علاج السمنة بالأشعة التداخلية

  • 9/13/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كنت في مدريد الأسبوع الفائت أحضر المؤتمر السنوي للاتحاد العالمي لجراحة السمنة، ونشر أحد الزملاء الذي أكن له احتراما شديدا، مقطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي، مبشرا بالبدء بالعمل بتقنية (جديدة) لعلاج السمنة دون جراحة، عن طريق حقن وإغلاق الشريان المعدي الأيسر بالأشعة التداخلية. وخلال ساعات انهالت علي وعلى زملائي الجراحين المجتمعين الأسئلة من كل حدب وصوب، ولذلك أحببت أن أوضح بعض النقاط. في البداية كانت هناك جلسة في المؤتمر عن التقنيات الحديثة أو المستقبلية الناشئة لعلاج السمنة، وتم التطرق لهذه التقنية كواحد من الاختيارات التجريبية التي لم تعتبر بعد طريقة معتمدة من أي جهة علمية في أحسن الأحوال. أولا: بدأت التجارب على هذه التقنية منذ سنوات قليلة فقط على أعداد محدودة جدا من المرضى. وفي دراسة تحليلية من بريطانيا صدرت عام 2018 ونشرت في الدورية العلمية (جراحة السمنة)، رصد الباحثون وقتها جميع المنشورات المقبولة باللغة الإنجليزية ليجدوا أن مجموع عدد المرضى الذين أجريت عليهم كان فقط 62 مريضا، وكانت نسبة نزول الوزن وقتها 2% فقط خلال سنة. ثانيا: لا توجد أي دراسات طويلة المدى نعرف من خلالها مدى فاعلية هذه التقنية أو مضاعفاتها على المديين المتوسط والبعيد. ثالثا: حتى أشد المتحمسين لها يرون أن أفضل نتائجها أدت إلى نزول الوزن بنسبة تقارب الـ 10% فقط خلال السنة الأولى مع الالتزام ببرنامج غذائي، وهو ما يمكن تحقيقه بطرق أخرى كالأدوية. ومن غير الواضح إذا كان المرضى سيحافظون على ذلك أم سيستعيدون ما فقدوه مع مرور الوقت وهو الأرجح. رابعا: الأهم أن هذه التقنية تقطع الطريق مستقبلا أمام أي إجراء جراحي في حالة فشلها أو عدم الرضا عن نتائجها، وهو أمر وارد، وذلك لأن المعدة بعد عمليات التكميم أو تغير المسار تعتمد تماما على الشريان المعدي الأيسر الذي يتم إغلاقه تماما في هذا التقنية. خامسا: هذه التقنيات لا زالت تُعمل من خلال أبحاث أو إجراءات تحت التقييم، وهذا يتطلب الحصول على إذن بإدخال تقنية جديدة وتطبيقها على المرضى وشرح ذلك بالتفصيل لهم، وأخذ موافقتهم الخطية على المشاركة في علاج تحت التقييم، على الأقل محليا، حتى في وجود منشورات بحثية في الموضوع، كون التقنية لا تزال علاجا غير معتمد. أخيرا: في الغالب سيتغير فهمنا للسمنة وستتغير تقنيات علاج السمنة بطريقة جذرية خلال العقود المقبلة. وقد يكون للأشعة التداخلية دور فيها، لكن لا يبدو أن هذا هو الحال الآن. خلال سنوات عملنا في جراحة السمنة ظهرت واختفت عمليات وتقنيات كثيرة لعلاج السمنة، بعضها كانت حلولا سهلة جدا لدرجة أنها لم تجد، وبعضها كانت حلولا معقدة تقضي على السمنة والمريض معا، وبعضها أثبتت الأيام فشلها أو كثرة مشاكلها. ولم يخل الأمر من وجود أطباء مغامرين ومرضى مندفعين ووسطاء منتفعين وشركات متعطشة لهذا السوق الهائل. وهنا سأنهي كلامي بحكمة قالها لي أحد الحكماء: لا تكن أول من يجرب ولا آخر من يفقد الأمل.

مشاركة :