في رياضتنا، كرة القدم في وادٍ وكل الألعاب الأخرى في وادٍ آخر، فهي اللعبة الشعبية الأولى على الرغم من أن كل مباريات دورينا في الموسم الماضي، والبالغ عددها 182 مباراة، لم يتجاوز عدد الجماهير التي حضرتها 300 ألف مشجع، وبمعدل لا يزيد على 1600 مشجع في المباراة الواحدة، فهي لا تزال معشوقة الجميع في كل بقاع الكون، وهنا أيضاً، ولكن خلف شاشات التلفزيون. تئن الاتحادات الرياضية في مختلف الألعاب، من وطأة الحاجة، وقصر ذات اليد، وعدم القدرة على تنظيم شؤون اللعبة في ظل محدودية القدرات المادية، وتعيش كرة القدم في بحبوحة من العيش، لذا لا بأس أن يكون البذخ سمة كل ما يتعلق بكرة القدم، حفل تدشين قد يكلف الملايين، ومعسكرات بالملايين، ومكافآت فوز أيضاً بالملايين، حتى لو جاء الفوز بالبركة والمستوى الهزيل، وكأنهم يسيرون على مبدأ المقولة الشهيرة «لا يخدم بخيل». في الكثير من الأندية تم إلغاء الألعاب، حتى لو كانت في السابق تحصد الألقاب، وتم تسريح اللاعبين، كل هذا من أجل توجيه الميزانيات صوب كرة القدم، ومعسكر صيفي لأحد فرق الدرجة الأولى في ربوع أوروبا، قد يكون أهم بكثير من لعبة شهيدة يمارسها المئات، فقد عانى البقية من سطوة كرة القدم، وكانت النتيجة أن انحسرت شعبية ألعاب الصالات، وتراجعت المنتخبات، أما الألعاب الفردية فهي تعيش أعلى درجات الإهمال، وباتت نسياً منسياً، بل يمكن القول إن بعض الرياضات قد ماتت سريرياً. عندما لا تتوافر ميزانية لإقامة بطولة قارية تم اعتمادها من قبل الاتحاد الدولي، ضمن المحطات المؤهلة لأولمبياد طوكيو 2020 في مسابقة رفع الأثقال، رغم أن الميزانية المطلوبة قد لا تتجاوز قيمة عقد لاعب من بين مئات لاعبي كرة القدم الذين يشاركون في دوري المحترفين، إذن نحن نتكلم عن مشكلة وعن فوضى غير خلاقة. عندما يمنع الآباء أبناءهم من ممارسة أي لعبة باستثناء كرة القدم، بغض النظر عن مواهبهم وتميزهم في ألعاب أخرى، وعندما تزهد الجماهير في الذهاب إلى الصالات، وعندما تحتفظ الأندية بفرق كرة القدم وتلغي بقية الألعاب، وعندما يغيب التنسيق بين الجهات الرياضية المختلفة، والتي على الرغم من كثرتها، إلا أن كل منها يغني على ليلاه، وعندما تصبح الاتصالات بين المسؤولين الرياضيين، وعلى الرغم من تداخل صلاحياتهم شبه مقطوعة، إذن لن نستغرب مستقبلاً إذا انقرضت بقية الألعاب، ومع مرور الزمن ستكون كرة القدم ليست اللعبة الأولى فقط، ولكن ربما الوحيدة أيضاً. *نقلا عن الاتحاد الإماراتية
مشاركة :