يوسف أبو لوز تتحدث الشاعرة الأمريكية ميليسا كواسني (مواليد 1954) عن كتاب لها يتناول الأصول الحيوانية لملابس البشر، «الناشر الأسبوعي، العدد11»، والبداية من جارتها.. «.. اتضح أن جارتي اعتادت تربية الأغنام وتدوير صوفها، وكان لديها في القبو حقائب مصنوعة من ذلك الصوف»، وقالت: إنها عرفت رجلاً لديه أشجار توت في الفناء الخلفي لبيته كي تعيش عليها ديدان القزّ التي تنتج الحرير، وفيما هي ذاهبة إلى مسلخ للأبقار في سيارتها تنظر إلى حقيبتها المصنوعة من جلد بقرة والملقاة بجانبها على المقعد.تأملت كواسني القبعات المصنوعة من ريش الطيور، والمعاطف الجلدية، ومن عندك أنت صديقي القارئ يمكن أن تتأمل الأحذية المصنوعة من جلود التماسيح والنمور، وكذلك الأحزمة، وحقائب الكتف، والسترات الشتائية الثقيلة، وقمصان القطن الخفيفة وشالات المخمل والكتّان، والجزمات الحمراء أو السوداء الطويلة التي تختارها النساء في الشتاء وتلك المحافظ الصغيرة المزخرفة بنقوش حيوانات أو نقوش طيور؛ وذلك الحزام الصغير اللماع لساعة يدك، وتلك المفارش الجلدية الناعمة والمطرزة أو المحاكة بقرون الماعز، وإلى ما لا نهاية من أشياء وثياب وممتلكات صغيرة أو كبيرة كلها استعارها الإنسان من الحيوان أو من الطير أو من الحقل.قشرة الإنسان أي ملابسه، إذاً، هي مستعارة من كائنات مروضة أو مدجنة أو غابية مفترسة، وهو إذ يقتلها ليأكل، يقتلها أيضاً ليلبس إما للزينة أو اتقاء من البرد أو حماية لجسده البشري.مثل هذه الكتابة التأملية ليست معروفة عربياً على النحو الذي تكتب فيه في الغرب، فالكثير من كتّاب وكاتبات ذلك الفضاء الثقافي الأوروبي بشكل خاص يهتمون بقراءة التاريخ الطبيعي والثقافي للحيوان والطير والكائنات الأرضية الصغيرة، يهتمون أيضاً إلى درجة الشغف بقراءة الكثير من الظواهر الاجتماعية والثقافية والسكانية وحتى النفسية، ولكل شيء ولكل كائن تاريخ وسجل معرفي أو أرشيفي من الملح وحتى الحجر.في مثل هذه الكتابات التي تعتمد على شيء من الفلسفة والمعتقدات يحضر أيضاً الشعر، ولكن ليس بوصفه نصاً أو جنساً أدبياً؛ بل، بوصفه لغة جمالية شفافة تلائم المادة موضوع التأمل.كل شيء حولنا قابل لتحويله إلى مادة كتابية أو مادة مكتوبة.. الملابس المستعارة من الحيوانات، الجسور والطرقات والدروب التي تصغي لكلام الناس، والعطر الذي يتكثف من وردة، والورق الذي يصادق القلم. yabolouz@gmail.com
مشاركة :