شهد السوق المالي السعودي «تداول» منذ انهياره في فبراير - 2006 العديد من التغييرات الهيكلية والتنظيمية والإشرافية بغية تطوير السوق والارتقاء به فمر التغير الذي شهده السوق بمراحل متعددة منها تغيير القيمة الاسمية للأسهم من 50 ريالا إلى 10 ريالات للسهم وشهد مؤشر «تداول» تغييرا في نظام احتساب النقاط والتأثير فيه ليكون المؤشر محسوبًا في نقاطه على مجموع قيمة الأسهم الحرة للشركات المدرجة ولعل أن هذا الإجراء يسهم في انعكاس أكثر دقة لحركة السوق بالمقارنة مع حركة المؤشر. وبالإضافة إلى ذلك فقد شهد «تداول» تعديلاً في قطاعات السوق ليتم تقسيم الشركات في السوق المالية بشكل أدق كل في اختصاصها الأقرب من خلال استحداث قطاعات جديدة ليبلغ عدد قطاعات السوق 15 قطاعًا وأيضًا شهدنا في السوق المالية السعودية إنشاء سوق متخصصة بالصكوك والسندات ليتم تداول الإصدارات من أدوات الدين وأيضًا فقد بدأت السوق السعودية بإدراج وإيجاد صناديق المؤشرات المتداولة، كما امتدت التغييرات التي شهدها سوق المال السعودي إلى تغيير توقيت جلسة التداول بعد أن كان جلستين خلال اليوم لتصبح جلسة واحدة لم لتنطلق جلسة التداول من 11 صباحًا وحتى 3:30 عصرا. كل التعديلات الهيكلية للسوق والتشريعية تصب لصالح تحقيق هدف الارتقاء في السوق ومكانته بين أسواق المنطقة والوصول إلى مستويات المؤشرات العالمية والأسواق الناشئة كأقرب هدف لها. لا شك أن كل هذه التغييرات التي شهدها السوق المالي تداول جاءت وانطلقت بعد أن أقر مجلس الوزراء السعودي إنشاء هيئة السوق المالية في يونيو 2003. اليوم وهيئة السوق المالية السعودية تقترب من إتمام سنتها 12. منذ أن أسست الهيئة حققت أهداف عديدة وتطورت آليات العمل في السوق المالية السعودية بشكل ملحوظ وملموس بالمقارنة مع أسواق المنطقة مما لا شك فيه أن نظام التداول الآلي والتشريعات المقرة في السوق السعودية تعد الأكثر تقدمًا بين أسواق منطقة الخليج والشرق الأوسط والمتابع لهذه الأسواق لا شك أن سيتفق معي في هذا. كما أن السوق المالي السعودي هو الأكبر في الشرق الأوسط والأكثر نشاطًا أيضًا. والسوق المالية السعودية يقترب من إتاحته لدخول المستثمر الأجنبي ولضمان تدفق الاستثمارات الأجنبية إليه لا بد أن يكون من ضمن خطط العمل التي تقودها هيئة السوق زيادة أدوات التداول والخيارات وبالإمكان الاقتداء بالتجربة الماليزية في هذا الصدد حيث تمت أسلمت عقود المشتقات والخيارات فيها. ويتطلب على شركة السوق المالية السعودية استغلال ضعف سوق الصكوك والسندات وزيادة معدلات النقد في البلاد إلى العمل على تنشيط هذه السوق فالحاجة إلى سوق دين نشطة كبيرة والنقص في المعروض من هذه الأدوات عالية الطلب بالإمكان الاسترشاد بضخامته من خلال عدد مرات التغطية لكل إصدار جديد من أدوات الدين صكوك أو سندات. فلماذا لا تعمل تداول على استقطاب لاعبين عالميين كبار ذي تصنيف عالٍ لإدراج وإصدار أدوات الدين لتدرج في السوق المالية السعودية. تماشيًا مع توقيت التداول في الأسواق العالمية وأسواق المنطقة لم يسبق أن شهدنا سوقا يبدأ التداول فيه وقت الضحى منتصف الصباح فاليوم بعد أن عاد النشاط إلى التداول وعاد حجم الاستثمار في السوق إلى النمو وعدد المستثمرين يزداد وبما في ذلك صناديق الأسهم المستثمرة في السوق أصبح من الضروري مراجعة توقيت التداول لتتماشى وتوقيت الأسواق في المنطقة وتتناسب مع ساعات العمل الرسمية فالأثر للسوق يأتي من وقت انطلاق التداول لا عدد ساعاته. أخيرًا ونحن ننتظر فتح السوق للأجانب وترقية السوق ومؤشره لمستويات أعلى تصل بسوقنا المالية إلى الأسواق الناشئة ومؤشراتها لا بد من القول بأن أحد أهم الأسباب التي تجعل الاستثمارات تتجه إلى أي سوق مالي هو القدرة على تحويل هذه الاستثمارات إلى نقد بشكل أسرع من أي نوعية استثمار أخرى فإن الغياب الطويل الذي يشهده السوق المالي مرتين في السنة عند إجازة عيدي الفطر والحج سيكون محل نظر بالمحافظة على الاستثمار في السوق أم نقلها واستغلال غياب السوق الطويل بين 9 - 12 يوما خصوصًا أن التقدم التقني سهل كثيرًا في عمليات تنقل الأموال والاستثمارات بين الأسواق العالمية لذلك فإن الاكتفاء بغياب لا يتجاوز 3 أيام للسوق المالية يجب أن يكون محل نظر ومراجعة من المشرع.
مشاركة :