أيها المسؤول. وأقصد أي مسؤول لديه صنع القرار ولديه صلاحية صرف من ميزانية إدارته أو التصرف بمواردها. ولكن قبل البدء، فلدي معلومة أود أن أرويها لك. وفي البداية، أود أن أهنئك على ثقة الدولة بتعيينكم في هذا المنصب الحساس، أيا كان هذا المنصب، متمنيا لك من أعماق قلبي التوفيق والنجاح. والحق يقال إن المملكة لديها إمكانيات بشرية ومادية من الممكن أن تجعلها في أعلى المراتب من ناحية التقييم العالمي والتطور الحضاري في شتى المجالات، وتعطيها مكانة أكبر في أدائها الحكومي لو تم استغلال الإمكانيات المتاحة التي قدمتها الدولة -مشكورة- لوزارتك أو إدارتك أو جامعتك. والآن إليك هذه المعلومة. بتاريخ 20 يوليو عام 1969م نجحت أمريكا بواسطة مركبة أبوللو11 عبر مشروع تاريخي لوكالة ناسا لعلوم الفضاء في إيصال أول إنسان بشري إلى سطح القمر. وفي ذلك الوقت قام العالم أجمع بمراقبة الحدث، ولكن بعد 25 يوما فقط من هذا الحدث الذي قلب الكثير من المفاهيم العلمية، قامت دولة الهند بإنشاء الوكالة الهندية لأبحاث الفضاء بتاريخ 15 أغسطس 1969م. وبخطوات بطيئة ولكن مستمرة استطاعت العام الماضي من إرسال مركبة فضائية أطلق عليها (مانغاليان) لتهبط ليس على سطح القمر ولكن تم إرسالها إلى كوكب المريخ في رحلة استمرت حوالي (300) يوم، وقطعت مسافة (670) مليون كيلو متر (بطريقة الالتفاف وليس الخط المباشر). ورغم أن وكالة ناسا قامت بمساعدة البرنامج الهندي في إرسال مركبته إلى المريخ فيما يخص بعض الأمور التقنية وأشياء أخرى، إلا أن الغريب في الأمر هو أن كل هذا لم يكلف الهند سوى مبلغ وقدره (74) مليون دولار فقط. وهذا جزء من المعلومة. والآن إليك بقية القصة أيها المسؤول.. كما قلت، فتكلفة إرسال مركبة إلى كوكب المريخ قد كلف وكالة أبحاث الفضاء الهندية مبلغ 74 مليون دولار، وهذا المبلغ يعادل تقريبا (270) مليونا بالريال السعودي. وهذا يعكس ما يمكن أن يفعله مثل هذا المبلغ لدينا وفي مؤسساتنا الحكومية. وعندها تذكرت خبر تم تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الصحف الرسمية لدينا حول قيام إحدى الجامعات السعودية بتحديث أو إنشاء بوابة إلكترونية بتكلفة إجمالية قيل إنها وصلت إلى مبلغ وقدره (200) مليون ريال. وللقارئ الحكم على الفارق بين تكلفة إرسال مركبة إلى كوكب المريخ وتكلفة إنشاء بوابة إلكترونية لدى إحدى الجامعات. وبهذا فهذه الأسطر القليلة تختصر القصة كلها حيال ما يمكن أن تفعله الميزانيات لو تم استغلالها الاستغلال الامثل، وبشفافية عالية، خاصة أن ما تقوم به حكومتنا الرشيدة من رصد أموال لأي مشروع معروفة سلفا لدى المواطن، لأنه يتم الإعلان عنها. ولهذا لا بد من صرفها بكل أمانة وشفافية لأننا مسؤولون أمام الله -سبحانه وتعالى- ومن ثم أمام الدولة وأمام كل مواطن حيال كيفية صرف تلك الأموال. المواطن يسمع ويرى ما حوله ويقارن. والمال العام أمانة في عنق كل مسؤول. ويجب أن يكون لدى الكل حس وطني لاستغلال ثرواتنا الوطنية أحس استغلال، ويجب علينا المحافظة عليها لصالحنا ولصالح الأجيال القادمة. فالوطن ومقدراته أمانة لديك أيها المسؤول. كاتب ومحلل سياسي
مشاركة :