قبل 10 سنوات، كانت أفغانستان أسوأ مكان في العالم يمكن أن يولد فيه إنسان، وفقاً لمنظمة الطفولة «يونيسيف». لايزال هذا صحيحاً، اليوم. الفقر ونقص الكهرباء والمياه النظيفة والاعتداء الجنسي على نطاق واسع على النساء والفتيات هي ببساطة حقائق في الحياة اليومية. وشهدت البلاد نحو 40 عاماً من العنف، مع 18 عاماً من الصراع المتواصل بعد الغزو الأميركي، في 2001. اليوم، يواجه الشباب الأفغاني أزمة يأس. لا توفر الانتخابات الرئاسية التي أجريت، أول من أمس، سوى القليل من فرص الإغاثة. بعد انهيار محادثات السلام بين الولايات المتحدة وحركة طالبان في وقت سابق من هذا الشهر، تصاعد العنف بشكل لافت. نفذ مقاتلو طالبان سلسلة من التفجيرات الانتحارية في كابل وفي جميع أنحاء البلاد في الفترة التي سبقت التصويت، والتي تأخرت بالفعل مرات عدة بسبب المخاوف الأمنية. رداً على ذلك، كثفت القوات الأميركية والأفغانية الهجمات البرية والغارات الجوية، وأسفرت غارة قامت بها وحدة كوماندوس أفغانية مدعومة من قوات أميركية في إقليم تسيطر عليه الحركة، في وقت سابق من هذا الأسبوع، عن مقتل 40 مدنياً. لقد كان للعنف تأثير واضح في حياة ملايين الأفغان، ويسيطر الصراع على السياسة، ولا يترك مجالاً للحوار أو العمل على مجموعة كبيرة من القضايا الاجتماعية والاقتصادية المهملة. يتحمل الشباب أعباء الماضي الثقيلة ويتلقون القليل من الدعم من حكومة يسيطر عليها كبار السن، أو من «طالبان» في المناطق التي يسيطرون عليها، أو من الولايات المتحدة. إن تداعيات العنف، الذي طال أمده، وعدم اليقين تتجاوز نطاق السياسة. لقد خربت الحرب نفسية الأفغان، مثلها مثل المباني والبنية التحتية، وبينما تكافح البلدان للتغلب على تركة الصراعات، غالباً ما يتم التغاضي عن الأضرار النفسية. بغض النظر عن نتيجة الانتخابات الرئاسية أو اتفاق السلام المستقبلي مع «طالبان»، فإن صدمة الحرب الجماعية ستظل تطارد الأجيال القادمة من الأفغان إذا لم تتم معالجتها. أنا واحد من العديد من أطفال أفغانستان الذين تضرروا من هذه الحرب، صورة الجندي الأميركي الشاب العصبي وهو يوجه بندقية إلى جبهتي لأنه يشتبه في أنني أحمل قنبلة أسفل قميصي، ظلت تطاردني لسنوات. تدهور الأوضاع كشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «غالوب»، في وقت سابق من هذا الشهر عن مدى تدهور الأوضاع في أفغانستان: قال 85% من المشاركين إنهم «يعانون» نفسياً بشكل أو بآخر، ولم يقل أي من المجيبين إنهم «يزدهرون». وعندما طُلب من المستطلعة آراؤهم أنفسهم التنبؤ بنوعية حياتهم، في السنوات الخمس المقبلة، توقعوا أن تتراجع وتزداد سوءاً. معظم البالغين الذين تمت مقابلتهم كانوا في سن الـ35 أو أقل. لقد توصل شباب أفغانستان إلى توافق في الآراء بشأن التشاؤم. الصراع العنيف هو السبب الرئيس للاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، بينما تشرد الملايين من الناس، وباتت الفرص محدودة لتحسين سبل العيش. وفي حين أن الحكومة مشغولة بالحفاظ على قبضتها على السلطة، وسعي «طالبان» لتعزيز موقفها التفاوضي، فإن الكثير من الأفغان عالقون في الوسط، القلق والاكتئاب واضطرابات ما بعد الصدمة هي عواقب لا مفر منها. عادة ما تأتي المساعدات الدولية لأفغانستان في شكل حزم غذائية وأدوية ولقاحات وأموال للبنية التحتية، على الرغم من أهمية هذه الموارد، فإنها تهمل ضرورة غير مرئية ألا وهي «الصحة العقلية». قدرت منظمة الصحة العالمية أن أكثر من مليوني شخص في أفغانستان يعانون اضطرابات الاكتئاب والقلق، ومع ذلك، تشير نتائج مسح «غالوب» والتقديرات الأخرى إلى أن الأرقام الحقيقية من المحتمل أن تكون أعلى من ذلك بكثير. من المؤكد أن الملايين يحتاجون إلى شكل من أشكال الدعم النفسي. وأفادت «اللجنة الأفغانية المستقلة لحقوق الإنسان»، العام الماضي، بأن نحو 3000 أفغاني يحاولون الانتحار كل عام، وأن النساء قمن