تتعرض مملكة البحرين أكثر من غيرها لحملات تحريضية شعواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية التي توقد نار الفتنة وتحرض على الكراهية وخلق شقاق وفرقة بين شرائح المجتمع البحريني ومكوناته المختلفة، والتي تديرها وتمولها جماعات المعارضة المقيمة في الخارج وكذلك قوى إقليمية معادية للبحرين. نحن كغيرنا من الدول نتعرض لحملات «الذباب الإلكتروني» الممنهج, التي تستخدم الحرب الإعلامية وسيلة لتحقيق غاياتها المشبوهة المملوءة بالزيف والخديعة والممارسات غير القانونية وغير الأخلاقية, والتي تنافي الأعراف وتنتهك الحريات وتشيع الفاحشة، من هذا المنطلق لا بد على الجهات الرسمية من العمل على كشف هذه الحسابات والتحذير من الانجراف خلف ما تروج له من تزييف الحقائق وخلق نوع من البلبلة في الشارع البحريني، وهذا لن يتحقق ما لم يتم حجب كل موقع ينقل أخبارا مغلوطة أو منافية للواقع أو تسعى لشق الصف البحريني وتقوض الأمن والسلم الأهلي وتضر بالاقتصاد وبسمعة البحرين العالمية، وعندما نطالب بتحجيم سموم هذه المواقع الإخبارية والحسابات الإلكترونية المغرضة ليس معناه أننا نحارب حرية الرأي ونحجم أفق الديمقراطية التي كفلها الدستور البحريني، فشتان بين من يمارس حقه في طرح قضايا المجتمع بمنطق متزن وبطرق صحيحة ومن يتخندق خلف شاشات الكمبيوتر ويقذف سمومه وأحقاده ويبث الكراهية بأساليب غير حضارية تنتهك حقوق المواطنين وتشيع الأحقاد والضغائن. الإشاعات والأخبار المغرضة والتحريض بأشكاله وأنواعه ككرة الثلج تبدأ صغيرة ثم تكبر وتكبر فيصعب كبح جماحها أو إيقافها وبلا شك سوف تدمر كل ما يعترض طريقها، وكما نقول دائما «درهم وقاية خير من قنطار علاج» فوقاية المجتمع من هذه الحرب الباردة التي أصبحت كصفيح ملتهب، أمر غاية في الأهمية وقد رأينا القوة التي يمتلكها الإعلام الموجه في تغيير قناعات وأفكار وثوابت المنظومة المجتمعية, حتى وإن كان ما يبثه أو يروج له مخالفًا الواقع ومغايرا الحقائق والعادات والتقاليد، وكما نلاحظ أن تأثير هذا الإعلام الممنهج لم يعد يقتصر على العوام بل أصبح السواد الأعظم ينقاد خلفه من دون إدراك أو تبين. وهذا ما حذرنا منه ربنا عز وجل منذ أكثر من 1440 عاما حيث قال تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالةٍ فتصبحوا على ما فعلتم نادمين». مع الأسف ان الانجرار والترويج للشائعات المسمومة التي تبثها الحسابات الوهمية من دون رادع أو إدراك لما يترتب عليها من آثار مؤلمة, تفتك بأي مجتمع ويشطر أركانه ونسيجه الوطني ويزعزع أمنه واستقراره، ناهيك عن الآثار الخارجية على سمعة البلد اقتصاديًا وما تبني عليه المنظمات والمعاهد البحثية من تقاريرها المشوهة والمغايرة للواقع الفعلي، كل هذا يصب في مصلحة القوى الإقليمية التي تتربص بأمن واستقرار أوطاننا وتعمل ليل نهار للنيل من مكتسبات وإنجازات أوطاننا، يقول ميكافيلي «الغاية تبرر الوسيلة» وهذه الجماعات المعارضة والقوى الإقليمية وكذلك الغربية لن تتوانى في استخدام أي وسيلة وبأي محتوى لتتمكن من تحقيق أهدافها وإن كانت دمار المجتمع والزج به في صراعات أهلية دامية والشواهد كثيرة في وطننا العربي. دولة الكويت أدركت هذا الخطر الكبير فسعت من خلال وزارة خارجيتها لمحاولة التصدي للحسابات الوهمية في منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية، حيث قامت من خلال سفاراتها التي تعمل في الخارج بمخاطبة الدول التي تدار منها تلك الحسابات والشركات المالكة لمواقع شبكات التواصل لاتخاذ إجراءات رادعة لحسابات الفتنة والتحريض، وتزامنًا مع هذا التوجه الدبلوماسي أطلقت بعض المبادرات المجتمعية للتحذير من مخاطر الحسابات الوهمية وضرورة التصدي لها وكبح جماحها في نشر الفتن وترويج الإشاعات المغرضة والمحرضة عبر منصات التواصل الاجتماعي وتوعية جميع أطياف المجتمع بمخاطرها على الأمن والسلم الأهلي، وتقوم المبادرة بتنظيم حملات توعوية وزيارات للمجالس في المحافظات ويصاحبها برامج توعوية يبثها التلفزيون الرسمي والإذاعة وفي المدارس والجامعات ومن خلال شبكات الاتصال ومنصات العمل في مختلف القطاعات. والنماذج كثيرة ومنها كذلك دولة الإمارات العربية المتحدة التي خطت خطوات كبيرة لمجابهة هذا الخطر وتوعية المجتمع الإماراتي من الانجرار خلف هذه الشائعات المغرضة والحسابات الوهمية. وبما أن كثيرا من المجتمعات الخليجية والعربية باتت تدرك هذا الخطر وبدأت بخطوات عملية في التصدي له وتحجيم انتشاره فأين نحن من هذه المبادرات، ونحن نتعرض لحرب إعلامية شرسة أضرت بمجتمعنا البحريني أيما ضرر. لقد حان الوقت لإطلاق حملات وطنية لتوعية المجتمع ضد الإشاعات التي تبثها هذه الحسابات الوهمية والمواقع الإخبارية المغرضة تشارك فيها كل وزارات الدولة المعنية كوزارة المواصلات والاتصالات، ووزارة شؤون الإعلام، وإدارة الجرائم الإلكترونية بوزارة الداخلية، وهيئة البحرين للثقافة، ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية وحتى منظمات المجتمع الوطني والمجالس الشعبية التي تعتبر شريكا أساسيا في توعية المجتمع.
مشاركة :