أهتم كثيرا بمتابعة تصريحات المدربين قبل مباريات فرقهم، وأشعر أن جانبا من شخصية المدرب تظهر في حديثه خلال المؤتمرات الصحافية، تسمح بقراءة موقفه قبل أي مواجهة. هناك مدرب يذهب إلى الحديث عن المنافس باحترام جم، ينبئ عن شخصية محترفة، فيما يبدأ آخرون في اختلاق مبررات واهية تنتقد طريقة الخصم وأسلوبه التكتيكي كما فعل داسيلفا هذا العام، والجابر في الموسم الماضي. المدرب هو قائد فريق العمل ومدبره ومخطط حركاته وسكناته، والقادة يجب أن يتحلوا بصفات مهنية وأخرى شخصية، تعزز قدرات جنودهم، تشحذ الهمم، وترفع منسوب الثقة في نفوسهم. هؤلاء المدربون يثيرون روح التحدي في لاعبيهم ويغذونهم بقوى خاصة تفجر الطاقات. وتحظى هذه النوعية من مدربي كرة القدم والرياضة عامة بمكانة خاصة في نفوس جنودهم اللاعبين، تجعلهم يقدمون أقصى طاقاتهم محبة وكرامة وقناعة. نوعية هؤلاء المدربين تتمكن من النفوس، وتترك أثرا لا يمحوه تعاقب الأيام، في الهلال، يكفي أن تأتي على سيرة كوزمين أمام كثير من معاصريه لتنطلق الآهات من القلوب قبل الأفواه، في الشباب يبدو البلجيكي برودوم كذلك، في الجزيرة الإماراتي تتلاقى الأكف حسرة على رحيل البرازيلي براجا، وفي النصر السعودي لا شك بأن ذكر الساحر المجعد كارينيو يغير نبضات القلوب في الأجساد. .. عالميا، هناك الكاريزمي الأشهر مورينيو غادر الإنتر فبكى لاعبوه كالأطفال، والشاب الأرجنتيني المبهر دييجو سيموني الذي أحببته لاعبا منذ أن رأيته أول مرة في الملاعب السعودية، وأدهشني حد الثمالة مدربا، رجل شجاع سار بفريقه بين فكي العملاقين برشلونة والريال، وخلع الكثير من أنيابهما المفترسة. أحب هذه النوعية من المدربين، أشعر بأنهم قادة حقيقيون، خلقوا ليكونو أبطالا، لا تعطل مسيرتهم الحوادث الطارئة بل تزيدهم إصرارا، رجال يعشقون التحدي ويجيدون عسف الصعوبات وتطويعها. .. الأوروجوياني خورخي داسيلفا ومنذ بدأت الإصابات تتفشى في جسد فريقه، وهو لا يكف عن البكاء على اللبن المسكوب، في كل مؤتمر صحافي يعيد التذكير بأن فريقه يفتقد لعناصر مهمة بسبب الإصابة، وأنه يعاني، ويعاني، وكأنه زائر مريض يتلو على مسمعه آيات القبر والعذاب. .. لا أحد يقلل من خسائر خورخي الفادحة، لكن الحديث عنها في كل مرة، يثبط العزائم وينشر سحبا من الطاقات السلبية في جسد الفريق المتوعك المنهك. داسيلفا الرجل الذي لا يضع خيطا في إبرة دون موافقة مساعده الذكي، كأنه يحضّر مبررات مسبقة لأي نازلة مرتقبة، وكأنه العاشق الذي يختبئ خلف أصبعه ويعتقد أن الآخرين لا يرونه. نقلا عن الإقتصادية
مشاركة :