باريس - لوركا خيزران، (وكالات)استيقظت فرنسا الخميس على خبر وفاة رئيسها الأسبق جاك شيراك عن عمر يناهز 86 عاماً بعد صراع مع المرض، ما حدا بالبعض وصف هذا اليوم بـ"الخميس الحزين" في إشارة إلى الشعبية التي يتمتع بها الرئيس الراحل.الرئيس الثاني والعشرون للجمهورية الفرنسية، جاك شيراك، فارق الحياة صباح الخميس بحسب ما صرح صهره فريديريك سالات باروكس، لراديو فرنسا الدولي.كان شيراك قد دخل أحد مستشفيات باريس مرارا، بسبب التهاب رئوي في عام 2010 وديسمبر 2015 وسبتمبر 2016.وشيراك من مواليد 29 نوفمبر 1932، تولي رئاسة فرنسا لمدة 12 عاماً، بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية ضد ليونيل جوسبان في 7 مايو 1995، وتم إعادة انتخابه في 5 مايو 2002 ضد جان ماري لوبان.بدأ جاك شيراك، الممثل الرئيسي للسياسة الفرنسية، مسيرته السياسية في كوريز حيث أصبح مستشاراً لبلدية سانت فيريول في عام 1965، قبل أن يشهد ارتفاعاً سريعًا، ثم كان نائباً للدائرة الانتخابية الثالثة لكوريز عام 1967 قبل أن يبدأ مهنة وزارية من عام 1971 "العلاقات مع البرلمان، الزراعة ثم الداخلية قبل أن يصبح رئيسا للوزراء في عام 1974 برئاسة فاليري جيسكار ديستان".ترك جاك شيراك السلطة التنفيذية للانضمام إلى رئيس بلدية باريس في عام 1977، قبل أن يعود كرئيس للوزراء أثناء التعايش الأول للجمهورية الخامسة مع فرانسوا ميتران في عام 1986 والوصول إلى المنصب الأعلى في عام 1995.وتعود أسباب شعبية جاك شيراك إلى انحيازه لمطالب الشعب بعد المظاهرات الشعبية في عام 2006 ضد قانون عقد العمل المؤقت، إذ خضع حينها لإرادة الشعب وألغى القانون.وبرحيل الرئيس الفرنسي جاك شيراك، الخميس، عن 86 عاماً، يكون البلد الأوروبي قد فقد واحداً من قادته الكبار، مثل فرانسوا ميتران وشارل دوغول، لكن شعبية الراحل لم تنحصر في الداخل، لأنه أقام علاقات مميزة مع الخارج وعرف بمواقف "إنسانية" ثابتة.ويعد جاك شيراك من رموز اليمين الفرنسي، وكان من أعضاء حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية"، وهو حزب يصنف ضمن يمين الوسط، أي نفس التنظيم السياسي الذي ترأسه نيكولا ساركوزي.وأقام شيراك الذي توفي في العاصمة باريس، علاقات هادئة مع الخارج، وعرف بحرصه على استقلال السياسة الخارجية لبلاده، وأبدى رفضاً صريحاً لقضية غزو العراق من قبل الولايات المتحدة في 2003.وحين سئل شيراك في مقابلة تلفزيونية عن سبب رفضه للحرب على العراق، فيما كان الرئيس الأمريكي، وقتئذ، جورج بوش الابن، يمارس ضغوطاً كبرى، أجاب الراحل: "أنا أقول الحقيقة للولايات المتحدة، وذاك ما يفعله الصديق".ويقول متابعون إن ما حذر منه شيراك هو الذي حصل في وقت لاحق، لأنه حذر من مغبة تغول الإرهاب في حال غزو العراق، ووصف خطوة الحرب بـ"الخطيرة جداً".وهذا الأمر أدى إلى فترة من الفتور في علاقات باريس وواشنطن، ولم تستعد هذه الأخيرة بعض الدفء إلا حين جاء الرئيس نيكولا ساركوزي إلى قصر الإليزيه.أما في العلاقة مع لبنان، فعُرف شيراك بقربه من رئيس الوزراء اللبناني المغتال رفيق الحريري، وكان الرئيس الفرنسي الراحل، من بين من قصدوا بيروت لأجل تقديم العزاء سنة 2005.وفي تعليق على رحيل شيراك، كتب رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، الخميس: "غاب اليوم رجل من أعظم الرجال الذين أنجبتهم فرنسا".وعقب رحيل الحريري، وإشارة أصابع الاتهام إلى دور محتمل للسلطات السورية، في اغتيال الحريري، قام شيراك بإغلاق الأبواب أمام الرئيس السوري بشار الأسد بعد فترة من التقارب بين باريس ودمشق.وفي القضية الفلسطينية، أبدى شيراك الذي يوصف بـ"صديق العرب"، موقفاً وصف بأنه "غير معتاد" من قبل الحكومات الغربية، ودافع عن الحقوق الفلسطينية، حتى وإن كان قد أكد على عمق العلاقة بين باريس وتل أبيب، وذاك مفهوم بحسب متابعين، لأنه ما من رئيس فرنسي يتولى منصبه إلا ويؤكد حرصه على أهمية الأمن الإسرائيلي.أما المغرب، فكان وجهة مفضلة لشيراك، منذ سنوات طويلة، وأصبح الراحل شخصا معروفا في منطقة تارودانت جنوبي المملكة، حتى أن هناك من وصفه بـ"شيراك الروداني".وظل شيراك يزور صديقه المغربي المسن، الحسين إبه، وهو شخص بسيط، طيلة سنوات، وكان يطلب منه دائماً أن يحضر له الشاي المغربي الأخضر بالنعناع، وثمة صورة يقف فيها الاثنان أمام عدسة الكاميرا، بكثير من التلقائية.
مشاركة :