تتواصل في تونس محاولات البحث في شأن ما يعرف بقضية الجهاز السري لحركة النهضة الإسلامية، حيث كشفت هيئة الدفاع عن المعارضين الراحلين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، اللذين تم اغتيالهما عام 2013 في فترة حكم “الترويكا” التي قادتها حركة النهضة في تونس، عن وثائق جديدة تتضمن معطيات تدين حركة النهضة الإسلامية بتأسيس جهاز أمني مواز بالتنسيق مع تنظيم الإخوان المسلمين في مصر. تونس- نشرت هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي أكثر من 40 وثيقة على صفحتها بالفيسبوك تشير ضمنها إلى وجود محادثات سرية جرت عام 2012 بين رئيس التنظيم السري للنهضة مصطفى خذر وأحد قياديي تنظيم الإخوان المحظور في مصر. وتُتهم حركة النهضة، في قضية اغتيال المعارضين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي اللذين قٌتلا عام 2013 في تونس ، بتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية في حصول هذه الاغتيالات. ونُشرت الوثائق بعد دخول حوالي 100 محام في اعتصام مفتوح داخل مقر المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة، احتجاجا على ما اعتبروه مماطلة من الجهاز القضائي في النظر في الاتهامات الموجهة إلى رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، وإلى بعض المقربين منه. وتكشف الوثائق، بحسب لجنة المحامين، عن وجود مراسلات بالبريد الإلكتروني بين من أسمته رئيس التنظيم السري لحركة النهضة مصطفى خذر وتنظيم إخوان مصر منذ سنة 2011. ويقبع من يسمى رئيس التنظيم السري لحركة النهضة مصطفى خذر في السجن بعد أن قضت المحكمة الابتدائية بتونس بسجنه لمدة 8 سنوات بتهمة تكوين جهاز مواز يهدد أمن الدولة. وقالت هيئة الدفاع إن المراسلات تضمنت معطيات كثيرة تخص تلقي مصطفى خذر مراسلات من بعض عناصر تنظيم الإخوان المصنف إرهابيا في مصر، تقدم له إرشادات بشأن طريقة بناء الجهاز السري وإدارته والإشراف عليه. وطبقا لما ورد في الوثائق، أشرفت قيادات تنظيم الإخوان في مصر على دورة تكوينية للعمل ألاستخباراتي في تونس. وقالت لجنة المحامين “إن المراسلات بين رئيس التنظيم السري التابع للنهضة وقيادات تنظيم الإخوان في مصر كشفت عن وجود طلب من إخوان مصر لحركة النهضة التونسية بضرورة تشفير الاتصالات الصوتية بين العناصر الإخوانية واختراق أجهزة الاتصال الرسمية في تونس”. ووردت في ذات الوثائق المنشورة معطيات تخص تورط تنظيم الإخوان في إعداد البنية لاختراق خصومهم في تونس والعمل على تصفيتهم. وتعلقت بعض المحادثات بين رئيس التنظيم السري للنهضة مصطفى خذر وأحد قياديي الإخوان في مصر، بضرب الأحزاب اليسارية التي تم وصفها بـ”اليسار الفرنكفوني” وتمت من خلالها الدعوة إلى قتل اليساريين أو إخافتهم، وفق منشورات لجنة المحامين. كما أظهرت ذات الوثائق وجود رسائل سرية من الجناح العسكري لإخوان مصر يوضح فيها طريقة الاختراق لجهاز الداخلية في تونس وإعداد المدربين، وذلك عام 2012. وطلب إخوان مصر من المتعاونين معهم في تونس، حسب الوثائق التي عرضتها هيئة الدفاع، تحديد القوائم التي يجب استهدافها وتوفير المعدات اللازمة لاستهدافهم وتهيئة الدورات التدريبية لإعداد الشخصيات اللازمة. وعزت هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي سبب نشرها للوثائق المتعلقة بقضية جهاز الأمن الموازي في مواقع التواصل الاجتماعي إلى رغبتها في كشف الحقائق للرأي العام في ظل تعطل سير القضية. وأعلنت هيئة الدفاع عن فتح ما أسمته ببحث تحقيقي شعبي لكشف حقيقة ملف الجهاز السرّي لحركة النهضة. وقالت عضو هيئة الدفاع عن بلعيد والبراهمي، المحامية إيمان قزارة في تصريحات إعلامية إن الهيئة قدمت الوثائق للنيابة العسكرية منذ 22 أكتوبر من عام 2018. وأكدت سعي الهيئة إلى التسريع في إجراءات التحقيق بالمراسلات وذلك قبل أن يحصل زعيم حركة النهضة راشد العنوشي على الحصانة البرلمانية. في الأثناء قال القيادي بحركة النهضة، علي العريض، لـ”العرب” إن هيئة الدفاع عن المعارضين الراحلين شكري بلعيد ومحمد البراهمي أصبحت خصما سياسيا للنهضة وليست هيئة تعمل على تتبع المورطين في عمليات الاغتيال. واعتبر العريض أن الغاية من نشر الوثائق في هذه الفترة تتمثل في التشويش على النهضة في حملتها الانتخابية والدعائية للاستحقاق الانتخابي التشريعي وتدخل في إطار التشويه السياسي. وبخصوص ارتباط مصطفى خذر المسجون في قضية الجهاز السري بحركة النهضة، اكتفى العريض بالقول “إن هذا الموضوع لا يحتاج تعليقا كبيرا أكثر من توصيفه بكونه توظيفا سياسيا لحادثتي اغتيال”. الكشف عن رسائل سرية من الجناح العسكري لإخوان مصر يوضح فيها طريقة إعداد المدربين إلى ذلك، كشفت وكالة الجمهورية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب التابع للمحكمة الابتدائيّة بتونس عن معطيات مفصلة وتواريخ مدققة تخص جملة الإجراءات المتخذة تبعا للشكايات التي باشرتها بخصوص ما يمسى “الجهاز السري لحركة النهضة”، والمراحل الإجرائيّة المنجزة. وبينت الوكالة أن الجهاز القضائي المدني والقضاء العسكري في تونس تعهدا بثلاث شكايات تخص تشكيل تنظيم سري متورط في اغتيال بلعيد والبراهمي من بينها شكايات ضد زعيم النهضة راشد الغنوشي. وتلقى وكيل الجمهورية بالمحكمة العسكرية في تونس بتاريخ 22 أكتوبر 2018 شكاية من قبل حزب التيار الشعبي وحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، وورثة المرحوم محمد البراهمي، ضد رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وعدد من المقربين منه من أجل شبهة تكوين جهاز سري. وأحيلت الشكاية ضد الغنوشي إلى المحكمة الابتدائية بتونس وتم سماع أحد محامي الأطراف الشاكية براشد الغنوشي كما تم سماع المشتكى به مصطفى خذر. واقتصرت إجابة خذر على كونه “قد سبق وأن تم سماعه في نفس الموضوع، والتطرق إلى جميع الوثائق والمعدات المحجوزة، وجميع الوقائع، وصدر في شأنه حكم بالسجن لمدة ثماني سنوات”، وهو حاليا نزيل السجن المدني بالمرناقية في انتظار استكمال عقوبته السجنية. وعلى إثر شكاية أخرى، استمع القضاء إلى عدد من المسؤولين بوزارة الداخلية التونسية وعدد من رجال الأمن المتهمين بإتلاف وثائق تخص ملف الجهاز السري لحركة النهضة.
مشاركة :