التجارة..هل تصبح أداة لمكافحة تغير المناخ؟

  • 9/6/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تجتاح منطقة الأمازون حرائق هائلة، لدرجة أنك يمكنك رؤيتها في الفضاء. ولكن بالنسبة للدول التي تقع فيها الغابات المطيرة، تعد الأزمة مشكلة داخلية. وهذا الأسبوع، قال الرئيس البرازيلي «جايير بولسونارو»: «غالبية الدول التي تدخل ضمن منطقة الأمازون (بحاجة إلى استجابة مشتركة) لضمان سيادتنا وثروتنا الطبيعية». ومع ذلك، يرى الاتحاد الأوروبي أن حرائق الأمازون مشكلة عالمية تؤثر عليه أيضاً. وتستخدم الكتلة نفوذها لمحاولة إنهاء الحرائق والتصدي لتغير المناخ على نطاق أوسع. وبينما تتراجع الولايات المتحدة عن قيادتها في القضايا البيئية، فإن الاتحاد الأوروبي يحل محلها. فهو يختبر تكتيكات جديدة لتحفيز العمل – خاصة من خلال استخدام نفوذه التجاري الضخم. تقول «سيلين تشافريات»، المدير التنفيذي لـ«معهد السياسة البيئية الأوروبية»: «تريد معظم الدول حول العالم بيع سلعها في السوق الأوروبي، لذا فإن الاتحاد الأوروبي قادر على أن يكون له نفوذ كبير من خلال سياساته ومعاييره». وقد حاول الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أن يفعل ذلك بالضبط، من خلال إدراج حرائق الغابات وتغير المناخ على جدول أعمال قمة مجموعة السبع التي عقدت في بياريتز بفرنسا. ووفقاً لوكالة الفضاء البرازيلية، فقد زادت الحرائق في البرازيل بنسبة 85% في عام 2019، وأصبحت كبيرة بما فيه الكفاية لتكون مرئية من المدار، وهو تطور مرتبط بقطع الأشجار بشكل غير قانوني لزيادة مساحة الأراضي الزراعية. ولإرسال رسالة واضحة للرئيس بولسونارو، وهو يميني متشكك في التغير المناخي، وله علاقات وثيقة مع الأعمال الزراعية التجارية، هدد ماكرون بحظر اتفاقية ميركوسور التجارية بين الاتحاد الأوروبي والسوق المشتركة لأميركا الجنوبية. لقد استغرق هذا الاتفاق عقدين من الزمان لاستكماله وما زال يواجه عقبات عديدة للتصديق عليه. (يعد الاتحاد الأوروبي هو ثاني أكبر شريك تجاري للبرازيل، والأخيرة هي أكبر مصدّر منفرد للمنتجات الزراعية إلى الاتحاد الأوروبي في جميع أنحاء العالم). وتمخض الضغط عن بعض النتائج، حيث قام بولسونارو بنشر قوات الجيش لإخماد الحرائق ومنع حرائق تطهير الأراضي لمدة 60 يوماً. على الأقل، نجحت الخطوة المفاجئة التي اتخذها ماكرون في خلق شعور بالحاجة الملحة لاتخاذ إجراء. يقول «دينيس تانزلر»، مدير السياسة المناخية الدولية في مركز أبحاث أدلفي، ومقره برلين، والذي يركز على المناخ والبيئة والتنمية: «البيئة والتجارة هما في الواقع وجهان لعملة واحدة. والاستخدام المستدام للموارد أمر أساسي، ويجب أن يكون في قلب مثل هذا الاتفاق التجاري المهم». وقد دعت بيرو وكولومبيا، وهما عضوتان في ميركوسور إلى جانب الأرجنتين والبرازيل، إلى عقد اجتماع في 6 سبتمبر لوضع خطة طويلة الأجل لوقف إزالة الغابات. لكن هذا الجهد استحوذ أيضاً على الصراع المستمر للاتحاد الأوروبي لإبراز جبهة موحدة. وكانت إيرلندا، التي تشارك فرنسا القلق بشأن ما الذي تعنيه ميركوسور بالنسبة لمزارعيها، هي الدولة الوحيدة التي تدعم تهديد ميركوسور. ولكي تدخل حيز التنفيذ، ما زالت اتفاقية التجارة الحرة تحتاج إلى الضوء الأخضر من حكومات الاتحاد الأوروبي، والهيئات التشريعية الوطنية على جانبي المحيط الأطلسي. وقد اختتمت القمة أعمالها، بعرض لتقديم 20 مليون دولار كتمويل طارئ للتعامل مع حرائق الأمازون دون الإشارة إلى ميركوسور. لكن الكثير من علماء البيئة ينظرون إلى التمويل على أنه غير فعال بالنظر إلى حجم الأزمة. في البداية، تجاهل بولسونارو العرض، قبل أن يضع الشروط عليه، ويصفه بأنه تدخل في الشؤون الداخلية للبلاد تمشياً مع العقلية الاستعمارية. «أعرب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن دعمه لبولسونارو على تويتر، ليضعف أكثر انتقادات أوروبا»، تعد حرائق الأمازون، التي اشتعلت خلال الأسبوعين الماضيين هي الأخطر في السنوات الأخيرة، ومن الممكن أن تؤثر على منطقة مساحتها 2.6 مليون ميل مربع، وتمتد إلى أجزاء من بيرو وبوليفيا وباراجواي. بيد أن الخبراء يحذرون من العواقب المدمرة لمثل هذه الحرائق منذ عقود. يقول «فاريبورز زيلي»، أستاذ العلوم السياسية بجامعة لوند بالسويد: «إن العشرين مليون دولار التي تم التعهد بتقديمها للأمازون ليست كافية. وحجب الاتفاق التجاري في حد ذاته ليس جيداً بما فيه الكفاية. نحن بحاجة إلى معالجة الأسباب الجذرية». إن الدوافع الرئيسية لإزالة الغابات في البرازيل هي تربية الماشية وزراعة فول الصويا. والمستهلكون الأوروبيون، كما يقول «زيلي»، يمكنهم بذل المزيد من الجهد للضغط على حكوماتهم للنظر في اتخاذ إجراءات تكميلية – بما في ذلك وضع ملصقات واضحة وشهادة المنشأ على منتجات الصويا ولحم البقر. باعتباره ثاني أكبر اقتصاد في العالم، يتمتع الاتحاد الأوروبي بالنفوذ. وفي الواقع، فقد جعلت الكتلة الاعتبارات البيئية مبدأً في المفاوضات متعددة الأطراف وموازنة المساعدات الخارجية.

مشاركة :