تظاهر آلاف الجزائريين في وسط العاصمة أمس رغم الانتشار الأمني الكثيف وإغلاق مداخل الجزائر العاصمة، وذلك للتعبير عن رفضهم للانتخابات المقرّرة في 12 ديسمبر (كانون الأول). ولم تمنع الحواجز الأمنية الكثيرة على مداخل العاصمة ولا الانتشار الأمني الكثيف في وسطها المتظاهرين من المشاركة بقوة في مظاهرة يوم الجمعة الحادي والثلاثين على التوالي.وبدأ وصول المحتجين بشكل تدريجي. وتجمّع المئات قرب ساحة البريد المركزي، وبدأوا يهتفون «الشعب يريد إسقاط قايد صالح»، و«خذونا كلّنا إلى السجن، الشعب لن يتوقف». وبعد صلاة الجمعة اكتظت الشوارع عن آخرها كما هو الحال منذ انطلاق الحركة الاحتجاجية في 22 فبراير (شباط) الماضي. وأقدمت القوى الأمنية قبل انطلاق المظاهرة على توقيف مواطنين قرب الساحة.ويطالب المحتجون برحيل كل أركان النظام الحاكم الذين يعتبرونهم من مخلّفات عهد عبد العزيز بوتفليقة الذي حكم البلاد عشرين سنة قبل أن يستقيل في 2 أبريل (نيسان) تحت ضغط الحراك الشعبي والجيش. وأعلن الفريق أحمد قايد صالح، الرجل القوي في الدولة منذ رحيل بوتفليقة، مؤخراً أنّه أمر بمنع الحافلات والعربات التي تقلّ متظاهرين من خارج العاصمة من دخولها، و«توقيفها» و«حجزها وفرض غرامات مالية على أصحابها». وبات الوصول إلى العاصمة صعباً وتشكّلت اختناقات مرورية بسبب الحواجز الأمنية التي تراقب كل السيارات.وفي وسط العاصمة أوقفت قوات الشرطة عرباتها في كل الشوارع الرئيسية، بينها شارع ديدوش مراد المؤدي إلى ساحتي موريس أودان والبريد المركزي، أبرز نقطتي تجمّع للمحتجين. وكان رجال من الشرطة بالزي المدني يدقّقون في وثائق الهوية للعديد من المارة قرب البريد المركزي وتمّ توقيف البعض منهم واقتيادهم في شاحنات نحو وجهة مجهولة. وعند المدخل الجنوبي الغربي للعاصمة، كان في الإمكان رؤية قوات من الدرك توقف سيارات وافدين إلى العاصمة، فيما توقفت في المكان نحو عشر شاحنات من قوات مكافحة الشغب التابعة للدرك الوطني.وقال إيدير، إنه جاء من تيزي وزو على بعد نحو 100 كلم شرق العاصمة، واستطاع أن «يفلت» من بين نقاط المراقبة الأربعة «بأعجوبة». وأضاف «انطلقت منذ الخامسة صباحا من مدينة تيزي وزو حيث كانت الطرقات خالية من السيارات، لكن على مستوى نقاط المراقبة شاهدت عشرات السيارات تخضع للمراقبة، أما أنا فأفلتّ بأعجوبة لأن لوحة ترقيم سيارتي بالجزائر العاصمة».ونقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي شهادات عن اختناق مروري «يمتد إلى كيلومترات عدة» على مداخل العاصمة. وشوهدت طائرة هليكوبتر تابعة للشرطة تحلّق فوق العاصمة منذ الصباح. وعلّق نائب رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان سعيد صالحي على قرار الفريق قايد صالح منع الحافلات والعربات من خارج العاصمة دخولها بالقول، إن هذا «صادم حقاً». وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية أنّ هذا القرار «غير قانوني»، وأنّ «الدستور يكفل للمواطنين الجزائريين المساواة فيما بينهم وحرية التنقّل».ودعت منظمة العفو الدولية في بيان الخميس السلطات الجزائرية إلى «عدم منع وصول المحتجين إلى العاصمة الجزائر في 20 سبتمبر (أيلول). وبحسب المنظمة فقد تم توقيف «ما لا يقلّ عن 37 طالباً، ونشطاء سياسيين، وغيرهم من أفراد المجتمع المدني منذ 11 سبتمبر (أيلول). وبينما تم إطلاق سراح البعض، لا يزال 24 شخصاً على الأقل رهن الاحتجاز». ومن أبرز الموقوفين ثلاثة من رموز الحركة الاحتجاجية هم فضيل بومالة الإعلامي السابق في التلفزيون الحكومي وسمير بلعربي الناشط السياسي وكريم طابو رئيس حزب قيد التأسيس.وشهدت مناطق متعددة من البلاد مظاهرات حاشدة بحسب صور نشرها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيما في مدن قسنطينة وبرج بوعريريج وبجاية وتيزي وزو ووهران. من جهتها أعلنت صحيفة «الخبر» أن اثنين من صحافييها، هما حميد غمراسة وخالد بودية، استدعيا من قبل الدرك الوطني للاستماع لأقوالهما بخصوص مقالات نشرتها الصحيفة، بدون مزيد من التفاصيل. وكتب حميد غمراسة عبر صفحته على فيسبوك بعد مغادرة مبنى الدرك الوطني «6 ساعات استنطاق وضغط نفسي من أجل مقالين يتناولان معلومات أمنية، أحدهما يتعلّق بالحراك»، مشيراً إلى أنّه ينتظر استدعاءه من النيابة بعد الانتهاء من التحقيق «حول «مصادر المعلومات في المقالين». أما خالد بودية فكتب «تم سماع أقوالي (...) في إطار تحقيق مفتوح حول مجموعة من المقالات كتبتها في الخبر. نحو 4 ساعات من التحقيق سادها الاحترام». وإزاء تصاعد الحركة الاحتجاجية، اختارت السلطة العبور إلى مرحلة جديدة بإعلانها الأحد تاريخ 12 ديسمبر (كانون الأول) موعداً لإجراء انتخابات رئاسية، وذلك في كلمة للرئيس الموقت عبد القادر بن صالح. إلا أن المحتجين لا يريدون إجراء انتخابات في ظل النظام الحالي.
مشاركة :