يرصد الفنان الهندي برابهاكر باشبوته، في معرضه الذي يشارك فيه ضمن غرف الفنانين في مركز جميل للفنون بدبي، حركات الاحتجاج التي شهدتها بلاده في السنوات الأخيرة من قبل المزارعين للحصول على حقوقهم. ويأتي المعرض الذي افتتح، أمس، ضمن سلسلة أعمال الفنان التي أطلق عليها عنوان «بحر من القبضات»، التي يجمع فيها بين الرسم بالفحم والأكريليك والنحت، ليكشف حقائق عدة عن المجتمع ضمن أشكال تجريدية للأجساد البشرية والأدوات المستخدمة في الزراعة، ووفق أحداث ومناخات كئيبة. يسرد الفنان الهندي حكاية المزارعين ودفاعهم عن حقوقهم، في أعماله التي رسمها على ألواح خشبية، وبعدها استكمل الرسم على جدران غرفة مرتفعة، يبلغ طولها ثمانية أمتار، ما منح المشهد امتداداً بصرياً، ثم كسر هذا الامتداد من خلال وضع منحوتة في وسط الغرفة، نفذها من الجص الباريسي والمعدن والخشب وألياف جوز الهند والأقمشة، مانحاً المنحوتة الأبعاد المختلفة، بجمعه أيادي حشود البشر مع هيئة الحيوان الذي يُعتمد عليه في العمل الزراعي. مشروع متكامل وحول المعرض الذي يستمر حتى 15 فبراير المقبل، قال باشبوته لـ«الإمارات اليوم»: إن «الفكرة الأساسية بدأت منذ ثلاث سنوات تقريباً، وكانت عبارة عن مشروع متكامل، فاللوحات الموجودة على الجدران قدمت في معرض سابق العام الماضي، ولكن استكمال الرسم على الجدران مع اللوحات يقدم للمرة الأولى في مركز جميل للفنون بدبي». وأشار إلى أنه يسعى دائماً إلى التغيير في طريقة عرض الأعمال واللوحات تبعاً للمساحة المقدمة له، لافتاً إلى أنه لا يتبع مدارس تشكيلية بعينها عندما يبدأ بالرسم لمعرض ما، فعلى الرغم من بروز المنحى التعبيري أو السيريالي في اللوحات، إلا أنه يسعى دائماً إلى تقديم الأحداث وفق حكايات، فالمزارعون كانوا يستخدمون قوتهم من أجل الحصول على حقوقهم، وهذا ما سعى إلى إبرازه أولاً في العمل. وأضاف باشبوته أنه كفنان قد عمل كثيراً على ثيمة الأرض، والمشكلات الإنسانية، ولذا تم الجمع من خلال هذا المعرض بين هذين العنصرين، مؤكداً أنه يؤمن بضرورة أن يحمل العمل الفني رسالة اجتماعية واضحة وصريحة، حتى لو كانت من مبدأ نقل الواقع، لأنها بلاشك، ستترك لدى الجمهور انطباعاً عما يحدث. وحول التنفيذ في مركز جميل، قال: «لقد عملت على الجدران لأسبوعين، واستكملت المعرض بفيلمين، الأول (أنيميشن)، والآخر وثائقي، وأعبر من خلال الأول عن الجبال التي اختفت في البرازيل، والثاني عن العادات في المجتمع الهندي، وما اختفى منها». وعن المعرض في دبي، أفاد بأنه الفردي الأول له، بينما شارك سابقاً في «آرت دبي»، معرباً عن سعادته لعرض إبداعاته في مركز جميل للفنون، خصوصاً ضمن أعمال التكليفات في غرف الفنانين. قسوة الواقع المشاهد التي يصورها الفنان الهندي سيريالية المنحى، يجمع فيها بين التجريدية والتعبيرية، إذ يتعمّد تجريد الأجساد، ويرصد حركات المزارعين عبر أجسادهم، ليستعيض عن الوجوه وبعض الأعضاء بأدواتهم في العمل اليومي، فتتلاشى الملامح البشرية، وتظهر الأدوات بدلاً منها، ما يمنح الأعمال جواً خاصاً، فيه من التعبيرية ما يكفي للتدليل على قسوة الواقع الذي يرصده. وتزيد الأدوات التي يقدمها الفنان من قسوة المشهد الذي يحاول نقله، فبعضها أدوات حادة أو ثقيلة الوزن، وتستلزم قوة كبيرة، ما يجعلها أساسية في رصد الفكرة. الألوان في هذه الغرفة كئيبة إلى حد كبير، إذ استخدم الفنان الهندي الفحم بشكل أساسي، ما جعل الأعمال مبنية على قاعدة سوداء، ويستكمل الجو القاتم من خلال الأجساد والحركات التي يظهرها، فهو يقدمهم وسط أشكال ترصد التعب والعمل وفق إشارات أدائية استخدمها المزارعون خلال احتجاجاتهم والمسيرات الصامتة التي نظموها. ينتزع الفنان المتلقي من العالم الخارجي، ليقحمه في عالمه الخاص، العالم الذي لا يحمل ملامح بشرية، بل أوجاعاً بشرية وقضايا حياتية، لتشعر بأنك جزء من هذه القضية. كما يتعمد الفنان التقشف بالألوان المستخدمة، فزيادة اللون ستبدد المشاهد والفكرة التي يعمل عليها، فهو يبحث في قضية جدلية عبر لغة لونية متكاملة، ولهذا يتمعن في الفروقات الطبقية، بعد أن عمل كثيراً في فترة سابقة على الأرض، ويبرزها بهذه الألوان القليلة التي يختارها، إذ يعتمد على إبراز التفاصيل من خلال التدرجات اللونية القاتمة بين الأسود والرمادي، وكذلك من خلال اعتماده على موازنة النور والظلال في اللوحات. سيرة ولد برابهاكر باشبوته عام 1986، ويعيش ويعمل في مدينة بيون في الهند. يستعين الفنان بمجموعة من الوسائط والتقنيات، ومنها الرسم والضوء والإنيميشن والصوت والمجسمات في أعماله. ويخلق في أعماله أجواء دراماتيكية، إذ يستخدم البورتريه والمجال الأرضي بمسحة سيريالية ليتعمق في القضايا التي يتناولها. حاز باشبوته شهادة في الفنون الجميلة وفن المجسمات من جامعة «آي كي إس»، وشهادة الماجستير من جامعة بارودا. وقدم مجموعة من المعارض الفردية بين بومباي وميلانو، كما شارك في معارض جماعية في مدن عدة، منها لندن وبرشلونة وإسطنبول. باشبوته: «عملت كثيراً على ثيمة الأرض والمشكلات الإنسانية، وأؤمن بضرورة أن يحمل العمل الفني رسالة اجتماعية واضحة وصريحة». 15 فبراير المقبل، موعد اختتام المعرض الفردي الأول للفنان الهندي بدبي.ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :