هل يفجر داود أوغلو "دفاتر الإرهاب" في وجه أردوغان

  • 9/5/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بات الصراع بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأقرب أصدقائه القدامى أحمد داود أوغلو مفتوحا على المجهول بعد أن حسم العدالة والتنمية أمره بالدفع نحو إقالة مفكر الحزب والعقل الاستراتيجي للطفرة الاقتصادية التركية التي سطا عليها أردوغان ووظفها للحساب الخاص. وتتوقع أوساط تركية مقربة من الحزب الحاكم أن يبادر داود أوغلو، الذي بدأ صبره ينفد من الاستهداف المنظم له ولقيادات تاريخية بالحزب، إلى إطلاق حملة من التصريحات بشأن الأسرار التي يعرفها عن الدور التركي في رعاية الإرهاب، وذلك في سياق تبرئة ساحته من تهم “الخيانة والغدر” التي أطلقها بوجهه أردوغان خاصة بعد إحالته للتحقيق وما تحمله من إهانة ومس من قيمته. وقررت اللجنة التنفيذية في حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، الثلاثاء، بالإجماع إحالة أربعة أعضاء من الحزب إلى اللجنة التأديبية مرفقة بطلب لفصلهم نهائيا من الحزب، من بينهم رئيس الوزراء السابق، داود أوغلو. وكان داود أوغلو قد صرح منذ أيام في رسالة موجهة إلى الرئيس التركي “إن الكثير من دفاتر الإرهاب إذا فتحت لن يستطيع أصحابها النظر في وجوه الناس”. وأضاف أن الفترة من الأول من يونيو وحتى الأول من نوفمبر من عام 2015، تعد أخطر وأصعب الفترات السياسية في تاريخ تركيا. وعلّق داود أوغلو على حذف صوره من مقاطع الفيديو الخاصة بذكرى تأسيس حزب العدالة والتنمية، بالقول “إذا بدأت أي حركة مسح تاريخها، فإنّ هذا يعني أنها تصفّي نفسها بنفسها”. وتقول الأوساط المقربة من العدالة والتنمية إن داود أوغلو يشير بشكل مباشر إلى أن أردوغان لعب ورقة الإرهاب لإخافة الشارع التركي ودفعه إلى الإقبال بكثافة على الانتخابات العامة التي جرت في 2015، والتصويت للحزب الحاكم، وإظهار أن أردوغان يحوز على ثقة الأتراك وهو ما وظفه كعنصر رئيسي لفرض تعديل الدستور وتتويج نفسه لاحقا رئيسا بصلاحيات غير محدودة. وقد سبق الانتخابات التي أقيمت في نوفمبر 2015، أعنف هجوم إرهابي في تاريخ تركيا الحديث والذي وقع في 10 أكتوبر 2015، بعدما أسفر انفجار سيارتين مفخختين خارج محطة قطار بالعاصمة أنقرة عن 109 قتلى و500 مصاب. ومن الواضح أن توظيف الإرهاب لم يستهدف فقط إخافة الأتراك، ولكن أيضا مثل ورقة ضغط داخلية في الحزب الحاكم خاصة في ظل اختلاف الاستراتيجيات بين أردوغان وبين فريق من المؤسسين أصحاب الوزن في العدالة والتنمية، وبينهم داود أوغلو، الذي تقلد حقيبة الخارجية ثم رئيسا للحكومة، وكذلك الرئيس السابق عبدالله غول. وكان أردوغان منزعجا من تمسك داود أوغلو باستراتيجية صفر مشاكل مع المحيط الإقليمي، وهي استراتيجية كانت تجد دعما قويا من القيادات المؤسسة التي تستعد حاليا لإعلان حزب جديد. وتمنع هذه الاستراتيجية الرئيس التركي من تحقيق أحلامه في أن يحقق لنفسه صورة “السلطان الذي لا يقهر” في الداخل والخارج. وعمل أردوغان بشتى الوسائل على توريط أنقرة في ملفات إقليمية مختلفة خاصة مع ركوبه موجة “الربيع العربي” وسعيه لإيصال فروع الإخوان المسلمين إلى الحكم في مصر وتونس وليبيا وسوريا واليمن، مضحيا في سبيل ذلك بعلاقات تاريخية لبلاده مع دول الخليج ومصر ومع الشارع العربي الذي تفاجأ بأن تركيا البلد المنفتح داخليا يحاول فرض المتشددين لحكم دول محورية في المنطقة. ويقول مراقبون أتراك إن داود أوغلو يمتلك أسرارا كثيرة عن التدخلات التركية في “الربيع العربي”، سواء ما تعلق بالتمويل، أو التسليح، أو احتضان قيادات هاربة من أحكام قضائية في بلدانها، وتمكينها من كل الوسائل لترتيب تحركاتها المناوئة للأنظمة الحاكمة انطلاقا من التراب التركي. وتشير مصادر مقربة من رئيس الحكومة السابق إلى أن الرجل يخطط لتوسيع كتلة الغاضبين داخل الحزب الحاكم للضغط على أردوغان لمراجعة تدخلاته الخارجية وتخليص تركيا من الصراعات التي تورطت فيها على حساب أمنها القومي ومصالحها الاقتصادية، وضرورة تبريد الخلاف مع دول الخليج ومصر وخلق مناخ جديد جالب لرؤوس الأموال والمستثمرين والسياح العرب كخطوة ضرورية لإنعاش الاقتصاد التركي الهش الذي صار تحت رحمة الأزمات السياسية. وخرجت الاستقالات داخل الحزب الحاكم من دائرة ردود الفعل الشخصية الغاضبة وتحولت إلى موجة منظمة تعكس وجود أزمة هيكلية عميقة، مؤكدة أن الحزب الذي يقود تركيا لعقدين من الزمن بات عاجزا عن أداء دوره وضرورة البحث عن بديل جديد. ومنذ أيام قليلة استقال وزيرا العدل والداخلية السابقان سعدالدين أرجين وبشير أطالاي، من حزب العدالة والتنمية الحاكم ليلحقا بنائب رئيس الوزراء وزير الاقتصاد والخارجية الأسبق علي باباجان، الذي أعلن استقالته في الـ8 من يوليو الماضي، تمهيدا لتأسيس حزب جديد، يدعمه الرئيس السابق عبدالله غول. وقررت اللجنة التنفيذية في الحزب الحاكم إحالة أربعة أعضاء من الحزب إلى اللجنة التأديبية مع طلب لفصلهم نهائيا من الحزب، وهم داود أوغلو وسلجوق أوزداغ وأيهان سفر أوستون وعبدالله باشجي. كما تعتزم اللجنة إحالة الرئيسين السابقين لفرعي الحزب في العاصمة أنقرة وإسطنبول إلى اللجنة التأديبية مع طلب الفصل النهائي، وهو ما يعني أن أردوغان يسابق الوقت لتنظيف الحزب من خصومه المؤثرين، وأن الأمر لن يقف عند القيادات البارزة وأنه سيتسع ليشمل القيادات التنفيذية الوسطى التي يمكن أن تهدد شعبيته داخل الحزب. ولا يقف الأمر عند دفع أصحاب الأفكار والمواقف إلى ترك الحزب والبحث عن هيكل جديد، بل تتوسع دائرة التخلص من “الأصدقاء القدامى المتنطعين” إلى حذف صورهم ومشاركاتهم في أنشطة العدالة والتنمية خلال سنوات الود.

مشاركة :