كشف صندوق النقد الدولي، المخاطر المحدقة بالاقتصادي التركي، حاليًّا، ونبَّه وفق تقرير رسمي إلى أنه «سيكون من الصعب تحقيق نمو قوي ومستدام إذا لم تنفذ الحكومة المزيد من الإصلاحات»، وذلك وفق الخلاصة المهمة التي انتهى إليها فريق من خبراء الصندوق بعد زيارتهم لتركيا. وقال فريق التقييم: «الهدوء الحالي في أسواق المال التركية يبدو هشًّا.. الاحتياطيات منخفضة.. الدين الأجنبي للقطاع الخاص واحتياجات التمويل الخارجي مرتفعان...»، وقال الصندوق إن «التحدي الرئيسي فيما يتعلق بالسياسات يتمثل في تحويل التركيز من نمو القصير الأجل إلى نمو أقوى وأكثر مرونة في الأجل المتوسط»، ورأى الصندوق أنه «لابد من تنفيذ خطة من خمسة محاور» خلال الفترة المقبلة. وتتضمن الخطة بحسب الصندقة: «سياسة نقدية مشددة لتعزيز مصداقية البنك المركزي ودعم الليرة وخفض للتضخم بشكل دائم وزيادة الاحتياطيات.. خطوات لتعزيز المالية العامة في الأجل المتوسط.. تقييم شامل للأصول المصرفية واختبارات جديدة لقدرات البنوك على تحمل الصدمات ينفذها طرف ثالث مع إجراءات للمتابعة، عند الحاجة؛ لتعزيز الثقة في البنوك.. اتخاذ خطوات إضافية، للبناء على الإصلاحات القائمة، لتعزيز إطار إفلاس وإعادة هيكلة الشركات.. إصلاحات هيكلية مركزة لدعم نمو الإنتاجية وزيادة المرونة الاقتصادية...». إلى ذلك، اعترف معهد الإحصاء التركي بـ«تراجع ثقة المستهلكين الأتراك، وأن المؤشر يؤكد انخفاضها إلى 55.8 نقطة في سبتمبر»، وهو أدنى مستوياته منذ بدء نشر البيانات في 2004؛ حيث يعكس مستوى الثقة الأقل من 100 نقطة «توقعات متشائمة»، بينما تشير القراءة فوق هذا المستوى إلى التفاؤل. وأقدم برات البيراق، زوج ابنة أردوغان، وزير المالية، مطلع الشهر الجاري، على خطوة مثيرة للجدل، بعدما شرع في طرق أبواب الصين واليابان وروسيا للاستدانة من الدول المذكورة، إثر فشل الحكومة التركية في الحصول على قروض من الولايات المتحدة وأوروبا، لـ«قناعة الغرب الأوروبي- الأمريكي بعدم قدرة أنقرة على السداد، في ظل تراكم ديونها الداخلية والخارجية»، وفق تأكيدات مراقبين. وستزيد هذه الخطوة -وفق خبراء اقتصاد، ومؤسسات دولية- من أزمة الاقتصاد التركي، الذي يتحكم أردوغان وزوج ابنته في التحكم في قراراته، والتي كان لها تأثير مدمر؛ ما رفع حجم الدين الخارجي المستحق حاليًّا إلى 453 مليار دولار، وهبوط الاستثمار الأجنبي من 22 مليار دولار إلى 13 مليار دولار، فيما بلغ معدّل البطالة 12.8%. ويواجه الاقتصاد التركي خسائر كبيرة، كان من نتائجها تهاوي قيمة الليرة بشكل غير مسبوق، التركية، بسبب السياسات الفاشلة لأردوغان وزوج ابنته، قبل مبادرة وزارة المالية التركية، التى يديرها بيرات البيرق، بالكشف صراحة عن تراجع العملة المحلية، وتدهور المؤشرات الاقتصادية، وأشارت بيانات رسمية إلى أن 33% من سوق العمل في تركيا اتجهت إلى الاقتصاد غير الرسمي، وهو ما يصعّب على الحكومة مهمة تحقيق أهدافها المالية. وباتت تركيا سادس أعلى معدل تضخم في العالم، ما يعني انحرف تركيا كثيرا عن المعدل المتوسط في الاقتصادات النامية والناشئة، ويعيدها في الوقت نفسه إلى لأجواء عام 1999، وكشفت ببيانات التجارة الخارجية عن انكماش في الصادرات، ووجود مشكلات في قطاع الصناعات التحويلية، ومع التراجع الحاد لقطاعات الاقتصاد التركي، تطرح وكالات التصنيف الائتماني الدولية منذ فترة كبيرة تساؤلات حول كيف ستسدد تركيا ديونها الخارجية المتراكمة. وقالت معلومات منسوبة لصندوق النقد الدولي إن الأرقام التي تعلنها تركيا عن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد مضللة، فيما حملت الصحافة الدولية زوج ابنة أردوغان مسؤولية أزمات الاقتصاد التركي، وحملت أردوغان الجزء الآخر من المسؤولية في ظل تضارب قراراته السياسية، التى كان من بينها القرار الكارثي بإعادة الانتخابات البلدية في إسطنبول، وتأثيره المدمر على الاقتصاد التركي، قبل أن يحاول أردوغان تحميل المسؤولية لمدير البنك المركزي السابق! وكشفت نتائج استطلاع رأي أجرته مؤسسات بحثية تركية عن حصول برأت ألبيرق، وزير المالية على لقب «الأكثر فشلًا»، بين وزراء الحكومة التركية، لكن لا يجرؤ أحد على إقناع أردوغان بإقالته، خاصة أنه - وفق مقربين- يعده ليكون خليفته في الجلوس على عرش تركيا، مدعومًا بحاشية من رجال الأعمال الذين يسيطرون على الاقتصاد والإعلام، فيما تكفل مشروع الانقلاب الفاشل، الذي نفذه أردوغان عام 2016، في قصقصة رئيس المؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية. وبحسب موقع صحيفة «جمهورييت»، التركية المعارضة، أجرت الاستطلاع مؤسسة «بيار»، للأبحاث حول نظرة المواطنين للحكومة، وبحسب نتائج الاستطلاع، حصل الوزير ألبيرق على لقب «الأكثر فشلًا»، بنسبة 88.2% من أصوات المشاركين، وحل في المركز الثاني من حيث الفشل وزير الزراعة والغابات بكر باق دميرلي بنسبة 82.1%، وجاء وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو في المركز الثالث لقائمة الفاشلين بنسبة 75.2% من عينة الاستطلاع. وكشفت دراسة تركية عن أن تضخم أسعار المواد الغذائية في البلاد ارتفع بنسبة 1.5% خلال شهر أغسطس، وبنسبة 30.1% منذ بداية 2019، وبمقدار 64.2% خلال عام كامل، فيما لم تزد رواتب موظفي الدولة والعاملين سوى 4% فقط، وقفزت أزمة الليرة التركية بمؤشر أسعار المنتجين المحليين خلال أغسطس، مدفوعة بتأثير هبوط الليرة على ارتفاع تكاليف الإنتاج من مواد خام ونقل وأجور الأيدي العاملة في سوق العمل المحلية. وانخفضت مبيعات السيارات الخاصة والمركبات التجارية الخفيفة في تركيا خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري بنسبة 45.66%، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2018، وبنسبة 23.58%، وذكر تقرير أن المؤشرات الفرعية أظهرت تراجع القطاع الصناعي بنسبة 3.2%، كما انخفض قطاع البناء بنسبة 28.9% وقطاع الخدمات التجارية انخفض بنسبة 2.1% في الربع الثاني من 2019 على أساس سنوي. وانخفض مؤشر ساعات العمل المعدل بما في ذلك قطاعات الصناعة والتشييد والخدمات التجارية بنسبة 9.2% في الربع الثاني من عام 2019 مقارنة بالربع المماثل من العام السابق، ووفق المؤشرات الفرعية، فإن تراجعًا طرأ على مؤشر ساعات العمل في القطاع الصناعي بنسبة 6.6%، وانخفض المؤشر في قطاع البناء بنسبة 32.1%، وفي قطاع الخدمات التجارية بنسبة 4.7%. وتسبب هبوط الليرة التركية، منذ أغسطس 2018، في ارتفاع تكاليف الإنتاج والأيدي العاملة؛ ما دفع إلى ارتفاع أسعار السلع المصنعة، وبالتالي تراجع تنافسيتها مع سلع مماثلة.
مشاركة :