يقول المختص في العلاج بتقويم العمود الفقري في مدينة ونشستر مارك ساندرز، مخاطبا متابعي نظريات وضعيات الوقوف أو الجلوس السليم “انسوا كل الهراء الذي يشدد على أهمية الوقوف دون تقويس الظهر”. ويرى المختص في العلاج بتقويم العمود الفقري أن النشاط يحتل أهمية كبرى. ويوضح اعتدنا على الاعتقاد بأن هناك طريقتين للوقوف: الوقوف “غير السليم” مع تقويس الظهر إلى الأمام، والوقوف “السليم” الذي يقال إنه يجنب الألم لأن الظهر يبقى مستقيما. ومع ذلك، تراكمت الأبحاث خلال العقود الثلاثة الماضية، وأصبحنا نعلم أن الوقاية من آلام الظهر ليست بهذه البساطة. سواء كنت تنحني أو تجلس مستقيما، لا تحدث جلستك أو وقفتك تأثيرا كبيرا على آلام الظهر والرقبة. ولا يضع الجلوس ضغطا قويا على العمود الفقري مهما كانت طريقته، بل إن غياب النشاط يعتبر أهم عامل يسبب آلام الظهر والرقبة. ولا توجد جلسة أو وقفة واحدة تناسب الجميع. لذلك، يجب التأكد من أنك تضيف أنشطة أكثر أهمية من الجلوس بشكل مستقيم إلى محاولاتك الرامية لمنع آلام الظهر. بدلا من إخافة الناس وإخبارهم بأن طريقة وقوفهم تسبب الألم، يجب أن نشجعهم على النشاط الذي سيساعدهم صحيا كما يجب التنويع بين تمارين القوة والتوازن، وتمنح بعض المواقع مثل موقع هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة الكثير من النصائح المفيدة للتمارين الفعالة. كما يمكن أن تكون اليوغا وتمارين البيلاتس مفيدة جدا لتجنب آلام الظهر، حيث يساعد تمديد عضلات الظهر والبطن والعنق في التخفيف من تأثير يوم من الجلوس المرهق على المكتب. وحتى لو كنت غير قادر على ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، هناك خيارات يمكنك اتخاذها في حياتك اليومية لحماية ظهرك، مثل أن تصعد الدرج بدل استعمال المصعد، أو النزول من الحافلة قبل بضع محطات من الوجهة المحددة ومواصلة بقية الطريق مشيا. وإذا كنت عالقا في المكتب طوال اليوم، حاول تنظيم “استراحة صغيرة” كل نصف ساعة لتقف وتحرك عضلاتك. وحاول أن تركز على عضلات العنق التي تتعب أكثر بعد الجلوس لفترة طويلة أمام الكمبيوتر. وبدلا من إخافة الناس وإخبارهم بأن طريقة وقوفهم تسبب الألم، يجب أن نشجع النشاط الذي سيساعدهم أكثر على المدى الطويل. وفي سياق التأكيد على أهمية النشاط البدني وممارسة الرياضة أظهرت دراسة بريطانية حديثة أن كبار السن الذين لم يشاركوا مطلقا في برامج التمارين الرياضية مثل رفع الأثقال يتمتعون بنفس القدرة على بناء كتلة العضلات مثل الرياضيين المدربين تدريبا عاليا إذا بدأوا تدريباتهم في سن متأخرة. وأجرى الدراسة باحثون بجامعة “بيرمنغهام” البريطانية، ونشروا نتائجها في العدد الأخير من دورية “Frontiers in Physiology” العلمية. وقارن الباحثون قدرة بناء العضلات لدى مجموعتين من الرجال عمرهم فوق 60 سنة. وتم تصنيف المشاركين في المجموعة الأولى على أنهم “رياضيون محترفون”، وكانوا أشخاصا في السبعينات والثمانينات من العمر، وكانوا يمارسون التمارين الرياضية طوال حياتهم، وما زالوا يتنافسون على أعلى المستويات في رياضتهم. أما المجموعة الثانية، فقد كان المشاركون فيها أفرادا أصحاء من نفس العمر، لكنهم لم يشاركوا مطلقا في برامج التمارين الرياضية المنتظمة. وشاركت المجموعتان في تمرين واحد، احتوى على تدريب بآلة تمرين لرفع الأثقال، ثم أخذ الباحثون عينة “خزعة” عضلية من المشاركين قبل 48 ساعة من التمرين، وعينة أخرى بعده مباشرة، وقاموا بفحصها للبحث عن علامات على كيفية استجابة العضلات للتدريبات. وكان الباحثون يتوقعون أن يتمتع الرياضيون في المجموعة الأولى بقدرة أكبر على بناء العضلات من المجموعة الثانية، بسبب مستويات اللياقة العالية لديهم على مدار فترة زمنية طويلة. لكن في الواقع، أظهرت النتائج أن لكلا المجموعتين نفس القدرة على بناء العضلات ونفس الاستجابة لممارسة الرياضة. وقال الدكتور لي برين، قائد فريق البحث “تظهر دراستنا بوضوح أنه لا يهم إذا لم تكن تمارس التمارين الرياضية بانتظام طوال حياتك، فلا يزال بإمكانك الاستفادة من التمارين متى بدأت بممارستها، فأن تبدأ متأخرا خير من ألّا تبدأ أبدا”. وأضاف أنه “من الواضح أن الالتزام طويل الأمد بالصحة الجيدة والقيام بالتمارين هو أفضل وسيلة لتحقيق صحة الجسم بالكامل، لكن حتى البدء لاحقا سيساعد على تأخير الضعف وضمور العضلات المرتبط بالعمر”. وأشار برين إلى أن هناك أنشطة رياضية خارج إطار قاعات الألعاب الرياضية يمكن أن يمارسها كبار السن مثل البستنة والمشي وصعود الدرج وهبوطه، أو رفع حقيبة التسوق، كجزء من نظام تمارين منتظم للحفاظ على العضلات. ويُعرف الفقدان التدريجي لكتلة العضلات والمرتبط بالشيخوخة، باسم التسمم العضلي المرتبط بالعمر، ويصيب حوالي 46 بالمئة من الذين تزيد أعمارهم عن 80 سنة. وعندما يقترن هذا الفقدان بمرض هشاشة العظام، فإنه يزيد من ضعف كبار السن، ويجعلهم أكثر عرضة للسقوط والكسور والإصابات الجسدية الأخرى، حيث تبين أن انخفاض كثافة المعادن في العظام، وخاصة في عظم الفخذ، يرتبط بزيادة الوفيات لدى المسنين. ويحدث فقدان كتلة العضلات بشكل طبيعي بعد سن الأربعين، كما أنه أمر شائع في منتصف العمر بسبب زيادة الوزن. ووفقا لتقديرات الباحثين، يفقد الأشخاص ما بين 1بالمئة إلى 2 بالمئة من كتلة العضلات سنويا بعد سن 50 عاما، كما أن هناك عوامل قد تسرع من ضمور العضلات أبرزها الخمول وعدم الحركة، واتباع نظام غذائي يفتقر إلى البروتين، بالإضافة إلى الإصابة بالأمراض المزمنة. وبدلا من إخافة الناس وإخبارهم بأن طريقة وقوفهم تسبب لهم الألم، يجب أن نشجعهم على ممارسة نشاط سيساعدهم على تجنب آلام الظهر وتفادي ضمور العضلات أكثر على المدى الطويل.
مشاركة :