في موسم الكرة الطائرة الجديد عيون المتابع لن تكون منصبّة على ناد واحد بعينه، بل ستقفز من ناد إلى آخر، ونترك هذا الفهم لحدس المتابع، ولكن بحسابات نسبية تختلف من ناد إلى آخر لأسباب لا داعي لذكرها لأنّها بديهية ويعرفها القاصي والدّاني على حدّ سواء، وفي المواسم السابقة كانت العيون ترصد الأندية التي تتسابق على الكراسي والمراكز الأولى، غير أنّ التحولات التي طرأت على بعض الأندية خلال المواسم الأخيرة، أسفر عنها أن المسابقات انقسمت إلى ضفتين، فالضفة الأولى يتنافس عليها الأربعة الأوائل، والضفة الثانية يتصارع عليها الآخرون، فصار لدينا نوعان من الصراع، الصراع على المقدمة، والصراع على الهروب عن المؤخّرة، ومن الوهلة الأولى قد يعطي هذا مؤشرا للمتابع المتواضع على أنّ تطورا طرأ على مسيرة التنافس في المسابقات، ولكن المتابع الحصيف الذي لا يرضى بالقشريات يرى في ذلك تقهقرا وتراجعا وتقلصا في عدد المتنافسين على المراكز الأولى، وطائرة بني جمرة خلال تواجدها في موسمها الثاني على التوالي مع الكبار، ستظل محلّ عناية المتابع بصفة عامة وأنصار النادي على وجه الخصوص لسبب سنتطرّق إليه خلال الأسطر اللاحقة. كلمة لا بدّ منها لو تحدثنا عن مسيرة الفريق خلال الموسم السابق الذي حقق فيه الجمريون المركز السابع في الترتيب تحت مسؤولية الكابتن حسن علي, هذا الأخير الذي تحوّل مؤخرا كما هو معروف إلى ناديه النصر مسقط رأسه، لرأينا من زاويتنا الخاصة أنّ الفريق كان يستحق مركزا أفضل من الذي حصل عليه وفقا للفرق التي تتنافس معه، والذي حال دون تحقيق ذلك هو بعض الإصابات التي وقع في فخّها بعض لاعبيه وخاصة الركائز الرئيسة التي كان الفريق يعوّل عليها، ومع ذلك تحاملت على نفسها ولعبت، نظرًا إلى محدودية توفر العنصر البشري الذي يسدّ غيابها هذا من جهة، ومن جهة ثانية الفريق استوعب فكر مدربه الكابتن حسن وهضمه ولكن هذا قد جاء متأخرا، والدليل على ذلك أنّ الفريق قدم مستويات جيدة أمام الفرق المنافسة لطبقته، ولكنه كان يفتقد اللمسة الأخيرة التي تنهي الأشواط لصالحه. ونقطة أخرى لا بد من التوقف عندها، وتتمثل في أنّ فريق بني جمرة كان الاستثناء الوحيد الذي خلت صفوفه من عنصر اللاعب المحترف، وحفاظ الفريق على مقعد له مع الكبار لموسم متوال ثان يحسب للجميع من دون استثناء من مسؤولين وجهاز فني ولاعبين وأنصار. الواقعية وطموح النبهان لا يمكن أن يختلف اثنان على أنّ مسؤولي النادي لا يريدون مدّ أرجلهم أبعد من ألحفتهم، ومن هذا المنطلق ستكون الواقعية في طموحهم هي العنوان الأبرز، من خلال تسجيل بقاء واستمرار جديد للفريق في أجواء الدرجة الأولى، وهذا لا ينفي أن يتقدم خطوة أو خطوتين في سلّم الترتيب متى جاءت الرياح بما يشتهي الجمريون ومن قبلهم مدرب الفريق الكابتن جاسم النبهان. والكابتن النبهان عاش واقع المسابقات كلاعب، ومتابع، بيد أنّ الأمر معه الآن بات مختلفا وهو يخوض تجربته التدريبية الأولى مع الفريق، والطموحات التي يسعى إليها مدرب الفريق حقّ مشروع له ولغيره من المدربين، فالنبهان يريد من تجربته الأولى - التي يتمنى له فيها الجميع أن يصاحبها التوفيق والنجاح- أن يكون مكسبا جديدا للكرة الطائرة المحلية على مستوى التدريب، المهنة التي دائما ما تكون محفوفة بالمسؤولية والنجاح والإخفاق والخطر، فالنبهان يريد أن يقدم فريقه في حلّة جديدة، ويجعله يلعب كرة طائرة حقيقية، وهذا المطلب جميل في شكله ولكن لا يخلو من الصعوبة، على اعتبار أنّ ذلك يحتاج إلى عمل مضاعف واجتهاد غير طبيعي من اللاعبين لانسجام اللاعبين والمدرب معا بغية استيعاب فكر الآخر وتنفيذه على أرض الواقع. فالنبهان يثق في نفسه، وفي العمل الذي سيقوم به، وهذا شيء جيد من هذه الناحية، ولكن نصيحة من صاحب هذه السطور للكابتن النبهان أن ينحو منحى التوازن بين طموحاته وطموح القائمين على شأن اللعبة ومسؤولي النادي، بل متى ما تمكّن الكابتن النبهان من تغليب الواقعية في وقت من الأوقات حتى لو جاء ذلك على حساب رؤاه، فإن ذلك سيصبّ في صالح الجميع، ولن نجد أحدا فيما بعد سيوجّه له أصابع الاتهام متى ما حصل غير المرغوب فيه، رغم معرفتنا بأنّ المدرب دائما ما يكون (كبش الفداء) مع أيّ إخفاق يقع فيه أيّ فريق في أيّ لعبة.
مشاركة :