، للتخفيف من معاناة الشعب اليمني الشقيق من ناحية، ومساعدة الاقتصاد اليمني ومنعه من الانهيار، من ناحية ثانية. كما أن الدعم الذي قدمته الدولتان لليمن منذ انطلاق عملية إعادة الأمل لم يقتصر على تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية من أغذية وأدوية فقط، وإنما تضمن أيضاً العمل على مساعدته في إعادة بناء وإعمار ما خلفته الحرب، وكذلك في التعاون مع الأمم المتحدة لتوفير أوجه الحماية اللازمة للمدنيين، والحفاظ على أرواحهم والحيلولة دون استهدافهم أثناء العمليات العسكرية. وكان لجهود دولة الإمارات العربية المتحدة عظيم الأثر في إعادة تأهيل وبناء ما خربه المتمردون الحوثيون في عدن والمدن التي تم تحريرها من قبل قوات التحالف العربي، حيث أسهمت الإمارات في توفير الخدمات الأساسية للمدن المتضررة بهدف عودة النازحين إلى ديارهم وحصولهم على الخدمات الأساسية من كهرباء، وماء، وصحة، وتعليم. وقامت الإمارات بتدشين سلسلة من المشروعات الإنمائية في العديد من المجالات، الصحية والتعليمية والطاقة والمياه، باعتبارها ضرورة لانطلاق مرحلة البناء والإعمار والتنمية الشاملة في اليمن، وفي هذا السياق، فقد احتل مشروع إعادة تأهيل وصيانة مطار عدن الدولي صدارة مشاريع الإمارات؛ حيث استعاد مطار عدن عافيته بأيادي العون والمساعدة من دولة الإمارات، بعدما ضربت حرب ميليشيات الانقلابيين التابعة لجماعة الحوثي بنيته التحتية ودمرته بشكل كامل، واستطاعت الأيادي الإماراتية إعادة مطار عدن إلى العمل الاستثنائي المطلوب من خلال الرحلات الإغاثية والعلاجية الطارئة، للسير خطوة تلو الأخرى في طريق العودة الكاملة إلى استئناف نشاط الملاحة الجوية أمام شركات الطيران المحلية والدولية بعد استيفاء شروط الأمن والسلامة للمنظمة الدولية للطيران المدني. شراكة استراتيجية باتت الشراكة السعودية الإماراتية ضمن التحالف العربي خياراً استراتيجياً مشتركاً يمثل نموذجاً في تضامن الأشقاء في مواجهة التحديات وصون الأمن والمصالح المشتركة، حيث تحولت هذه العلاقات الأخوية إلى صمام أمان ليس للبلدين الشقيقين فقط، بل لشعوب دول مجلس التعاون والشعوب العربية جميعها، بما تمتلكه الإمارات والسعودية من ثقل استراتيجي، ومكانة إقليمية، وتأثير دولي كبير. ويجب أن نشير إلى أن تحالف الخير لا ينطلق من قدرات عسكرية فهو بالأساس تحالف إنساني بشهادة الأرقام والإحصاءات التي تشير إلى حجم المساعدات الإنسانية والإغاثية التي تحالف البلدان على تقديمها للأشقاء في دول عربية عدة تعاني شعوبها ظروفاً اقتصادية وأمنية واجتماعية صعبة.
مشاركة :