هناك معايير عديدة لقياس الطلاقة اللغوية، لكننا نعتمد على معيارين أساسيين هما "سرعة التحدث" أي عدد الكلمات الصحيحة والفعالة التي تستخدمها في وقت محدد و"طول الحديث" أي القدرة على مواصلة الحديث دون توقف أو تلعثم. وتصف دي جونز المراحل التي يمر بها كل متحدث دون وعي قبل النطق بالكلمات، وهي التفكير فيما تريد قوله وصياغة الجمل ثم النطق بالأصوات المناسبة، وهذه المراحل تستغرق مدة أطول لدى متعلمي اللغة الأجنبية، لأنهم يحاولون صياغة أفكارهم بلغة مفهومة. ويجب أن يتحلى متعلمو اللغة بالجرأة الكافية لمواجهة تحديات النطق، لكن تحقيق مستوى الطلاقة في اللغة الأجنبية ليس سهلا على الإطلاق. ويصنف الإطار المرجعي الأوروبي الموحد للغات، الذي وضعه مجلس أوروبا، متعلمي اللغات ضمن مستويات بحسب درجة إتقان اللغة، تعتمد على معايير عديدة منها الطلاقة والدقة. وتنقسم مستويات الإتقان إلى ستة مستويات، أدناها مستوى المبتدئ الأول وأعلاها مستوى المتقن للغة. ويتضمن مستوى المبتدئ الأول: القدرة على طرح الأسئلة البدائية عن التفاصيل الشخصية والإجابة عليها، شريطة أن يتحدث المتلقي بهدوء ويرغب في التعاون. أما مستوى المبتدئ الثاني فيتضمن القدرة على وصف أحداث من الماضي أو البيئة أو الأمور ذات الصلة باحتياجاته بكلمات بسيطة وأداء المهام الروتينية التي تتطلب تبادل المعلومات الأساسية. ويتضمن مستوى المتحدث المستقل الأول، القدرة على التعامل مع معظم المواقف اليومية وسط أهل البلد الناطقين باللغة، ووصف تجاربه وأحلامه وتطلعاته. أما مستوى المتحدث المستقل الثاني فيتضمن القدرة على فهم أفكار النصوص المعقدة وتحقيق درجة من الطلاقة اللغوية والتلقائية، بحيث يتفاعل المتعلم مع الناطق باللغة بسلاسة دون أن يشعر أي منهما بأي قلق أو ضغط. ويتضمن مستوى المتحدث المتقن الأول القدرة على فهم النصوص الطويلة والتعرف على المعاني الضمنية وإنتاج، تحريريا أو شفويا، نصوص مفصلة وواضحة بجمل سليمة ومترابطة عن مواضيع معقدة، وإجادة استخدام أدوات الربط والعطف. وأخيرا يتضمن مستوى المتقن المتقدم: القدرة على فهم كل ما هو مسموع أو مقروء والتعبير بتلقائية عن نفسه وبطلاقة وبدقة حتى في المواقف الصعبة. ويقول جيرينت توماس، رئيس فريق امتحانات كامبردج لتقييم مهارات التحدث باللغة الإنجليزية: "نحن نقيم مدى تماسك الجمل وسرعة الرد وإدارة الحوار والنطق، وتنقسم كل من هذه المعايير إلى معايير فرعية".مصدر الصورةAlamyImage caption إلى أي مدى يمكنك مواصلة الحديث باللغة الأجنبية دون انقطاع؟ وهل يمكنك التحدث عن الاقتصاد والسياسة؟ ويضيف توماس أن بعض الطلاب لديهم نقاط قوة قد يفتقدها آخرون، فقد تجد طالبا يتمتع بمستوى عال من الدقة لكنه ليس طليق اللسان خشية ارتكاب أخطاء، بينما تجد أخرين طليقي اللسان لكنهم يرتكبون الكثير من الأخطاء اللغوية. وأشار بحث أجرته مجموعة اختبارات اللغة الإنجليزية بجامعة كامبريدج، إلى أن المتعلم المتحمس قد يستغرق 200 ساعة للترقي من مستوى لآخر. وهذه الحماسة تساعده على استيعاب الصيغ والتراكيب الجديدة وتعلم قواعد نحوية إضافية بدلا من الاكتفاء بالقواعد اللغوية الأساسية والانتظام في الدراسة والممارسة. لا شك أن كل هذه المعايير التي وضعها أساتذة اللغة ممتازة لتقييم مدى إتقان اللغة الأجنبية، لكن أسرع وأفضل الاختبارات، في نظري، لتقييم مدى طلاقة اللسان والدقة اللغوية هي مواجهة الناطقين الأصليين باللغة في الحياة اليومية. وفي هذه الحالة، هل ستتمكن من التحدث باللغة الأجنبية بسلاسة ودون تلعثم؟ وهل ستتفادى الخوض في بعض الموضوعات أو تتوقف عن الكلام لأنك تعجز عن استحضار الكلمات المناسبة؟ وهل ستجد صعوبة في فهم الكلمات الأساسية وتكتفي بفهم خلاصة الحديث؟ وهل تستطيع فهم فيلم أجنبي دون قراءة الترجمة أو مطالعة كتاب دون الرجوع إلى القاموس؟ وإذا كتبت رسالة بالبريد الإلكتروني وطلبت من أحد الناطقين باللغة مراجعتها، كم عدد الأخطاء التي سيجدها في الرسالة؟ لا أنكر أن ذخيرتي اللغوية تحسنت في السنوات التسع التي قضيتها في إيطاليا، لكنني لم أصل بعد لدرجة الإتقان في الكتابة الخالية من الأخطاء، وأحيانا يستولى علي اليأس وأشعر أنني لن أتقنها أبدا. لكن تعلم اللغة الأجنبية في نهاية الأمر هو كالزواج، فقد تظن أنك تعرف شريكة حياتك تمام المعرفة عندما تضع الخاتم في إصبعها، لكنك في الحقيقة لا تزال في البداية وستظل مرتبطا بها مدى الحياة. يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Future
مشاركة :