كان كل شيء متوقع والازمة كان لها مؤشرات مبكرة ولم يكن هنالك مفآجئات لأي قارئ حذق عميق لتصريحات نقابة المعلمين ومطالبها التي تتناقلها وكالات الانباء.المعلمون كانوا قد وعدوا منذ عام ٢٠١٤ بالزيادة المستحقة والتي أكدها أكثر من وزير ممن تناوبوا على وزارة التربية والتعليم.المعلمون يستحقون أكثر مما يطلبون وهم ينهضون بدور لا يعدله الا دور المرابطين على الثغور والحدود، والقضاة في اروقة محاكمهم، لا بل فان المعلمون هم بناة حقيقيون يعملون على صياغة فكر الناشئة وبناء شخصيات ابناءنا وتعزيز هوياتنا الوطنية.لا اعلم ما الذي يخيف الحكومة من الاعتصام أو المسيرة أو الوقفة المطلبية ما دام أن كل ذلك يتم التعبير عنه بطريقة سلمية ويتم بشكل منسجم مع القانون والدستور.شاهدنا وما زلنا نشاهد وقفات ومسيرات ومطالبات في كثير من الدول التي سبقتنا في مشوار الديمقراطيه ولم نشاهد حالة التأهب والاستنفار والحشود المكثفة لقوى الامن.نعم التحوط مطلوب ومشكور، ولكن الافراط في ذلك يسبب الهلع والاستفزاز، واعتقد ان ما حصل في احداث الرمثا خير دليل على ذلك، حيث ان كثر التحشيد الامني كاد ينقل الوقفات المطلبية الى مرحلة تأزيم ومواجههة، ورأينا كيف أن موقف اجهزة امنية واستخبارية قد احدث الانفراج في هذه الأحداث.القضيةالاساسية في تعامل الحكومة مع مطالب المعلمين ووقفاتهم الماضية والمقبلة تكمن في ان تلعب الحكومة دور المرجع وليس دور الخصم.الحكومة هي للجميع، والمعلمين يتبعون اكبر الاجهزة الحكومية، ونقابتهم جاءت وفق القانون وينبغي على الحكومة ان تنظر الى النقابة كجسم تمثيلي وليس كطرف نزاع يهدد كينونتها.لو كنت محل رئيس الحكومة لاوعزت للاجهزة الامنية كافة ان لا تضيق على وصول المعلمين الى مكان الاعتصام، لا بل لذهبت لابعد من ذلك ولرتبت مع النقابة بشأن مكان وزمان الاعتصام، واتخذت الاجراءات اللازمة لتأمين المحتجين والمحافظة على سلامتهم، ولعملت على اتخاذ الاجراءات المناسبه لضمان انسياب الحركة المرورية دون ان يتسبب هذا الاعتصام باغلاق شبه تام لمعظم مناطق عمان الغربية. البعض يقول لماذا لم يتم الاعتصام اثناء العطلة الصيفية عندما كان الطلاب في اجازتهم في البيوت، والحقيقة ان ذلك مثيرا للاستغراب فالاعتصام هو وسيلة للضغط على الحكومة وصناع القرار فكيف تضغط على صناع القرار اذا لم تكن الادوات والزمان والمكان ملائما.في فرنسا مثلا تعطلت حركة القطارات بالكامل قبل سنوات تعبيرا عن مطالب نقابية، وفي دول اخرى تعطلت الملاحة الجوية، وفي الاردتن تعطلت بعض المستشفيات العامة قبل ثلاث سنوات من اجل تحقيق مطالب للاطباء والعاملين في القطاع الصحي.مرة أخرى فقد تعاملت الحكومة قبل يومين مع قضية المعلمين كخصم وليس كمرجع، واعتقد ان هذه الحكومة او غيرها تفقد شرعيتها التفاوضية والقيادية عندما تتصرف كخصم.المعلمون موظفون عامون ونقابتهم شرعية ودستورية، والزيادة التي وعد بها المعلمون مستحقة ومبررة وضرورية للمحافظة على هيبة التعليم اولا، وعلى كرامة المعلم والحدود الدنيا لمتطلبات معيشته ثانيا.نقابة المعلمين تبدي المرونة في مسألة تجزأة الزيادة إدراكا منها للاوضاع الاقتصادية للدولة، واعتقد أن رئيس الحكومة يمكنة أن يبدي دورا قياديا ويسطر موقف أدبيا وأخلاقيا محترما اذا خاطب المعلمين المعتصمين يوم الاحد واستقبل ممثلين عن النقابة في مكتبه وخرج الى زملاءه المعلمين الذين سبق وأن كان وزيرا لوزارتهم معلنا ان الحكومة ستبدأ بصرف ٢% من الزيادة في شهر كانون ثاني هذا العام وان باقي الزيادة سيتم صرفها مناصفة على مدار العامين الدراسيين التاليين.حكومة الدكتور الرزاز التي على ما يبدوا انه أزف رحيلها يمكن لها ولرئيسها أن يجعل ختام اعمال حكومته مسكا ، ويترك أثرا ايجابيا يمكن أن يتذكره الاردنيون رغم كثير من القرارات التي اتخذتها الحكومة وتسببت بمعاناة للاردنيين في النعيمة ودير الليات وسامتا وراكين والخناصري والقاديسية وبلوقس وعيرا ويرقا.الاردنيين طيبين غير حقودين وينسون بسرعة فهل يصلح الرزاز ما افسدة بعض وزراء التأزيم في حكومته! وهل يجعل الرزاز آخر أعمال حكومته استحقاقا له أم عليه؟
مشاركة :