عندما يتحدث المرء عن مناسبة إنسانية تصادف اليوم، الخامس من سبتمبر من كل عام، وهي «اليوم الدولي للعمل الخيري»، فإنه لا يمكن إلا أن يتوقف عند الدور الرائد الذي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا الشأن، وخاصة أنها تتبوأ المركز الأول عالمياً كأكبر جهة مانحة للمساعدات الخارجية في العالم لعام 2017، وفقاً لبيانات لجنة المساعدات الإنمائية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وحصولها على المركز الأول عالمياً أيضاً كأكبر دولة مانحة في مجال تقديم المساعدات الإنسانية الطارئة إلى الشعب اليمني لعام 2018، بحسب التقرير الصادر عن خدمة التتبُّع المالي (FTS) لتوثيق المساعدات في حالات الطوارئ الإنسانية التابعة للأمم المتحدة. لقد استحوذت المساعدات التنموية وإعادة التأهيل ومشروعات دعم إعادة الاستقرار للدول والشعوب على فكر دولة الإمارات وممارساتها، حيث تزخر الدولة بمؤسسات وهيئات خيرية يزيد عددها على 45 جهة مانحة، تشكل رافداً أساسياً لإنجاح مسيرة العمل الإنساني، وتعمل على تنظيم حملات التبرع لإغاثة المنكوبين والمعوزين في أنحاء العالم كافة، وخاصة المتضرّرين من الفقر والأزمات والطوارئ، ليبرز في هذا الشأن دور «هيئة الهلال الأحمر» الإماراتية التي كانت في طليعة المؤسسات الخيرية، التي أسست للعمل الإنساني، وعقدت شراكات متينة مع المحسنين، من المواطنين والمقيمين على حدّ سواء، وقدّمت خلال مسيرتها مليارات الدراهم إلى المعوزين داخل الدولة وخارجها. كما يُنظر إلى «مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية» بصفتها إحدى أبرز أذرع العمل الخيري في دولة الإمارات، من خلال تقديم مساعدات إلى أكثر من 166 دولة حول العالم، لتعزيز مسيرة الشعوب، وتحسين نوعية حياتهم، وفق نهج ثابت يقوم على قيم الخير في نفوس أبناء الدولة تجاه الإنسان أينما كان. ولا يقتصر فعل الخير في دولة الإمارات على تقديم المنح والمساعدات المالية والعينية إلى مستحقيها من الشعوب، وإنما جاءت هذه القيمة كذلك بصيغة أعمال تطوُّعية قام بها بنات الإمارات وأبناؤها، من خلال المشاركة في برامج ومشروعات إنسانية بدول مختلفة في العالم، انطلاقاً من إيمانهم بأن المحتاجين يستحقون الوقوف إلى جانبهم في بناء مشروعات تنموية، توفر لهم سبل العيش الكريم، وتأخذ بهم إلى مستقبل يسوده الاستقرار والرفاه. ويُشهَد لمنتسبي المنصة الوطنية للتطوع «متطوعين. إمارات» بحجم الانتماء إلى الإنسانية، والإحساس بها أينما وُجِدَ المحتاجون والمعوزون، حيث قدَّم 408 آلاف و585 متطوعاً ومتطوعة من المنتسبين إلى المنصة 3 ملايين و265 ألفاً و240 ساعة عمل تطوعي، الأمر الذي يعكس رؤية دولة الإمارات، قيادة وحكومة وشعباً، في تحويل العمل التطوعي والإنساني إلى ممارسة مستدامة ترتقي بمفاهيم التسامح والتعاون والمؤازرة إلى آفاق أشمل وأرحب، بما ينسجم مع الأهداف التنموية العالمية القائمة على ضرورة القضاء على الفقر بجميع صوره وأشكاله وأبعاده، بصفته عائقاً أمام تحقيق مستهدَفات التنمية المستدامة 2030. إن قيام دولة الإمارات على فلسفة إنسانية، أساسها التضامن والتكاتف مع الدول والشعوب المنكوبة، والوقوف صفاً واحداً معهم في وجه العوز والحاجة والأزمات لم يأتِ من فراغ، إنما جاء بفضل ما أسس له الأب الباني المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ومن بعده صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، من إيلاء أهمية كبرى لممارسات العطاء والبذل، بصفتهما قيمتين إنسانيتين، تتشارك فيهما الدولة وأبناؤها مع العالم بأسره، من دون منَّة أو استثمار في مصلحة، مهما اختلف مستحقو الدعم في اللغة، أو الدين، أو العرق، أو المنطقة الجغرافية، وتعزيز مأسسة العمل الخيري بأطر تنظيمية وتشريعية، تركز على التطوع والتبرع وفعل الخير.
مشاركة :