كشفت دراسة حديثة أن عمليات شدّ الوجه لا تجعل الرجال يبدون أكثر جاذبية فحسب، بل تزيد من فرص ظهورهم بشكل مُحبّب وجدير بالثقة. شملت الدراسة 24 رجلا خضعوا لمجموعة متنوعة من عمليات التجميل في جامعة “جورج تاون” الأميركية، مع تقديم صور “قبل” و”بعد”، وعرضها على أكثر من 150 شخصا. وطُلب من المشاركين تقييم السمات الشخصية، مثل العدوانية والبساطة والإعجاب والانفتاح الاجتماعي والجدارة بالثقة، فضلا عن جاذبية الرجال وذكائهم. وتوصّلت إلى أن عمليات التجميل في الوجه، مثل شدّ الحاجب أو شدّ الجفن العلوي، أظهرت أيضا فوائد تتجاوز جَعْلَ الرجل يبدو أكثر جاذبية. كما بيّنت أن معظم عمليات تجميل الوجه، لا ترتبط برؤية الذكور لأنفسهم على أنهم أكثر رجولة، لذا يمكن القول، إن جراحة تجميل وجوه الذكور تختلف عن معظم عمليات التجميل التي تخضع لها النساء، حيث عادة ما يكون لهذه العمليات تأثير كبير على إحساسهن بأنوثتهن. وكشفت الدراسة أن جراحة شدّ الرقبة فقط، التي تشدّ وترفع الجلد والعضلات فيها، نجحت في جعل مظهر الذكور أكثر رجولة. وقال المشرف عليها الدكتور مايكل رايلي، “من المثير للاهتمام حقا أن تكون عمليات التجميل المختلفة للوجه ذات درجات متفاوتة من المساهمة في الإدراك العام للشخصية”. وارتبط تجميل الجفن العلوي للعين بزيادة الإعجاب والجدارة بالثقة، في حين أن عملية شدّ الوجه زادت من الإحساس بالثقة لدى الرجال. وأدّى تجميل الأنف إلى زيادة الجاذبية فقط. ومن جهة أخرى قالت شركة “يوغوف للأبحاث” إن رجلا من بين 20 يستخدم مستحضرات التجميل بانتظام في بريطانيا، ويبدو أنّ السوق تزدهر حيث حققت شركة لبيع مستحضرات التجميل للرجال رواجا كبيرا بعد شهرين فقط من تأسيسها. وأسس دانيال جاري شركة “وور بينت” لمستحضرات تجميل الرجال بعد أن تعرّض للتنمّر في المدرسة واستعان بمستحضرات تجميل شقيقته لاستعادة ثقته في نفسه. وتعرض الشركة منتجات تتراوح بين كريم الأساس للبشرة وأحمر الخدود ومستحضرات تُعطي البشرة اللون البرونزي، وتأسست في نوفمبر 2018 وتزدهر أعمالها حتى الآن. وقال جاري “كانت رحلة رائعة بالنسبة إلينا، نعمل منذ سبعة أشهر وأنت تعرف بعنا كل منتجاتنا بعد شهرين فقط”. وأضاف “أعتقد أن هذا يُظهر حجم الطلب في هذه السوق الآن”. وتقول شركة “وور بينت” إنها حققت نمواً في المبيعات الشهرية بنسبة 36 بالمئة. ومن ناحية أخرى تخصص متاجر مستحضرات التجميل مثل تيلت مساحات أكبر لعرض مستحضرات للرجال. وحذّر تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية الـ”بي.بي.سي” من الأخطار التي يتعرّض لها الرجال عند إجراء عمليات تجميل أو حقن”البوتوكس”. وقال إن الرجال يشعرون بنفس مشاعر القلق والضغط التي تشعر بها النساء عند إجراء جراحات تجميلية، بسبب تخوّفهم من نتائجها على مظهرهم. ويأتي هذا التحذير في الوقت الذي تشير فيه نتائج مسح أجرته الإذاعة، إلى أن حوالي 50 بالمئة من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاما، يفكرون في إجراء عملية تجميل أو حقن. وأشارت إلى أن الحكومة البريطانية بصدد إطلاق حملة لعلاج الآثار الناتجة عن جراحات التجميل التي شابها الفشل. ووجدت الدراسة الاستقصائية التي أجراها راديو “نيوزبيت 1” وبرنامج “فيكتوريا ديربيشاير”، أنه بالنسبة إلى أولئك الذين خضعوا لعمليات تجميل في الماضي، كانت عمليات زراعة المعدة، وحقن البوتوكس الأكثر شيوعا. ويقول موقع “سيف فيس”، وهي مجموعة تُعنى بتقييم الأطباء وتكوين سجلات لهم، إن الرجال يزورون الموقع أكثر من النساء الآن، وقد ارتفع عدد الشكاوى المقدّمة منهم بشكل كبير. وتوضح آشتون كولينز من “سيف فيس”، هناك “تريند” أو اتجاه بين الرجال لإجراء مثل هذه الجراحات، ويشجعهم على ذلك الصور المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ليجدوا بداخلهم رغبة لتغيير شكل أجسادهم. وتضيف أن معظم الرجال قبل سن الـ30 يسعون إلى الوصول إلى شكل الجذع المثالي الأشبه بالتماثيل، وعضلات البطن أيضا. وكجزء من هذا الاستطلاع الذي شمل حوالي 2000 رجل وامرأة، سُئلوا عن الجزء الذي يرغبون في تغييره من أجسادهم، وكانت أكثر الخيارات شعبية بين الرجال معدتهم وصدرهم، بنسبة 34 بالمئة منهم. ويقول أحدهم إنه دائما ما كان يخجل من شكل صدره، وأنه لا يريد أن يكون لديه “ثدي”، حتى عندما يكون في “الجيم” يراقب نظرات الناس إليه. مؤكدا أنه بعد العملية شعر أن مظهره بات ذكوريا أكثر. ولفتت الدراسة إلى أن نسبة كبيرة من الرجال يلجؤون إلى عمليات التجميل للحصول على الشكل المثالي، وخاصة أولئك الذين يجرون علميات البطن، فالأمر لا يتعلق بالنسبة إليهم بالصحة، بل بالمظهر في أغلب الأحيان. الرجال يشعرون بنفس مشاعر القلق والضغط التي تشعر بها النساء عند إجراء جراحات تجميلية، بسبب تخوفهم من نتائجها وحذّر ديرين كارتلن مدرب شخصي عبر الإنترنت، من اللجوء إلى عمليات التجميل “أنصحك بعدم القيام بذلك، إذا كنت تتدرب جيدا، وتأكل جيدا، وتغيّر نمط حياتك، أفضل من اللجوء إلى الحلول السريعة، وأكثر فائدة وأمنا”. ولا يختلف إقبال الرجال على عمليات التجميل في الغرب كثيرا عن الدول العربية، حيث تلقى عمليات التجميل رواجا كبيرا وتستقطب يوما بعد يوم الكثير من الرجال سواء الشباب أو الكهول. وتقول ميادة. م، محاسبة بإحدى المستشفيات “لاحظت أن زوجي يهتم كثيرا بمظهره وأناقته، وفي الذهاب إلى الحلاق كل أسبوع، وهذا ما لا أفعله أنا، كما يهتم بشراء ثياب جديدة دائما ووفق ألوان الموضة، في الحقيقة سلوكه هذا دفعني لمضاعفة الاهتمام بنفسي”. ويتساءل محمد. س، معيد في جامعة القاهرة، لماذا من المستغرب أن يهتم الرجل بشكله؟ لا أرى في هذا أي خطأ، لكن في نفس الوقت الرجال لا يعيبهم أبدا مظهرهم، ولا شكلهم. الجمال يرتبط بالنساء بشكل أساسي لأن جمال المرأة هو سلاحها وهو الشيء المناسب لطبيعتها، لكن إذا كان البعض من الرجال يحاول القيام بزرع الشعر وشفط الدهون من الكرش فلم لا؟ أظن أن هذا يمنح إحساسا بالراحة النفسية بالنسبة إلى الرجل، ويبعد عنه شبح التقدّم في العمر، وأنه لم يعد شابا. ويقول الدكتور عادل إبراهيم جرّاح تجميل “تتفاوت النسبة بين النساء والرجال في عمليات التجميل. إذ لم تعد عمليات التجميل مُقتصرة على النساء، بل امتدت لتشمل الرجال أيضا ليس بنسبة متساوية ولكن بنسبة لا بأس بها ومن أكثر عمليات التجميل التي يلجأ إليها الرجال هي عمليات زراعة الشعر”. ويوضح إبراهيم قائلًا “الرجال أصبحوا يلجؤون لعلميات التجميل في المنطقة العربية في الآونة الأخيرة مثل تصغير الأنف وغير ذلك وهو ما يمكن أن يطلق عليه ‘نيولوك’ للرجل أيضا، فبعض الرجال من طبقات معيّنة مثل الأثرياء والفنانين يلجؤون لعمل ‘نيولوك’ أو تجميل وجههم وكذلك عمليات شفط الدهون لمعالجة ‘الكرش’ وغير ذلك من العمليات، وأحيانا تصغير الفم أو عمل تسريحات جديدة أو صبغ؛ كما أن الرجل يمكنه عمل نيولوك من خلال تربية لحيته أو عمل دوجلاس في ذقنه أو تطويل شعره مثل صيحات الموضة في الغرب”. وكشفت دراسة سابقة أن اهتمام الرجل المفاجئ بأناقته واهتمامه بمظهره الخارجي له دلالات نفسية تتعلق بتعرّضه للخيانة أو ضعف الثقة بنفسه أو عدم تقبّله لذاته وشعوره بالفراغ، وهذا ما يدعوه إلى المبالغة والتكلّف بشكله الخارجي من باب التعويض عن النقص الذي يعيشه. وأشارت إلى أنّ الرجال المهووسين بالمظهر الخارجي يعانون من اضطراب يسمّى “التشوّه الجسماني” وهو مرض عقلي يدفع المصابين به للاقتناع بقبح شكلهم وتشوّهه، رغم أن مظهرهم بالمُجمل طبيعي جدا.
مشاركة :