نظم الآلاف من معلمي المدارس الحكومية في الأردن الخميس مسيرات احتجاجية وسط العاصمة عمّان للمطالبة بعلاوة على رواتبهم التي يعتبرون أنها “الأدنى بين موظفي الدولة”، في خطوة من شأنها أن تزيد الضغوط على الحكومة الأردنية التي تواجه مطالب ضريبية جديدة من صندوق النقد الدولي. ويشهد الأردن في الأسابيع الأخيرة تزايد عدد التحركات الاحتجاجية، بيد أن مسيرات الأمس هي الأضخم، الأمر الذي ينذر بخريف صعب ينتظر حكومة عمر الرزاز. ورغم منع الأجهزة الأمنية للمعلمين من التجمع في الدوار الرابع أمام مبنى رئاسة الوزراء تمكّن أكثر من ثلاثة آلاف معلم من الوصول، وتنظيم وقفتهم الاحتجاجية في المكان أو في الطرق المؤدية إليه ما سبّب ازدحامات مرورية. كما تجمّع أكثر من ثلاثة آلاف معلم في دوار الداخلية، القريب من وزارة الداخلية وسط إجراءات أمنية مكثّفة. ومنعت الحافلات التي تحمل المعلمين من بقية المحافظات من الوصول إلى عمّان والمشاركة في الاحتجاج، الذي يأتي بعد أربعة أيام فقط من بدء أكثر من مليوني طالب عامهم الدراسي الجديد. وقال نائب نقيب المعلمين ناصر النواصرة إنه “وبسبب منع المحتجين من الوصول إلى الدوار الرابع تقرر تنظيم إضراب شامل في مدارس المملكة (الحكومية) كافة يوم الأحد المقبل”. ونشرت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر استخدام قوات الأمن للغاز المسيل للدموع من أجل تفريق المحتجين في الدوار الرابع أمام مبنى رئاسة الوزراء. وأكد المتحدث باسم نقابة المعلمين نورالدين نديم في بيان أن النقابة تطالب بعلاوة مقدارها 50 بالمئة على الراتب الأساسي للمعلم. وأضاف “مطلبنا هذا هو مطلب حق ومستحق منذ خمس سنوات، وقد تم الاتفاق عليه، والحكومة هي من نكثت اتفاقها”. وأضاف أن “النقابة طرقت أبواب الحوار مع الحكومة إلا أنها قوبلت بالمماطلة والتسويف ولم نلمس أي جدية من قبل الحكومة خلال حوارنا معها، بل وجدنا التحريض والتجييش للرأي العام ضد المعلمين عبر المنابر الرسمية”. وبحسب النواصرة فإن “الراتب الذي يتقاضاه المعلم هو الأقلّ بين رواتب موظفي الدولة الأردنية حيث يبدأ الراتب بـ360 دينارا (حوالي 500 دولار)”. وأضاف “أنا خدمت 24 سنة وعندي أربع شهادات جامعية منها الدكتوراه وراتبي لا يتعدى 760 دينارا (حوالي 1100 دولار)”. وتابع “نحن نريد أن يكون راتب المعلم أعلى لأننا نريد من المعلم أن يتفرّغ للتعليم”. في غمرة حراك المعلمين قدّمت الخميس كتلة الإصلاح التابعة لجماعة الإخوان مذكّرة لحجب الثقة عن حكومة عمر الرزاز ورفضت وزارة التربية الاستجابة لمطالب المعلمين. وأكد المتحدث باسم الوزارة وليد الجلاد في بيان أن “كلفة علاوة الـ50 بالمئة التي تطالب بها النقابة تصل إلى 112 مليون دينار (أكثر من 150 مليون دولار) على الخزينة”. ودعا المعلمين والطلاب إلى “التقيّد بالدوام”. وأكدت الحكومة الأردنية في بيان “التزامها بالحوار وحرصها على التفاعل مع مطالب نقابة المعلّمين مع مراعاة المصلحة الوطنيّة، وعدم الإضرار بحقّ الطلبة في التعليم”. ويشهد الأردن أزمة اقتصادية متفاقمة في ظل دين عام ناهز 40 مليار دولار. ورفعت الحكومة الأردنية مطلع العام الماضي أسعار الخبز وفرضت ضرائب جديدة على العديد من السلع والمواد التي تخضع بشكل عام لضريبة مبيعات قيمتها 16 بالمئة، إضافة إلى رسوم جمركية وضرائب أخرى. وتفيد الأرقام الرسمية أن معدل الفقر ارتفع العام الماضي إلى أكثر من 15 بالمئة ونسبة البطالة إلى أكثر من 19 بالمئة في بلد يبلغ معدل الأجور الشهرية فيه نحو 600 دولار والحد الأدنى للأجور 300 دولار. ويرجّح أن تتمسك الحكومة بموقفها خاصة وأنها ملتزمة بإصلاحات مع صندوق النقد الدولي، الأمر الذي سيعني الدخول في احتكاكات مع المعلمين، المصرّين على تلبية مطالبهم. وينتظر أن يقوم وفد من صندوق النقد الدولي في الأيام القليلة المقبلة بزيارة إلى عمّان، وسط مخاوف من أن تنتهي تلك الزيارة بمطالب لزيادات ضريبية جديدة، تدرك الحكومة أن لن تستطيع تجاهلها. ويرى نشطاء أن الحكومة تراهن على القبضة الأمنية وما إعادة سلامة حماد على رأس وزارة الداخلية قبل أشهر قليلة إلا استباق لموجة متوقعة من الاحتجاجات. ولا يستبعد في أن يتكرر سيناريو الحراك الذي شهدته المملكة العام الماضي والذي شاركت فيه للمرة الأولى فعاليات اقتصادية ونقابية، لينتهي بالإطاحة بحكومة هاني الملقي. وفي غمرة حراك المعلمين قدّمت الخميس كتلة الإصلاح النيابية التابعة لجماعة الإخوان مذكّرة لحجب الثقة عن حكومة عمر الرزاز التي يبدو أن هامش الوقت الذي منحه لها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بدأ يضيق.
مشاركة :