بنحو 80% من تلك المحاولات. في المجتمع الأبوي الثابت للغاية، تواجه النساء والفتيات أكثر الظروف قسوة ولديهن موارد محدودة للمساعدة والعلاج. زواج الأطفال القسري، والإيذاء المنزلي، والضغوط الاجتماعية ليست سوى عدد قليل من أساليب العقبات التي يواجهونها، نظراً لأن الرعاية الصحية العقلية والانتحار موصومان بالعار، في أفغانستان، فإن العديد من محاولات الانتحار وأزمات الصحة العقلية الشديدة لا يتم الإبلاغ عنها. مرافق نادرة مرافق الصحة العقلية في أفغانستان نادرة. اعتباراً من العام الماضي، كان في البلاد مستشفى واحد للأمراض النفسية، ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، تعاني مراكز الرعاية الصحية في جميع أنحاء البلاد منذ فترة طويلة نقص الأطباء النفسيين المدربين والممرضين النفسيين وعلماء النفس والأخصائيين الاجتماعيين، والخدمات الموجودة تفتقر إلى التمويل المناسب. إذا كان على الأفغان الخروج من الظلام وبناء حياة أفضل، فكل مقاطعة تحتاج إلى مراكز لإعادة التأهيل وخدمات رعاية الصحة العقلية المتاحة للجمهور، خصوصاً في المناطق الريفية. هذه المرافق تحتاج إلى مراقبة وإشراف لضمان جودة الرعاية، يجب على الحكومة أيضاً إطلاق حملات توعية لمكافحة وصمة العار المرتبطة بالصحة العقلية في أفغانستان، مع التركيز على نضالات النساء والفتيات. لحسن الحظ، تمكنت من البحث عن الرعاية والعلاج المناسبين في الولايات المتحدة لمحاربة اضطراب ما بعد الصدمة. معظم الأفغان الآخرين، بعضهم مثلي وبعضهم عانوا أكثر بكثير، ليس لديهم هذه الفرصة، آلامهم مستمرة، في حين أن الحكومة، التي تدعي أنها تمثلهم، تظل صامتة. إن جيلاً من الأفغان، اليوم، لم يعرف سوى الحرب والفوضى. بغض النظر عمن يفوز في انتخابات الرئاسة، يجب على الحكومة الجديدة أن تفهم أنه لا يمكنها التغاضي عن هذا الوضع الرهيب، مستقبل أفغانستان يعتمد عليه. يحتاج الأفغان إلى المساعدة للشفاء، لقد أثبت الشعب الأفغاني أنه تمكن من البقاء، لكن حتى في ظل السلام لن تتلاشى كوابيسهم دون رعاية مناسبة. عندها فقط ستتمكن البلاد من الازدهار. شهراب أزاد كاتب ومحلل سياسي عرقلة الخدمات الدمار في البلاد طال كل المرافق الحيوية. أ.ف.ب خلّفت عقود من الصراع ما يقدر بنحو 800 ألف أفغاني (2.7٪ من السكان) يعانون مجموعة من الإعاقات الشديدة. الفئات الرئيسة للإعاقة هي المادية (37٪)، والحسية (26٪) والإعاقة المتعددة (6٪). ويعيش ما بين 60 و80% من الأشخاص ذوي الإعاقة في المناطق الريفية وشبه الحضرية، ويعرقل تقديم الخدمات التأهيلية للأشخاص ذوي الإعاقة بسبب نقص الخبرة المؤسسية والممارسين المدربين والمعلمين المهرة وضعف المعرفة المجتمعية والحواجز المادية للعلاج. غالباً ما يعرقل بُعد الخدمات ونقص التمويل وصول الفئات الضعيفة إلى الخدمات، 21 فقط من أصل 34 مقاطعة لديها خدمات إعادة التأهيل البدني، وتقدم المنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية أغلب الخدمات للمعاقين. كل ليلة تقريباً، يخضع شخص أو اثنان على الأقل للعلاج في مستشفيات كابل بعد محاولة انتحار، ويعتبر «اضطراب ما بعد الصدمة» واحداً من أهم مسببات الانتحار. ويقول مسؤولون في وزارة الصحة الأفغانية، إن القصور في فهم الصحة العقلية وصل إلى جميع المستويات، ولابد أن تنهض الحكومة لمواجهة هذا التحدي القومي؛ إذ لا يعرف الناس الأمراض العقلية، لذا يطلقون أسماء عديدة على المرضى مثل «بلهاء، مجانين، أغبياء أو ملبوسين»، ويبدو أن وصم المرض العقلي ليس موجوداً فقط بين الأشخاص العاديين، وإنما بين الأطباء والموظفين، وصناع السياسة أيضاً. الحرب دمرت نفسية الأفغان، مثلها مثل المباني والبنية التحتية، وبينما تكافح البلدان للتغلب على تركة الصراعات، غالباً ما يتم التغاضي عن الأضرار النفسية. 800 ألف أفغاني يعانون الإعاقة الشديدة. ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :