خواطر تربوية وتعليمية من الميدان ( 2 )عماد محمد علي جمبي من غير الملائم لي أبدًا أن أستوعب فكرة إقرار أطر تنظيمية معينة ثم أنقلب عليها لاحقًا دون أي اعتبار أو حتى إحساس بالخطأ. على المستوى التعليمي ربما كثيرين لاحظوا مثل هذا الأمر وذلك فيما يتعلق بنظام الطفولة المبكرة، فبينما عبّر المسؤولون في وقت سابق بأن تسجيل طلاب الصفوف الأولية البنين، تحديدًا الصفين الأول والثاني في مدرسة البنات هو أمر اختياري بالنسبة لأولياء الأمور، وبعدما استقر معظم أولياء الأمور على عدم تسجيل أبنائهم في مدرسة البنات، انقلب المسؤولون اليوم على إعلانهم السابق وأمروا بنقل جميع الطلاب إلى مدرسة البنات بشكل إجباري. لا يتوقف ضرر هذا القرار عند حد التراجع عن التعهد السابق لهم، بكون التسجيل اختياري، بل يمتد ليشمل مسألة الاستيعاب ذاتها، فقد صُمِمت مدرسة البنات وجُهزت لوجستياً لتستوعب فصلين فقط، بمتوسط أعداد 27 طالب للفصل الواحد، بينما الأعداد المفترضة للطلاب المنقولين هي أكثر من ذلك، وهو ما يشير إلى تكدس طلابي قادم، تكدس يمكن أن يعطل الوصول إلى بيئة صفية إيجابية ومناسبة لهؤلاء الأطفال. المدرسة ليست مبانٍ جامدة تعلم الطلاب مناهج نظرية، وإنما هي مؤسسات تكاملية تتراص عناصرها المختلفة جنباً إلى جنب حتى تسطع في الأخير بالقيمة وبطلاب يتحملون المسؤولية كما يحملون العلم تماماً. كيف لهؤلاء الطلاب المنتقلون حديثًا إلى مدرسة البنات أن يتعلموا المسؤولية واحترام التعهدات، في حين يشاهدون كما تشاهد أسرهم هذا التخبط الإداري والتنظيمي الذي نعاني منه، باختصار كيف نغرس نبتنا الصغير هذا؛ في أرض مقفرة بعيدة كل البعد عن عمران القيم وما يؤدي إليها؟!
مشاركة :