السعودية تطمئن أسواق النفط بشأن الإمدادات

  • 9/25/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تدهورت أسعار النفط منتصف الأسبوع الماضي وسط تقارير وتوقعات متضاربة فيما يتعلق باستعادة العمليات في منشأة بقيق لمعالجة النفط الخام في السعودية. لقد أدى أكبر اضطراب في تاريخ أسواق النفط، على خلفية الاعتداء على منشآت النفط في المملكة إلى ارتفاع الأسعار 15 في المائة في بداية تعاملات الأسبوع الماضي، لكن أسعار النفط انخفضت مرة أخرى يوم الأربعاء قرب المستويات التي شهدناها في وقت سابق من هذا الشهر. لقد تسبب الهجوم على منشأة بقيق في أكبر نقص في المعروض في تاريخ أسواق النفط. حيث تعد منشأة بقيق واحدة من أهم منشآت معالجة النفط الخام في العالم، وتلعب دورا رئيسا في سوق وقطاع النفط، حيث تسهم بـ5 في المائة من الإنتاج العالمي البالغ نحو 100 مليون برميل في اليوم، وتعالج بين ستة وسبعة ملايين برميل في اليوم للتصدير عبر ثلاثة أنابيب من رأس تنورة والبحرين وينبع. على الرغم من ذلك، فالارتفاع في الأسعار كان قصيرا بشكل مثير للدهشة. حيث هدأ الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي مخاوف السوق عندما صرح بأن "إمدادات السعودية من النفط عادت إلى مستوياتها قبل الهجوم على مرافق "أرامكو". وأكد أن شركة أرامكو السعودية "ستفي بكامل التزاماتها مع عملائها في العالم خلال هذا الشهر من خلال المخزونات، ومن خلال تعديل بعض أنواع المزيج، على أن تعود قدرة المملكة لإنتاج 11 مليون برميل نفط يوميا نهاية شهر أيلول (سبتمبر) الحالي، وإلى 12 مليون برميل يوميا نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل". بالفعل إن إعادة تشغيل منشأة بقيق كان سريعا بشكل مذهل بجميع المقاييس لمثل هذا الهجوم الضخم. إن توقف منشأة بقيق لا يمثل مشكلة فقط بسبب التأثير المباشر في الإنتاج، لكن أيضا لأن كميات النفط التي يعالجها المجمع تفوق الطاقات الإنتاجية الاحتياطية العالمية مجتمعة. وفقا لـBloomberg، فإن أكثر التقييمات تفاؤلا قدرت الطاقة الاحتياطية العالمية بـ3.9 مليون برميل يوميا، لكن هذا الرقم يتضمن كذلك نصف مليون برميل من الطاقة اليومية من حقول نفط المنطقة المحايدة المتوقف عن العمل حاليا، إضافة إلى بعض الافتراضات المتفائلة حول إمكانية استخدام الطاقة الاحتياطية في أماكن أخرى. في الواقع ستكون الطاقة الاحتياطية العالمية منخفضة بشكل كبير إذا ظلت منشأة بقيق خارج الخدمة لفترة طويلة من الزمن. في هذا الجانب، تقول "بلومبيرج" إن السعودية لديها نحو 1.7 مليون برميل في اليوم من الطاقة الاحتياطية، لكن من المحتمل أن بعض هذه الطاقة تعالج في منشأة بقيق، ما يجعلها عمليا خارج الخدمة. وعلى الرغم من أن بعض الدول الأخرى لديها بعض الطاقات الاحتياطية "ولا سيما دول الخليج الأخرى مثل الإمارات العربية المتحدة"، إلا أن معظم الطاقات الاحتياطية العالمية تتركز في السعودية. بصرف النظر عن الإنتاج المتوقف، يمكن أيضا استخدام الاحتياطيات النفطية الاستراتيجية لتغطية انقطاع الإمدادات. الولايات المتحدة لديها أكبر احتياطي استراتيجي في العالم، وكان ذلك الاحتياطي محور استراتيجية أمن الطاقة الأمريكية لعدة عقود. بعد العدوان على المنشآت السعودية، قال الرئيس الأمريكي إنه أذن باستخدام الاحتياطي الاستراتيجي إذا لزم الأمر لتغطية توقف منشأة بقيق. ومع ذلك، هناك مشكلات تشغيلية في الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي. في هذا الجانب، ذكرت نشرة "بلومبيرج"، أن حالة مرافق التخزين التي تضم الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي مثيرة للقلق. حيث يشير تقرير صادر عن وزارة الطاقة عام 2016 إلى الحالة المتدهورة في بعض المواقع. وقالت وزارة الطاقة في التقرير: "لقد تجاوز جزء كبير من البنية التحتية للمنشآت السطحية للاحتياطي الاستراتيجي العمر التصميمي وهو بحاجة إلى تمديد العمر الافتراضي له". بالفعل، أدت الحاجة إلى تمديد عمر البنية التحتية، إلى جانب تزايد تأجيل مشاريع الصيانة الرئيسة إلى زيادة عدد حالات فشل المعدات المهمة التي أثرت سلبا في القدرة التشغيلية للاحتياطي الاستراتيجي. وخلصت وزارة الطاقة في تقريرها إلى أن "الاستثمار في مشروع تمديد عمر البنية التحتية ضروري لضمان سلامة منشآت الاحتياطي الاستراتيجي على المدى الطويل وقدرة البرنامج على تنفيذ مهمته". أيضا، قد لا يمكن سحب أكبر قدر ممكن من الاحتياطي الاستراتيجي، بسبب إعادة توجيه خطوط الأنابيب على طول ساحل الخليج في الأعوام الأخيرة. على الرغم من هذه التحذيرات، لم يتم فعل كثير. وبدلا من ذلك، فإن الشعور بالثقة -ربما بالثقة المفرطة- بسبب الزيادة الكبيرة في إنتاج النفط من تشكيلات النفط الصخري، قلل الكونجرس الأمريكي من مستوى الاحتياطي الاستراتيجي على مدى نصف العقد الماضي أو نحو ذلك. كما أثر انهيار أسعار النفط عام 2014، والإمداد المتنامي بسرعة من ولاية تكساس وداكوتا الشمالية، بشكل كبير في قرار بيع مخزون النفط من الاحتياطي الاستراتيجي. حيث أذن الكونجرس بمبيعات متعددة للنفط من الاحتياطي، ليس بسبب بعض المخاوف الأمنية، كما كان الغرض الرئيس من الاحتياطي الاستراتيجي، لكن لأسباب تتعلق بالميزانية قرر الكونجرس تصفية أجزاء من الاحتياطي لجمع الأموال. كل هذا الكلام عن التحوطات لم يعد ذا أهمية الآن، فقد لا تكون هناك حاجة إلى استخدام الاحتياطي الاستراتيجي في الولايات المتحدة. حيث إن تصريح الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي في المؤتمر الصحافي بلهجة واثقة، بأن نصف الإنتاج المعطل قد عاد بالفعل وسيتم الانتهاء من أعمال الإصلاح نهاية الشهر الحالي، أسهم بصورة كبيرة في تهدئة أسواق النفط وكبح جماح الأسعار. وبالفعل انخفضت أسعار النفط بشكل حاد يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي. ومع ذلك، لا يزال هناك كثير من عدم اليقين في الأسواق، كما أوضح وزير الطاقة السعودي أن "آثار هذا العدوان تمتد إلى أسواق الطاقة العالمية، وزيادة النظرة التشاؤمية حيال آفاق نمو الاقتصاد العالمي". بالفعل تداعيات هذا الاعتداء غير المبرر على المنشآت السعودية لم تنته بعد.

مشاركة :